خطبة عيد الأضحى لعام 1435هـ – قصة إبراهيم الخليل والمعنى الحقيقي للاستسلام لله

قصة إبراهيم الخليل والمعنى الحقيقي للاستسلام لله

قصة إبراهيم الخليل والمعنى الحقيقي للاستسلام لله

قصة إبراهيم الخليل
والمعنى الحقيقي للاستسلام لله

رابط الخطبة على صفحة الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

الأفكار الواردة في الخطبة الأولى:
1- العيد ومعناه.
2- الأضحية وحكمها.
3- التدبر بمعاني الأضحية ورمزيتها.
4- واجعلنا مسلمَيْنِ لك.
5- معنى الاستسلام لله.
6- قصة أم إسماعيل المستسلمة لأمر الله.
7- قصة إبراهيم مع ولده الذبيح.
8- لا يكون الفرج إلا بعد الاستسلام لله وإقراض الله القرض الحسن.
9- إسقاط كل ما سبق على واقع سورية الثورة.

الأفكار الواردة في الخطبة الثانية:
10- أحكام تتعلق بالأضحية.
11- وجوب صلة الرحم.
12- نصائح للنساء (موضوع الاختلاط والحجاب).
الخطبة الأولى:
الله أكبر (تسعاً)
1. الله أكبر ما وقف الحجّاج بعرفة خاشعين مهلّلين.
2. الله أكبر ما طاف الحجّاج بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة ذاكرين مكبّرين.
3. الله أكبر ما وقف الحجّاج بالمشعر الحرام طالبين راغبين.
4. الله أكبر ما رموا الجمرات محلّقين رؤوسهم ومقصرين.
5. الله أكبر عدد ما ذكر ذاكرٌ وكبَّر.
6. الله أكبر عدد ما تاب تائب واستغفر.
7. الله أكبر ما تقاربت قلوبُ المسلمين.
8. الله أكبر ما تضافرت جهود المجاهدين الصادقين.
9. الله أكبر ما هُزم الكفرة والبغاة و ولَّو مُدبِرين.

الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً.
الحمد لله المحمود بكل حال، ذي القوة والقدرةِ شديدِ المِحال، إليه الملجأ والمآل.

سبحانه .. سبحانه لا يبلغ مدحه القائلون، ولا يحصي نعمائه العادُّون، ولا يؤدي حقه المجتهدون.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده.

وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم أنبيائه، وصفوة خلقه، أفضل من صلّى وصام وطاف بالبيت الحرام، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آل بيته وعلى صحابته الكرام.

عباد الله:
إنّ من كرم الله عزّ وجلّ علينا أمّة الإسلام أن سنّ لنا أعيادا تكون لنا بهجة وسرورا، وفرحاً وحبورا، يجد فيها المسلم مندوحة للنفس ينسى فيها شيئا من همومه وأحزانه ويعود فيها أرحامه وخلّانه.

وما سمي العيد عيداً إلا لأنّ الله تعالى يعود بعوائد الإحسان على عباده أو لأنّه يعود ويتكرر بالفرح.

وها نحن اليوم نجتمع في أول أيام عيد الأضحى في يوم النحر يومٌ سنّ لنا الله فيه طاعة وقربةً له هي سنّة الأضحية التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه ابن ماجه وأحمد بسندٍ رجاله ثقات عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( من وجد سَعَة فلم يضح فلا يقربنَّ مُصَلانا ))

ولهذا قال فريق من العلماء بوجوبها والبقيّة على أنّها سنّة مؤكدة فعلها رسول الله وصحبه والمسلمون شعيرةً باقيةً إلى يوم القيامة.

واليوم إخوة الإيمان أحببت أن نتذاكر سويّة رمزية الأضحية ومعانيها وأن نراجع أنفسنا ونتعلّم العبر من قصة نبي الله ابراهيم مع ابنه اسماعيل ذاك النبيّ إمام الملّة خليل ربّ العالمين الذي دعا ربّه له ولبنيه ولذرّيته فقال: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:128)

ذاك النبي العظيم الذي دعا لذريته بأن تكون مسلمةً لله خاضعة لله مستسلمةً لأوامره ولشريعته.

وكيف لا يدعو بهذا؟ وهو الذي رأى كيف تكون عاقبة المسلمين المفوِّضين المستسلمين المُقدِّمِين لأمر الله ربّ العالمين.

ذاك النبيّ الذي أُمر بالتسليم فأسلم (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [البقرة:131].

ذاك النبيّ الذي عرف أنّ التسليم الحقّ لله: يكون بالانقياد والإذعان لله، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه من جميع الجهات.

فالاستسلام لله يعني إذعان القلب وانقيادَه بالاعتقاد والقصد، وإذعانَ اللسانِ وانقيادَه بالإقرار، وإذعان الجوارح وانقيادَها بالعمل. عرَفنا الحكمة أم لم نعرف، ظهر لنا الخير عاجلًا أم تأخر.

فوالله ما استسلم لله من تعجّل الأثر أو خالف الشرع بحُجَّة أنّه يتبع الأحكم والأنفع فلا نفع ولا حكمة أعلى ممّا أتى به شرع الله، فالتسليم لله هو روح الإسلام، بل هو الإسلام نفسه.

وها هو إبراهيم خليل الرحمن وقد حرم الذُّرية وما رُزِق الخِلفة من الأولاد يكرمه الله بولده اسماعيل بعد ردحٍ طويلٍ من الزمن فيحبّ الأب ابنه ويتعلّق قلبه به ويشاء الله أن يربي الولد والوالد وأن يهيِّئَهما لأمرٍ عظيم فيأتي الأمر من الله لنبيّه إبراهيم أن يترك ولده وزوجته في صحراء مكّة في أرضٍ مقفرة ليس فيها أنيس من البشر ولا ظلٌّ من الشجر ولا حتى ماء ولا عمران من الحجر……

فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ إبراهيم – صلى الله عليه وسلم – بِأُمِّ إسْماعِيلَ وَبِابْنِهَا إسْمَاعِيل وَهِيَ تُرْضِعُهُ ، حَتَّى وَضَعهَا عِنْدَ البَيْتِ ، عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوقَ زَمْزَمَ في أعْلَى المَسْجِدِ، [أي المسجد الحرام]، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ ، فَوَضَعَهُمَا هُنَاكَ ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَاباً فِيهِ تَمْرٌ ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ، ثُمَّ قَفَّى إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقاً ، فَتَبِعَتْهُ أمُّ إسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ : يَا إبْرَاهِيمُ ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهذَا الوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أنِيسٌ وَلاَ شَيْءٌ ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَاراً ، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ، قَالَتْ لَهُ : آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَتْ : إذاً لاَ يُضَيِّعُنَا ؛…. قالت: إذاً لاَ يُضَيِّعُنَا…لاحظوا فهم تلك المرأة المؤمنة التي أسلمت أمرها لله، إذا أقمنا أمر الله عزَّ وجلّ لاَ يُضَيِّعُنَا.

[ما قالت له كنساء يومنا تذهب للرباط وما عندنا خبز وما عندنا مونة وما عندنا ماء وما عندنا وما عندنا…… لم تحل تلك المؤمنة بين زوجها وبين جهاده وبين دعوته لتوحيد ربّه بل سلّمت أمرها لله وقالت لا يضيّعنا] ثُمَّ رَجَعَتْ ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ – صلى الله عليه وسلم – ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرُونَهُ ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ ، ثُمَّ دَعَا بِهؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ ،[مستسلمًا لأمر الله قائلًا]: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [ سورة إبراهيم: 37] وَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ ، وَعَطِشَ ابْنُهَا ، وَجَعَلتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى – أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ – فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ في الأرْضِ يَلِيهَا ، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِي تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أحَداً ؟ فَلَمْ تَرَ أحَداً . فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِي، رَفَعَت طَرفَ دِرْعِهَا، [أي ثوبها] ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِي، ثُمَّ أتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا، فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أحَداً ؟ فَلَمْ تَرَ أَحَداً، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ.

قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما : قَالَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – : (( فَلذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا )) ، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتاً ، فَقَالَتْ : صَهْ – تُريدُ نَفْسَهَا – ثُمَّ تَسَمَّعَتْ ، فَسَمِعَتْ أَيضاً ، فَقَالَتْ : قَدْ أسْمَعْتَ إنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ ، فَإذَا هِيَ بِالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ – أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ – حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا ، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ في سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ . وفي رواية : بِقَدَرِ مَا تَغْرِفُ . فَشَرِبَتْ وَأرْضَعَتْ وَلَدَهَا ، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ : لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإنَّ هاهُنَا بَيْتاً للهِ يَبْنِيهِ هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ ، وإنَّ اللهَ لاَ يُضَيِّعُ أهْلَهُ ..[ وإنَّ اللهَ لاَ يُضَيِّعُ أهْلَهُ] [اسمع أخي المؤمن يا من خرجت حقًا لله لا لدنيا تصيبها ولا لرياء ولا لسمعة … إنّ الله لا يُضِيع أهله]

وأيم الله لو تمسّكنا بأمر الله وقدّمناه على غيره فإن الله لا يضيعنا، ولو ائتمر علينا العالم أجمع، إنّ الله لا يضيعنا، لو هاجمنا الكفرة مجتمعين، إنّ الله لا يضيعنا، لو اتحد علينا النصيريون المشركون والصليبيون الحاقدون ومجوس إيران المجرمون فإنّ الله لن يضيعنا ولكن بشرط أن نكون معه، وأن نتَّبع أمره، وأن نستقيم على هداه، مخلصين له، مقبلين عليه فهو القائل: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) [ سورة المائدة: 12] فالله معنا ولكن بشرط لابدّ منه ومعيّة الله لا تكون إلّا بعد أن نُقرِضَ الله فبدأ بالبذل والعطاء فيما يرضي الله متوكلين عليه مستسلمين له….. ولنكمل مع ابراهيم الخليل الذي لم يكد يشِبُّ ابنه إسماعيل -عليه السلام- حتى يبتليَ الله إبراهيم -عليه السلام- بأمر جديد، عظيم على البشر تنفيذه, وصعب على النفوس امتثاله، لو أنَّ المُمتَحَن غيرُ إبراهيم الخليل -عليه السلام-، فقد امتحنه الله بذبح إسماعيل الذي تعلّق قلبه به بعد طول زمن من حِرمان الأولاد.

قال تعالى: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [الصافات:101-107].

هذا هو الامتحان الصعب الذي لا يقدِر عليه إلا من أعانه الله، شيخ كبير في السن محروم من الأولاد رُزِق بولد فلمّا غدا الولد شابّا يسعى مع أبيه العجوز ليُعينَه أُمِر الأب بذبح ابنه، فرؤيا الأنبياء حق، فما كان من الولد المستسلم لأمر الله إلا أن قال (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) وكّل الأمر لله وسأله أن يكون من الصابرين وطلب من أبيه أن يجعل جبينه على الأرض لكي لا يرى الأب وجه ابنه فتأخذه عاطفة الحنان ففعل الأب وأخذ سكينه يذبح ولده استسلامًا لأمر الله … عند إذٍ أتى الفَرَجُ وعندئذٍ أتت الكرامةُ (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)

ولهذا جعل الله لنا منسكًا ذبح الأضحية لنتذكر دائما كيف يكون فرجُ الله ونصرُ الله ومعيّةُ الله للمسلمين المستسلمين لله ربّ العالمين فلا فرج إلا بعد الكرب ولا نصر إلا بالصبر على مراد الله وها نحن نرى كيف أن دول الكفر قاطبةً قد تلّت شعب سوريّة للجبين ونحن بالخيار إما أن نكون من الصابرين فنقدّم أمر الله ونستعينُ به على مراده والجهاد في سبيله وإمّا أن نتبرّم وأن نهرول لنيل رضا الكافرين لنخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ربّنا إنّ أمم الكفر قد تلّت بلاد المسلمين للجبين فافدهم بما شئت برحمةٍ منك وكرم وفضل إنّك سميع قريب مجيب
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر (سبع مرات)

ولله الحمد
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر (سبعًا)
الحمد لله الذي لم يزل بالمعروف معروفاً، وبالكرم والإحسان موصوفاً، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كلَّ يوم هو في شأن ييسر عسيراً ويجبر كسيراً، ويغفر ذنباً ويرفع كرباً، ويغيث ملهوفاً، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، رفع الله ذكره تعظيماً، وأعلى في العالمين قدره تكريماً، وزاده محبة وتشريفاً، فأكرِم به صادقاً أميناً عفيفاً، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه وسلَّم تسليماً كثيراً . . . أما بعد:

عباد الله:
الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، وسنة من سنن الأحكام ، قال الله تعالى: “فَصَلّ لِرَبّكَ وَٱنْحَرْ ” وهي مشروعة بكتاب الله عزّ وجلّ، وبسنة رسوله وبإجماع المسلمين، قال تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (الحج34) وقال تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج 37).

ثم اعلموا رحمكم الله، أنَّه يشترط في الأضحية أن تبلغ السن المُحدَّد شرعاً (خمس سنين للإبل، وسنتان للبقر، وسنةٌ للمعز وستةُ أشهر للضأن إذا اختلط بمن جاوز السنة فلم يُميَّز) ومما يشترط للأُضحية أن تكون خالية من العيوب، و أن يضحى بها في الوقت المحدد شرعاً، وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر، إلى قبل غروب شمس آخر يوم من أيام العيد، ومن ذبح قبل الصلاة فإنّها تعد من اللحم وليست أضحية.
ثمَّ اعلموا إخوة الإيمان، أنّ الأضحية الواحدة من الغنم، والسُبُع من الإبل والبقر، تجزئ عن الرجل وأهل بيته، ويُشرَع للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي ويتصدَّق، لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج 28)، والمختار أن يأكل ثلثاً، ويتصدق بثُلثٍ، ويهدي ثلثاً، ويحرم أن يبيع شيئاً من الأضحية، لا لحماً ولا جلداً، ولا يجوز أن يعطى الجزار شيئاً منها مقابل الأجرة ، لأن ذلك بمعنى البيع ، ولا بأس أن يُهدي للجزار هدية بعد أن يعطيه أجرته.

ختامًا لا بدّ لنا أن نعلم إخوة الإسلام بأن العيد سبب للفرح ولا يكون الفرح إلّا بما يرضي الله العزيز الغفار
فليس العيد لمن لبس الجديد
إنّما العيد لمن طاعاته تزيد
ليس العيد لمن تزيّن بالثياب والمركوب
إنّما العيد لمن غفرت له الذنوب
فلنجعل أعيادنا أعياد طاعة بصلة الأرحام والأقارب وليس المكافئ بالواصل، إنّما الواصل من يصل الذي قطعه، فلنغتنم العيد لنصل من قطعنا من أرحامنا ولتصفو قلوبنا، وليسامح بعضنا بعضا.

ولنتجنّب اختلاط الرجال بالنساء فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه البخاري ومسلم : (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء)

ولنتجنّب الخلوة بالأجنبيّة ولو كان ذلك من قرابة الزوج فعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – : أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِيِّاكُم والدخولَ على النساء ، فقال رجل من الأنصارِ : أَفرأيتَ الحَمْوَ ؟ قال : الحَمْوُ: الموتُ).

فكم جرّ الاختلاط المحرّم على الأسر من البلايا والرزايا ما لا يعلمه إلّا الله.

ولنأمر نساءنا عند الخروج من المنزل أو قدوم غير المحارم بلزوم الأدب والحشمة وعدم التبرّج ولبس الحجاب الشرعي السابغ الساتر الذي يعمّ سائر الجسد ولا يَشُفُّ ولا يصف الجسم (أي لا يكسِّمه)

نسأل الله عزّ وجل أن يعيننا على طاعته وأن يتقبل منّا ومن المسلمين
وأن يرزقنا العيد الحقيقي الذي نتمنّى
فعيدنا يوم يبتسم اليتامى وتفرح الثكالى
عيدنا يوم نُسقط الطواغيتَ ونقتصُ منهم
عيدنا يوم تُرفع راية العدل وينتشر السلام والإسلام
عيدنا يوم يُشفى الجَرحى ويوم يُحرّر الأسرى
عيدنا يوم يُلمُّ الشمُل وتجتمع الأحبّة
اللهمّ اجعل ذلك عاجلًا غير آجل إني داعٍ فأمِّنوا:
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى

نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كلِّ بر والسلامة من كلّ إثم والفوز بالجنّة والنّجاة من النار

ربنا لا تدع لنا في هذه الساعة المباركة ذنبا إلا غفرته ولا همّا إلا فرجته ولا مبتلا إلا عافيته ولا تائها إلا رددته ولا أعزبًا إلا زوجته ولا متزوّجا إلا رزقته ذريَّة طيبةً وبعياله أسعدته.

1. رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
2. رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ
3. رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
4. رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
5. رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
6. رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
7. رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
8. رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
9. رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
10. رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ
11. رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
12. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
13. ربنّا ثبت إخواننا المجاهدين وسدّد رميهم واجمع كلمتم ورأيهم على ما تحبُّ وترضى
14. اللهم عجّل لنا بهلاك الطواغيت

اللهم أهلك فرعون الشام ومن معه اللهم احصهم عددا اللهم اقتلهم بددا اللهم لا تذر منهم على الأرض أحدا

الله هذا الدعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك التُكلان وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلي اللهم وسلِّم على نبينا محمّد وكل عام وأنتم بخير قوموا سلّموا على إخوانكم وكلّ عام وأنتم بخير.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *