#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
بإيماننا نفرح رُغم الألم!!
🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 20 دقيقة.
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1⃣ الله يجعل لنا مواسِم تذكرنا بأن دوام الحالِ من المُحال.
2⃣ نفرح رغم الألم!!
3⃣ يقيننا بأن مع العسر يُسرى
4⃣ التسليم والرضا نتيجة إيمانٍ راسخ
5⃣ السعي من ثمرات الإيمان فسنن الله الكونية لا تُحابي أحداً.
🔴 الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية:
6⃣ تميّز المسلمين بأعيادهم، وآدابهم فيها.
7⃣ توجيهاتٌ للنساء: غضُّ البصر، الحجاب.
8⃣ زوجُكِ مفتاحُك للجنَّة.
ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى:
الله أكبر (تسعا)
1- الله أكبر عدد ما ذكرَ اللهَ ذاكرٌ وكَبَّر،
2- الله أكبر عدد ما تاب تائب واستغفر،
3- الله أكبر ما أقبَلَ شهرُ الصيام وأدبر،
4- الله أكبر كُلما لاح صباح عيد وأسفر،
5- الله أكبر ما فرح الصائم بتَمام صيامه واستبشر،
6- الله أكبر ما سطع فجرُ الإسلام وأسفر،
7- الله أكبر عدد قطر الأمطار،
8- الله أكبر عدد أوراق الأشجار،
9- الله أكبر عدد ما أظلم عليه الليل وأضاء عليه النهار،
الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلا، الحمد لله كان بعباده خبيراً بصيراً, وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنَّهار خِلفة لمن أراد أن يذَّكر أو أراد شُكوراً.
والصلاة والسلام على من بعثهُ ربُّه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنِه وسِراجاً منيراً, فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وكشفَ الله به الغُمَّة، وجاهد في الله حقَّ الجِهادِ حتى أتاه اليقين, صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بَعد إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد …
يوم عيدٍ يتجدد على أمَّة الإسلام يفرح فيه المسلمون بتمام الشهر الفضيل، يفرح فيه المؤمنون بأن أتمَّ الله نعمتَهُ عليهم فأعانهم على الطاعات في رمضان، فصاموا نهاره وقاموا ليله وذكروا الله فيه … ضاعف الله لهم فيه الحسنات وحطَّ وغفر لعباده كثيرًا من السيِّئات… يفرح المسلمون بأن شدَّ الله عزيمتهم وقوَّى بأسهم في ذاك الشهر الفضيل… يفرح المؤمنون؟!!
نعم … يفرح المؤمنون رغم آلامهم، يفرح المسلمون رغم جراحهم، يفرحون بنعمة الله عليهم، يفرحون بُقربهم من ربِّهم، وبصبرهم على طاعته على الرغم من شِدَّة الابتلاء، يفرحون بقلوبٍ غمرتها الثِّقةُ بالله العلي القدير، وهذا لا يكون إلَّا لأهل الإيمان واليقين (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس:58].
أهل اليقين، أهل الإيمان، يفرحون حيث أمرهم الله بالفرَح، يحزنون حيث أمرهم بالحزن، يثبتون حيث أمرهم بالثبات، يصبرون حيث أمرهم بالصبر…
أهل الإيمان يعرفون أنَّ مِن الحكم المُستمدَّة مِن هذه الأعياد والمناسبات أن يذكِّرنا الله بتقلُّب الدهر والزمان، وتغيُّر الأيامِ من حالٍ إلى حال، فالبارحة كُنَّا صائمين واليوم نحن مفطرون بنعمةِ الله متلذِّذون، يذكِّرنا الله أنَّ الدنيا لا تدوم على شأنٍ ولا على حالٍ واحد، فكم من عزيزٍ أذلَّه الله، وكم من ذليلٍ أعزَّه الله، وكم من ضعيفٍ نصره الله وكم من قويٍّ متجبِّرٍ قهره الله، كم من غنيٍ افتقر، وكم من فقير اغتنى، وكم من صغيرٍ كبُرَ، وكم من كبيرٍ هَرِم، إنه حال الدنيا …
هي الأمور كما شاهدتَّها دولٌ …. من سرَّه زمنٌ ساءته أزمانُ
يغيِّر الله فيها الأوضاع من حالٍ إلى حال، يغيِّرها لكي يمتحننا ولكي يختبرنا ويبتلينا بالخير والشر فينظر كيف تعملون، يبتلينا بالنعمة، ليقيم الحُجَّة علينا، أتُرانا نشكر؟! ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) [إبراهيم:7]
يمتحننا بالبأساء والضراء ليعلم – وهو بكل شيءٍ عليم – ليعلم أنجاهدُ ونصبر:
((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)) (آل عِمران: 142)
يمتحننا بشيءٍ من السُّلطة أو الزعامة والقوة، ((قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)) (الأعراف:129)
نعم أيها السادة هكذا حال الدنيا، يغيِّرها الله ويُقلِّبها كيف شاء، ((لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)) (الأنبياء:23) يبدِّلها كيف يشاء لكي تبقى القلوب معلَّقةً بالله بين الخوف والرجاء، يحوِّلها كيف يشاء فتظهر حقيقة النفوس المؤمنة المطمئنَّة الراضية بقضاء الله وقدره، تظهر حقيقة إيمان من علِمَ أن الله تعالى هو وحده مصرِّف الأكوان، هو الخافض والرافع والقابض والباسط، هو الأوَّل والآخِر هو المعطي المانع، ((وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)) (الأنعام: 18)
عباد الله، المؤمنون يعلمون أنَّ خير الدنيا والآخرة لا يُنال إلا برضا الله وبطاعته فتراهم صابرين شاكرين حامدين حتى في أحلك الظروف ((إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)) [يوسف:87]
تراهم موقنين بأنَّ الله تعالى سيصلح بالهم وسيُغيِّرُ حالهم وسيجعل من بعد عُسرٍ يُسرى ((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)) [الشرح:5-6]
نعم أيها المؤمنون، نعم أيها الصابرون الصامدون المرابطون، نعم إخوة الإيمان والعقيدة، كُلُّنا يقينٌ بالله بأنَّ بعد العسر يُسرى، وبأنَّ بعد حُلكة الليل وظلمة الليل فجرٌ منيرٌ سوف يُشرق، وبأنَّ الله تعالى يمتحننا ويبتلينا حتى نجتهد ونعمل ونسعى فيما يُحبُّ الله ويرضى، فنتوكَّل على الله ونعتمد على الله وحده ونأخذُ بالأسباب فسنن الله الكونية لا تحابي أحدا في هذه الدنيا، ليقيم الله الحجَّة على الخلق فينظر كيف يعملون، ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)) (الجاثية:15) أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية
1- الله أكبر ما تعالت أصوات الناس بالتكبير،
2- الله أكبر ما تفتحت أبوابُ السماء في هذا الصباح المنير،
3- الله أكبر ما تنزلت علينا رحمة ربنا العلي القدير،
4- الله أكبر ما توحدت أهداف الموحِّدين،
5- الله أكبر ما تقاربت قلوبُ المسلمين،
6- الله أكبر ما تضافرت جهود المؤمنين،
7- الله أكبر ما تصافت نفوسُ عباد الله الصادقين،
الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلا، أمَّا بعد إخوة الإيمان: فإنّ من نِعم الله على أمَة الإسلام أنّه جعل لنا عيدًا يعود علينا في كل عام مرَّتين نفرح فيه ونلهو. خصّنا الله به نحن أهل الإسلام، لنتميز بأعيادنا عن أهلِ الكفر والعصيان فلا نُعيّد في أعيادهم ولا نتشبَّه بهم في أعيادنا كما يفعلُ الفسقة والجهَّال، وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود والنسائي عَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه – قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ « مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ». قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ ». و لذلك فقد ورد في الصحاح أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن صوم يوم الفطر وأيام عيد الأضحى؛ فأيام العيد أيام فرح وبهجة وسرور وترويحٍ عن النفس، أيام فرَحٍ بزيارة الأهل والأصحاب والجيران والأحباب… أيام لعب ولهو فيما أحلّ الله وأباح… أيام تسلية بالكلام والنشيد الحسن لا بالغناء الفاجر ولا بالكلام الماجن.
فأعيادنا – أيها السادة – أيام محبّةٍ وسرور عمادها التآخي والحب والسخاء والبذل والعطاء والعفو والمغفرة ونبذ القطيعة والشحناء، وما أحوجنا في هذه الأيام بالذات لأن يحب بعضنا بعضًا، لأن يسامح بعضنا بعضا، لأن يجود ميسورنا على معسورنا، لأن يبذل كُلٌّ منّا ما يستطيعه ليُدخِل الفرح والسرور على قلوب إخوانه.
أيامُ عيدنا، أيام تزاورٍ في الله، بحِشمةٍ بين المتزاورين، فلا خُلطة محرّمة بين الرجال والنساء ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول – فيما رواه البخاري ومسلم – : (( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء(( وفي البخاري ومسلمٍ أيضًا، عن عُقبة بن عامر – رضي الله عنه – : أَنَّ رسولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قال : “إِيِّاكُم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصارِ: أَفرأيتَ الحَمْوَ ؟ قال : الحَمْوُ: الموتُ”… فكم جرّ الاختلاط المُحرَّم على الأسر من البلايا والرزايا ما لا يعلمه إلّا الله …
وفي هذا الباب أيضًا فقد أمر الله تعالى الرجال والنِّساء جميعًا بغضِّ البصر فقال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور:30-31)
فكما أمر الله الرجال بغضِّ البصر، فقد أمر نساء المسلمين بغضِّ البصر أيضًا، فمعظم الضرر مبدؤه من النظر.
فلنلتزم أمر الله في أنفسنا وأهالينا ولنكن عونًا على الخير ولنأمر نساءنا عند الخروج من المنزل أو قدوم غير المحارم بلزوم الأدب والحشمة وعدم التبرّج ولبس الحجاب الشرعي السابغ الساتر الذي يعمّ سائر الجسد ولا يَشِفُّ ولا يصف شكل الجسم، ولتعلم الأخواتُ المسلمات أنَّ طاعة الزوج في الحقِّ مفتاحٌ لجنَّة النعيم فرسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ((إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ)). [رواه أحمد والطبراني والحديث حسن لغيره].
اللهم اجعلنا وذرارينا وأهلينا ممن يدخلون جنَّة النعيم بغير حسابٍ ولا سابقةِ عذاب، اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنَّا وما أنت أعلم به منَّا أنتم المقدِّم وأنت المؤخِّر وأنت على ما تشاء قدير، اقسم اللهم لنا الخير حيث كان ونجِّنا من الظلام والفجار والضُلّال…
اللهم اجعل قادم أيامنا خيرًا من ماضيها، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيَّامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنَّا… اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عينٍ ولا أقلَّ من ذلك … الله إنا نسألك أن تجعل قابل أيامنا أيام نصرٍ وفرجٍ وفتحٍ وعزٍّ وتمكينٍ للمسلمين… بفضل سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربِّ العالمين.
قوموا هنِّئوا بعضكم وسلِّموا على إخوانكم، تقبَّل الله منَّا ومنكم، وكلُّ عامٍ وأنتم بخير