التوعية النوعيةالثورة السوريةخطبخطبة الجمعةكاتبمتابعات وتوجيهاتمحمد أبو النصر

سلاح المسلم عزه – ومنع نزع سلاح المدنيين

خطبة الجمعة

التاريخ: 21/ محرّم/1436هـ
المكان: أحد مساجد حلب.
الخطيب: محمد أبو النصر.

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- (وَأَعِدُّوا لَهُمْ… وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) تدبر الآية (60) من سورة الأنفال، واستنباط الحِكَم منها.
2- قوتنا وسلاحنا ضمانٌ لنا من طغيان وإجرام من نعلم ومن لا نعلم.
3- (إن تنصروا الله ينصركم) وذلك بتقديم شرع الله بسؤال العلماء العاملين والتزام مشورتهم.
4- لن نسمح لأي قيادة في الثورة –هذا لو كان معترف بها أساسًا- بإصدار قرار يخالف شرع الله.
5- لماذا نتكلّم عن موضوع السلاح بانفعال وحميّة؟ وما خطورة ذلك؟
6- أين أنت يا مسلم من أمر الله وأمر رسوله بالتقوّي وبالتسلُّح؟
7- شعر لحسان بن ثابت (رضي الله عنه).

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
8- ردود علمية وعقلية من واقع الثورة على الدعاوى المشبوهة التي تروِّج لفكرة نزع سلاح المدنيين.
9- امتلاك السلاح من قبل مختلف أفراد المجتمع هو أحد أهمِّ الضمانات الأساسية لتحقيق التوازن والاستقرار في المجتمع.
10- وجوب التزام الآداب والأحكام الشرعية المتعلقة بحمل السلاح.(موضوع خطبة الأسبوع التالي)

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3
*ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذكر الدليل.

الخطبة الأولى:
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله فاستدرج الكفار بمكرِه، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كُلِّه.

القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُمانع، والظاهر عليهم فلا يُنازع، والآمرُ بما يشاء والحاكِم بما يريد فلا يدافع ولا يُراجع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشرك بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد من آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المحجَّلين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين أمّا بعد عباد الله:
يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (الأنفال:60)

إخوة الإيمان والعقيدة هذا أمر ربّاني وتوجيه إلهي لعباده المسلمين بأن يكونوا دائمًا على أُهبة الاستعداد مستنفذين وسعَهم وباذلين قُصارى ما لديهم ليلبّوا منادي الجهاد متى نادى وليدفعوا الضُّرَّ والظلم عنهم وعن غيرهم، فلا يتطاول عليهم متطاولٌ، ولا يبغ عليهم باغٍ وقد أخذ كل فردٍ فيهم استعداده لردّ الضيم عن نفسه وعمّن حوله بتملّك السلاح وبالتدريب عليه، لا للاعتداء على الآخرين ولكن لمقصدٍ مهم بيّنته الآية الكريمة
(تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفًا من حديد لما أقدم على الظلم، وهذا بالنسبةِ للعدوِّ الذي نعرفه ونشاهده، فما بالنا بمن هو أخطر وأدهى، ذاك الذي لا نعرفه ممن يكيد لنا ويتربّص بنا الدوائر، ذاك الذي حذّرنا الله منه بقوله: (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)
فالله تعالى يؤكّد لنا معاشر المسلمين أنّ قوتنا وسلاحنا ضمانٌ لنا من طغيان وإجرام من نعلم ومن لا نعلم، فكثيرٌ هم القريبون والبعيدون الذين يكيدون لنا المكائد.

(وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) فما تنفقونه طاعةً لأمر الله وأمر رسوله يوفّى إليكم عزًّا وتمكينًا في الدنيا وأجرًا وثوابًا في الآخرة وأنتم لا تظلمون.

أمّا إن خالفتم فالنتيجة قد شهدناها جميعًا عندما عشنا عشرات السنين مكسوري الجناح مقصوصي المخالب نرزحُ في قيود الذُّلِّ والعبودية للعصابة المجرمة الطائفية، أولئك الذين منعوا السلاح إلّا عن أزلامهم وعن شبيحتهم، وكلُّنا يعلم مقدار التضحيات ومقدار ما بُذِل من الدماء فضلًا عن الأموال حتى استطاع أهل هذه البلاد تأمين السلاح اللازم ليردّوا به الصائل عنهم.

وبعد كلّ هذا يطلُع علينا من لا نعرفهم ممن سمّوا أنفسهم قيادةً موحدةً لمدينة حلب، طلعوا علينا ليطالبوا بنزع سلاح المدنيين؟ بل وليصدروا أمرًا بذلك! وأنّى لهم؟

بل وكثيرٌ منّا لسان حاله يقول لهم: من أنتم؟ ومن أعطاكم الشرعية؟

وكيف لقيادةٍ – أنّا كانت – في ثورةٍ تسعى لنصرة دين الله ولإعلاء شرع الله أن تصدر قراراتٍ تخالف شرع الله؟ وأن تصدر قراراتِها مِن قبل أن تسأل أهل العلم والاختصاص؟ والله تعالى يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النحل:43)

ألم يأنِ الأوان لنفهم معنى قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) ألم يأن الأوان لكي يفهم المتصدِّرون أنّ أمر الله يجب أن يقدّم بسؤال العلماء العاملين وبالأخذ بمشورتهم وبالتزام قرارهم قبل ارتجال القرارات العشوائية على الطريقة البعثية التي تنظر للناس وكأنّهم فئران تجارب.
إخوة الإيمان عندما نتكلّم عن موضوع السلاح بانفعال وحميّة، فما ذاك إلّا لخطورة الموضوع:
فنزع السلاح مفتاح باب الذلِّ والهوان، مفتاح بابِ العودة بالناس إلى زمن تكميم الأفواه وإلى زمن تقسيم الناس إلى عزيزٍ وذليل.

ونحن قومٌ أعزّنا الله بالإسلام، ذاك العزُّ الذي لا يكون إلا بقوّةٍ تحميه لذلك ففي الحديث الذي يرويه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ)

أين أنت يا مسلم من أمر الله وأمر رسوله بالتقوّي وبالتسلُّح؟

أين أنت ونحن في زمن الحرب وأنت كالنساء لا تعرف استخدام السلاح ولا تتقنه؟

هل اتخذت القرار بالتولي عن الزحف سلفًا فلم تسع لتملّك السلاح ولا للتعلُّم عليه؟

أين أنت أيّها الغني الميسور وأنت لم تشتري سلاحًا تدفع به من أراد مالك أو عرضك بسوء؟

ألا تخشى مِن أن يتعرّض لك المجرمون المفسدون في الأرض فلا تجد ما تدفع به الشرّ عن نفسك وعرضِك؟

أسئلةٌ لابدّ من أن يُراجِع بها كلٌّ منّا نفسه.

ولنتذكّر دائمًا ولنعلّم أبناءنا بل ولنحفِّظهم ما قاله حسّان بن ثابت رضي الله عنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا خير في حقٍّ إذا لم تحمِـهِ …. حِلَقُ الحديدِ وألسُنُ النيرانِ
من لم يصُنه من العداوةِ سِلمُهُ ….صانتـه قوَّتُه منَ العدوانِ
اللهم ردّ عنّا عُدوان المعتدين وكيد الكائدين وحسد الحاسدين

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفا وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى عباد الله، خير الوصايا وصيّة رب البرايا:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) (النساء:131)، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن. أمّا بعد:
عودًا على بَدء ومع ذكرنا لما روّجه البعض من فكرة نزع سلاح المدنيين، وجب علينا كعلماء أن نُبيّن حكم ذلك وأن نوجِّه الناس ليَعُوا خطورة الترويج لمثل هذه الأفكار – سواءً في المرحلة الحالية أو بعد انتصار الثورة وإقامة الدولة بعون الله- فإضافةً لما أوردنا في خُطبتنا الأولى من تعارض هذا الأمر مع ظاهر الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، فقد أضفنا في ردّنا -نحن تجمّعُ دعاةِ الشام- مجموعةً من النِّقاط كان من أبرزها:
1- هل الذين يطلبون أن يُسلِّم النّاس أسلحتهم استطاعوا فرض الأمن والأمان وأمّنوا الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم؟

2- ألا يعلم القاصي والداني أنّ معظم التجاوزات والجرائم الخطيرة في مدينة حلب المحرّرة تحصل ممن يتسمَّون بأسماء بعض الكتائب والفصائل ويوصفون بأنّهم عسكريون وبالتالي لا تشملهم الدعوة لتسليم السلاح؟ ما هو الضابط أساسًا عند دعاة ذلك للتمييز بين المدني والعسكري في ثورة شعبية يشارك فيها النّاس من مختلف شرائح المجتمع؟

3- ألا يعلم أولئك بأنّ إصدار هكذا قرار بهذه الطريقة وفي هذا الوقت ومن غير أهله –هذا على فرض حُسن نيّة من أصدره- يفتح بابًا ويضع ذريعةً للتسلُّط ولسلب أسلحة النّاس ولسرقتها من قبل مختلف كتائب اللصوصية التي تُلحق نفسها زورًا وبهتانًا بالمجاهدين؟

والجميع يعلمُ بأنّ هذا القرار قد صدر على خلفية الاقتتال الذي حصل في مدينة حلب بين طرفين يصفان نفسيهما بالعسكرة فما دخل المدنيين في ذلك؟

أم أن هذا من باب سياسة العقاب الجماعي، سياسة الفجَرَة الظلمة؟ سياسة تلك الفصائل التي لا تتجرّأ على أن تحاسب كبار المجرمين ولا ترضى بأن يأتي غيرها ليريح النّاس منهم، ثمّ تتسلّطُ على الضعفاء الفقراء، ليحقّ فيها وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّمَا أهْلَك مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ).

وهنا إخوة الإيمان لابدّ أن نعلم بأنّ الظلم واحدٌ مهما اختلفت مسمَّيات الظالمين؟ وأنّ قتالنا للظلمة ودفعنا للصائلين لا يتغيّر حكمُهُ بتغيُّر مُسمَّياتهم وأوصافهم.
لذلك فإنّ امتلاك السلاح من قبل مختلف أفراد المجتمع هو أحد أهمِّ الضمانات الأساسية لتحقيق التوازن والاستقرار في المجتمع لكيلا يُنزَع سلاح الأخيار الطيبين فيبقى السلاح بأيدي الفُجَّار الأشرار الذين لا يأبهون بمخالفة القوانين (كما كان في العهد البائد زَمن حكم البعث وكما يحصل في بعض المناطق الآن).

ولمنع هذا وجب أن يوقن الجميع بأنّ هذا السلاح الذي في أيدي المسلمين قد دُفعت الدماء ثمنًا له قبل الأموال، وعليه فإنّ إراقة الدماء ستكون دون تسليمه.
أمّا للمستقبل فقد وجب علينا كمسلمين ألَّا نرضى بعد انتصار ثورتنا – أسأل الله أن يرينا ذلك عاجلًا غير آجل – إلّا بنصٍّ دستوري يؤكِّد حقَّ كُلِّ مواطن بامتلاك السلاح دون عوائق ولا عراقيل، ونقول لمن يُمهِّد للمتسلّقين من وراء الحدود – ممن جعلوا دول الغرب قدوتهم وإمامهم – :
ها هي قِبلتكم أمريكا وغيرها من الدول الأوربيّة قد نص دستورها على حقّ مواطنيها باقتناء السلاح وأنّه حقٌّ أصلي لا يجوز تجاوزه أو إلغاؤه لتحقيق التوازن في المجتمع ولمنع تسلّط المفسدين.

ختامًا إخوة الإيمان فمع تأكيدنا على أنّ حقّ امتلاك السلاح حقٌّ أصلي لكلِّ مسلم، فإنّنا نؤكِّد وجوب التزام الآداب والأحكام الشرعية المتعلقة بحمل السلاح، ولزوم عدم الاستهتار في ذلك ونؤكّد عدم وجود إشكال شرعي في وضع قوانين وضوابط لحمل السلاح بل ومعاقبة المخالفين لها: كأن لا يحمله صغار السنِّ وألّا تُحمل المتفجرات وغيرها من قبل عوام النّاس أوفي أماكن التجمّعات وما إلى ذلك ممّا سنُفرِدُ له خُطبةً خاصَّة إن أحيانا الله إلى قابل والله من وراء القصد. والله أكبر والعزّة لله.

إنِّي داعٍ فأمِّنوا.

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى