الاستعداد لرمضانخطبخطبة الجمعةرمضانصوركاتبمحمد أبو النصرملفات وبطاقات دعويةمناسبات الأشهر القمرية

مدرسة رمضان

خطبة الجمعة 131

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

مدرسة رمضان

التاريخ: 7/ رمضان/1438هـ
الموافق: 2/ أيار/2017م
🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 21 دقيقة.

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:

1⃣ أيَّامًا مَعْدُودَاتٍ
2⃣ أيَّامًا مَعْدُودَاتٍ
3⃣ مدرسة الصبر
4⃣ مدرسة الإحساس بمشاعر الآخرين
5⃣ مدرسة الصمود في وجه سلاح التجويع (سلاح الطواغيت)
6⃣ مدرسة التشجيع على الصدقات
7⃣ مدرسة التحرُّر مِن أسرِ العادات
8⃣ مدرسة إصلاح ذات البين
9⃣ مدرسةُ التقوى
🔟 مدرسة العادات الإيجابية
1⃣1⃣ مدرسة احترام الوقتِ وتنظيمه
2⃣1⃣ مدرسةُ إعداد المجتمع المجاهد
3⃣1⃣ ويُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا

🔴 الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية:

4⃣1⃣ الامتحانات وتوزيع النتائج والجوائز في مدرسة رمضان.
5⃣1⃣ المفصولون من المدرسة لسوءِ خُلُقِهم.

رابط الخطبة على الفيسبوك لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

 

 

ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى:

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فهو المهتدي ومن يُضلِل فلن تجد له وليًّا مُرشِدًا، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ نبيّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وصفيِّه وخليله، أَرْسَلَهُ ربُّه بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغرِّ المُحجَّلين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أمَّا بعد إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ….)) [البقرة:183-184]

وحديثنا اليوم أيها السادة وقد مضى أسبوع من شهر رمضان الفضيل، أسبوعٌ مضى من هذه الأيام المعدودات التي قلَّلها الله لنا إذ قال : (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) أي أيّامًا قليلةً سريعة المُضيِّ، سرعان ما تمضي، يربح فيها من شمَّر واجتهد وبذل وأعطى، ويخسرُ فيها من تكاسل وقَعَد وغفِل وسهى عن بركة هذه الأيام الفضيلة، هذه الأيام التي جعلها الله لنا مدرسةً تربويَّةً ودورةً مكثَّفةً تدريبية، نكتسب فيها جُملةً من الفوائد الدنيويَّةِ والأخرويَّة.
إنَّها الأيام المعدودات، إنَّها مدرسةُ رمضان أيها الأحبَّة إنها المدرسةُ التي نتعلَّم فيها ما لا نتعلَّمه في غيرها:

إنها المدرسةُ التي تُعلِّمُنا الصبر، والصبرُ مفتاح النصر، والصبرُ مفتاح الفرج، وبالصبر تُنالُ معيَّةُ الله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة:153]. وبالصبر ننال خير الدنيا والآخرة… بالصبر في علاقتنا مع ربِّنا ومع أُسرِنا ومع مجتمعنا، (( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ )) [فُصِّلت:35].
إنَّها مدرسةُ رمضان، مدرسة الصبر، مدرسُةٌ تُعلِّمنا الشعور بأحاسيسٍ الآخرين، فنتعلَّم الشعور بأحاسيس الجياع والعطشى، فكم مِن جائعٍ لا يجد ما يسُدُّ به رمقه، وكم من عطشانٍ لا يجد ما يروي به ظمأه.
مدرسة الشعور بالآخرين أيها الأحِبَّة، وقد أنعم الله علينا في هذه البلاد بالمياه وبأصناف المزروعات، أنعم الله علينا في الشام نعمًا لاتُعدُّ ولا تُحصى، حتى أن أشدَّ الناس فقرًا في بلادنا هو خيرٌ حالًا من كثيرٍ من سُكَّان بلادٍ أُخرى، حيث القحط والجفاف والمجاعات… ولهذا أتت مدرسة رمضان، أتت لكي تُعلِّمنا معنى الشعور بأولئك الذين لا يجدون ما يسدُّ رمقهم.
أتت مدرسةُ رمضان لكي تعوِّدَنا على الجوع والعطش لكي لا يبقى الجوع والعطشُ سلاحًا يُخيفنا، لكي لا يبقى الجوع والعطش سلاحًا يُهددنا به أعداؤنا، وجلُّ طواغيت العرب والعجم يُذلّون شعوبهم ويحكمونهم بنظرية الإذلال بلقمة العيش (كما يقولون: جوِّع كلبك بيلحقك) أتى رمضان لكي يُحصِّننا ضدَّ نظريتهم هذه، أتى رمضان لكي يعوِّدنا الجوعَ فلا يبقى الجوع نُقطة ضعفٍ عندنا، أتى رمضان لكي لا يبقى الجوع سلاحًا يُخيفنا، حتى لا يكونَ الجوعُ سببًا لانكسارنا وانهزامنا.
إنَّها مدرسة رمضان التي تجعلنا نشعر بشعور الجياع لتدفعنا إلى مزيدٍ من البذل والعطاء، ولذلك كانت زكاة الفِطر في آخرِ رمضان فريضةً تُجسِّدُ التطبيق العملي لإحساسنا ولتعاطفنا مع الفقراء من إخواننا، إنها مدرسة التشجيع على الصدقات، التي ترتقي بنا لنكون ممن قال الله تعالى عنهم: (( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا )) [الإنسان:8].

إنَّها مدرسة رمضان؛ مدرسة التحرُّر من العادات التي غدونا أُسارى لديها؛ فكثيرٌ منا أيها السادة لديه أمورٌ بدأت سلوكًا عابرًا، ثمَّ ما لبِثث بالتكرار أن تحولت لعاداتٍ يتضايقُ إن غابت عنه أو حُرِم من ممارستها؛ غدا كثيرٌ منَّا أسيرًا لعاداتِه لا يستطيع أن ينفكَّ عنها، فيأتينا شهر رمضان لكي يغيِّر لنا جُلَّ عاداتِنا، لكي يُغيِّر لنا روتين بَرنامجنا اليومي، يُغيِّر لنا مواعيد نومنا واستيقاظنا، يُغيِّر لنا مواعيد إفطارنا وعملنا… يأتيك رمضان ليجبرك على التخلِّي عن عادة التدخين السلبية لتجد نفسك قادرًا على الصبر عنها طيلة اليوم، فتعرف بأنَّك قادرٌ على التخلي عنها لو عزمت على ذلك، لتجد نفسك قادرًا على التخلِّي عن كثيرٍ من العادات التي أسرت نفسك لها، إنها مدرسةُ رمضان، إنها مدرسةُ التغيير، مدرسة التحرُّر من أسر العادات.

إنها مدرسةُ رمضان، مدرسةُ التقوى، مدرسةُ مراقبة الله تعالى في السرِّ والعلن،
قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) [البقرة:183]. لعلَّكم تتعلمون وتعتادون على تقوى الله ومراقبته، فلا تنتهكوا حُرمات الله إن اختليتم بها…
فكِّر معي أيها المسلم، ما الذي يمنعك من شرب الماء وتناول الطعام وأنت في خلوتك فيما بينك وبين نفسِك؟؟! أليست هي تقوى الله؟ أليست هي مراقبة الله؟ أليست هي الخشية من الله والرغبة في ثوابه؟
إنَّها مدرسة التعويد على التقوى، كما استطعت أن تمنع نفسك شهوة الطعام والشراب عندما اختليت بها، هذا التدريب على التقوى يُعينك لكي تصبر على غيرها من الشهوات، فلا تنتهك حرماتِ الله ان اختليت بها.
هذه هي مدرسة التقوى العظيمة، مدرسة الاستقامة على أمرِ الله، ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)) [فُصِّلت:30]، كثيرٌ هم من قالوا ربُّنا الله، ولكن قليلٌ هم مَن استقاموا، وما هذا إلا لضعف التقوى ولضعف مراقبة الله، هذه الخِلَّةُ التي أتى رمضان لينمِّيها في قلوبنا وفي ضمائرنا…

إنَّها مدرسةُ رمضان – أيها الأحبَّة – إنها المدرسة التي أتت لكي تُصلِح ذات بيننا، ولكي توحِّد مجتمعنا وأُسرنا، ولكي تُصلح عاداتٍ سلبيَّةً غدت فاشيةً فيما بيننا…
أبسط ذلك نراه مُتجسِّدًا في اجتماعنا على مأدُبة الطعام، التي قد لا تجتمع بعض الأسر عليها في غير رمضان لكثرة المشاغل وتنوِّعها، وفي الحديث الحسن الذي رواه أبو داود وابن ماجه، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلاَ نَشْبَعُ. قَالَ « فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ ؟» [أي لعلَّكم لا تجتمعون على طعامكم]. قَالُوا نَعَمْ. قَالَ: « فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ ».
إنَّها مدرسة رمضان أيُّها الأحبَّة، المدرسةُ التي أتت لتعيدنا إلى عاداتٍ إيجابيَّةٍ نسينا بعضها، إنها المدرسةُ التي أتت لتعزِّز الروح الإيجابيَّة داخل عوائلنا وأسرنا، فنجتمع على الطاعات، ونتعاون على الخيرات، نجتمع على الدعاء والصلاة والعبادة، فيجمع الوالد زوجته وبنيه للدعاء قُبيل الإفطار ساعةَ الإجابة، يجتمعون للذهاب إلى صلاة التراويح معًا، يجتمعون على قيام الليل … نجتمع على الطاعات والعبادات كما نجتمع ونلتقي على الطعام لنتحادث ونتسامر ولتزداد المودَّة بيننا… كلُّ هذه المشاعر والأفعال الإيجابية تنمو ووتزداد وتزدهر ببركة مدرسة رمضان.

أتت مدرسة رمضان – أيها الأحبَّة – لكي نتعلَّم فيها معنى احترام الوقت، هذا المعنى المهم الذي افتقدناه في مجتمعنا، فلم يعد لجوهر الحياة الدنيا الذي أقسم الله به إذ قال تعالى: ((وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ )) [العَصر:1-2] أقسم الله بالوقت والزمن لعظيم شأنه، هذا الوقت الذي لم يعد له قيمةٌ عند كثيرٍ منَّا، فلا تجد تنظيما ولا اهتمامًا بالوقت، ولا شعورًا بالمسؤولية تجاه تنظيم الأوقات، لا في اجتماعاتنا ولا في لقاءاتنا ولا في مواعيد عملنا، أمَّةٌ اعتادت على الاستهتار بوقتها فيأتي رمضان وتأتي مدرسته العظيمة لنتعلَّم تنظيم الوقتِ وضبطه، فوقتٌ محدد للامساك ووقتٌ محدَّدٌ للإفطار ووقتٌ لصلوات القيام … يأتينا رمضان لكي ُيعلِّمَنا معنى الالتزام بالوقت، يأتي رمضان لكي يُربِّينا على الانضباط بالمواعيد …
إنه رمضان ومدرسته العظيمة، مدرسةُ التربية على قوَّةِ الإرادة والجَلد، مدرسةُ إعداد المجتمع المجاهد، مدرسة إعداد المجتمع الصابِر، مدرسة إصلاح المفسدين، مدرسةُ توبةِ المُقصِّرين، مدرسة إحسانِ الصالحين، مدرسةُ تحويل المُحسِنين إلى مُصلحين.
إنَّها المدرسة التي أراد أعداؤنا وعملاؤهم أن يُفرغوها من معانيها؛ لتكون للمسلمينَ مجرَّد جوعٍ وعطش، بل ومعصيةٍ بمسلسلاتٍ وأفلام تُضيع لك وقتَ وبركةَ هذه الأيام المعدودات، (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا )) [النساء:27].

إنَّها مدرسة رمضان، من حُرِم خيرَها فقد حُرم، الله بارك لنا فيما بقي من رمضان… تقبَّل اللهمَّ منَّا وأعِنَّا على الصيام والقيام وغضِّ البصر وحِفظ اللسان، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله خير الوصايا وصيّةُ ربِّ البَرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]. فاتقوا الله عبادَ الله، فبتقوى الله العِصمة من الفِتن، والسلامةُ مِنَ المِحَن، واعلموا عباد الله أنَّ مدرسَة رمضان هي مدرسةٌ كسائر المدارس، فيها دوامٌ والتزامٌ وفي آخرها امتحانٌ يليه توزيعٌ للشهادات والجوائز، وهذه الامتحانات النهائية في مدرسة رمضان تبدأ مع بداية “العشر الأواخر” ، وتبلغ ذروتها في ليلة القدر، والنجاح فيها يكون بمقدار ما تمَّ تحصيله من موادِّها وتدريباتها، وما تم تحقيقه من مقاصِدها وفوائدها.
ويومُ العيدِ هو يوم توزيعِ الجوائز، فرُبَّ متفوِّقٍ ناجحٍ ورُبَّ راسبٍ خاسِر، بل وربَّ مفصولٍ من خلال سلوكٍ في المدرسةِ فاسد، وفي هذا يقول -صلى الله عليه وسلم- : ((رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ)) [والحديث صحيحٌ أخرجه أحمد والطبراني والبيهقي]. وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري، يقول – صلواتُ ربِّي وسلامه عليه -: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) [مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّور؛ من لم يدع الكذِب، من لم يدع الافتراءَ والتحريشَ بين النَّاسِ وإيقاعَ الفِتن بينهم فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ].

فيا فوز المُحسنين ويا خسارة المُسرِفين، يا خسارةَ من أدرك رمضان فلم يُغفر له،
يا خسارةَ من أدركَ رمضان فلم يجعل مِن رمضان بابًا وسببًا لزرع المودَّة بينه وبين إخوانه، بينهُ وبين أهلِ بيته، بل جعل رمضان سببًا للقطيعة والتنافر والشجار والخلاف بسوء أخلاقِه وضيق صدره، بحُجَّة صيامه.
سيّءُ الخُلق، يُبغِضُ الناسَ ويُبغِضُه الناس، يتشاجر معهم ويُسيءُ إليهم، فإذا سألتهُ تحجَّجَ بصيامه!!

وكأنَّ البعض – والعياذُ بالله – يَمُنُّون على الناس وعلى اللهِ بصيامهم، أو يتسخَّطون بسوء أخلاقهم وتعاملهم على ما افترضه الله عليهم، لينفِّروا الناس عن دين الله وليكرِّهوهم بما افترض الله عليهم، ولهذا كان من وصيِّة النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا: (( إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إنِّي صَائِمٌ )) [متفقٌ عَلَيْهِ]. …
وأحقُّ الناس بحسنِ خُلُقك في رمضان، زوجتك وأهل بيتك.

ولعلَّ البعض بحجَّة الصيام يُقلِّلُ أعماله، ويُطيل فترة المكوثَ في بيته، فإذا به بحجَّة صيامِه يتعامل بسيِّءِ الأخلاق مع زوجته، ومع بنيه، بحجَّة صيامِه وامتناعه عن الطعام والشراب، بأنَّه امتنع عن التدخين وما شابه ذلك… يُضيع أجر صيامِه بسيِّ خُلقه، وإن تظاهر بحسن الخُلق للناس، تراه سيِّءَ الخُلق مع زوجته وبنيه، ورسول الله – صلى الله عليه وسلَّم – [في الحديثِ الصحيح الذي رواه التِّرمذي وابن ماجه] يقول لنا مُعلِّمًا : (( خيرُكُم خيرُكم لأهلِه . وأنا خيرُكُم لأهلِي )) …
اللهم حسِّن أخلاقنا، وطهِّر قلوبنا وأصلِح سرَّنا وعلانيتنا برحمتك يا أرحم الراحمين …
إني داعٍ فأمِّنوا

0

تقييم المستخدمون: 0.35 ( 1 أصوات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى