التوعية النوعيةالثورة السوريةخطبخطبة الجمعةكاتبمتابعات وتوجيهاتمحمد أبو النصر

مؤيدي النظام في المناطق المحررة تجاوزاتهم – سلوكنا معهم وموقفنا منهم

خطبة الجمعة

رابط الخطبة على صفحة الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- خطورة تفاقم ظاهرة مجاهرة مؤيدي النظام بذلك في المناطق المحررة
2- الذين يتربصون بكم
3- لماذا يفضلون البقاء في المناطق المحرّرة على الذهاب لمناطق النظام
4- لست بالخِبِّ وليس الخِبُّ يخدعني
5- كل واحد منهم مشروع جاسوس وخلية نائمة لخدمة العدو
6- تدبر وفهم لأوّل سورة المُمتحنة (لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء)
7- فضح الله لحقيقتهم وكشفه لسريرتهم

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
8- تتمة تدبر الآيات في سورة الممتحنة
9- البراءة من الكافرين ومن أتباعهم
10- كيف سنعامل مؤيدي النظام في مناطقنا بعد أن وعظناهم وعلمناهم
11- أولئك في الأذلين
12- وجوب نزع السلاح منهم فهو في حقهم تهمة ولا يسمح لهم باقتنائه
13- كيف نعاملهم (تفصيل)
14- حال مؤيدي الكفار والظالمين في الآخرة
15- لماذا لا نقول عنهم مرتدين؟

الخطبة الأولى:
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره ومستدرج الكفار بمكرِه، الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله، فجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كُلِّه.

القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُمانع، والظاهر عليهم فلا يُنازع، والآمرُ بما يشاء فلا يُراجع، والحاكِم بما يريد فلا يدافع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به ممّا أحاط به علمه وأحصاه كتابه.

وأشهد ألّا إله إلا الله وحده، لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشرك بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد من آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المحجَّلين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين أمّا بعد:

إخوة الإيمان حديثنا اليوم عن ظاهرة خطيرة زادت عن حدها، وبدأت تتفاقم بشكل غير مقبول في مناطقنا المُحرَّرة هذه المناطق التي أكرمنا الله فيها بالتحرُّر من الكفر والكافرين ومن الظلم والظالمين (أتبع الله اللاحقين بالسابقين).

تلك الظاهرة هي ظاهرة ما يُسمّى (بالمؤيدين) أولئك المنافقون الذين بين أظهرِنا الذين سكتنا عنهم وعاملناهم بعدل الإسلام، على ما نعلم من فساد سريرتهم، أولئك الذين بدأوا باستغلال الظروف فشقّوا ستار نفاقهم وبدؤوا يجاهرون ببغضهم وبكفرهم وبشماتتهم بالمسلمين، بل وبفرحهم بمصائب المؤمنين وبتأييدهم لمن قتل وشرّد العزّل الآمنين، وما حُجَّتهم في ذلك إلّا أنّ بعض مصالحهم الدنيوية قد تضررت، ومن منّا لم تتضرر مصالحه الدنيوية ظاهرًا والله تعالى يقول: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة: 24

إن كانت دوركم وأموالكم وأقربائكم الذين مازالوا مع الكفار يسومون المسلمين سوء العذاب، أحبّ إليكم من إقامة شرع الله بتحكيم كتابه و بتحكيم سُنّة نبيّه فتربّصوا – أي فترقّبوا – حتى يأتي الله بأمره. وكلُّنا يعلم كم سكتنا على الكفر وكم تقاعسنا عن الجهاد في هذه البلاد عشرات السنين فتربصنا وانتظرنا حتّى أتى ما نشهد من عذاب الله فيما نراه من قتلٍ وتدمير كان يمكن أن يُكتفى بعشر مِعشاره فيما لو جاهدنا أعداء الله من عشرات السنين مِن قبل أن تقوى شوكتهم وقبلَ أن يشتدّ ساعدهم.

حديثنا اليوم عن أولئك الذين تولّوا الكافرين فأحبوهم ونصروهم وأيدوهم بدلًا عن أن يتبرَّؤوا منهم.
حديثنا عن أولئك:
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [ألم نعاونكم ونساعدكم على المؤمنين بنشر الشائعات والتخذيل فيما بينهم] (فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) النساء: 141
حديثنا اليوم عمّن يسكنون بين ظهرانينا ويطالبوننا بأن نؤمِّن لهم المأوى والمطعم والملبس ثمّ يُعَيِّروننا ويشمتوا ببلائنا وفوق كلّ هذا لم يعودوا يَتَحسَّبون من إظهار مودتهم للكافرين … فهلّا انقلعوا عنّا وسكنوا عند من يحبون … هلّا انقلعوا إلى حيث طاغوتهم ومعبودهم من دون الله … ولكن أنّا لهم ذلك؟ وهناك سيعاملون معاملة الكلب الشريد، وهناك ستُقطَّعُ ألسنتهم فيما لو قالوا كلمة لا ترضي معبودهم.

أمّا عندنا فنسعى في حاجاتهم ومن ثمّ يعادوننا!!!!
ولعلّنا رحماء مؤمنون ملتزمون بالعدل الذي أمرنا الله تعالى به فلا نأخذ الناس بالنوايا والظن … ولكنّ هذا لا يعني أبدًا أن نكون سُذّجًا مغفلين ندع أولئك المؤيدين يتغلغلون فيما بيننا وكلّ واحدٍ منهم مشروع جاسوس للكفار الظالمين، كلّ واحدٍ منهم مشروع خلية نائمة تريد أن تطعن المجاهدين في ظهورهم وسيّدنا عمر يقول: (لست بالخِبِّ وليسَ الخِبُّ يخدعني)

حديثنا عن أولئك إخوة الإيمان يدفعنا لأن نتدبّر سويّة مطلِع سورةِ المُمتَحِنة لنعلم واجبنا الشرعي تجاه الكفّار وكيف يكون سلوكنا وموقفنا مع أتباعهم ومؤيديهم.

إخوة الإيمان يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ) [أخرجوكم من دياركم وشردوكم وغدوتم نازحين وعلَّتُهم معكم أن تؤمنوا بالله ربكم وأن تقيموا دينكم وتعلوا شريعتكم فوالله إخوة الإيمان لو رضينا أن نستبدل كفرًا بكفر، لو أردنا أن نُسقط الكافر فيحكمنا كافرٌ آخر بغير كتاب الله وبغير سُنّة رسول الله لانتهت حربنا من أشهرٍ طويلة] (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) الممتحنة: 1
[فالله يحذرنا من إلقاء المودَّة للكفار ولمن والى الكفّار ولمن أيّد الكفّار ومن يفعل ذلك فقد ضلّ سواء السبيل وما هو من المهتدين، ثمّ تُتبع الآيات ويبيِّن لنا المولى حقيقة أولئك، ويفضح لنا سريرتهم فيقول سبحانه مُتبِعًا:]

(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) الممتحنة: 2
[هؤلاء المؤيدون للكفار هؤلاء المؤيدون للكافر الفاجر الذين هم بين أظهرنا والله لو – لا قدّر الله – تمكّن منّا الأعداء الكفرة سيكون مؤيدوهم أعداءً لنا وسيكونون شبيحةً كلابًا يخدمون معبودهم من دون الله -(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً)- الآن يعطيك من طرف اللّسان حلاوةً ويروغ منك كما يروغ الثّعلبُ – ولكن إن ظهروا عليكم في مرحلةٍ من المراحل -(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ)– أنتم تبسطون إليهم أيديكم بالخير لتعينوهم وتبسطون ألسنتكم لهم بالخير والمواساة والله يخبّركم من حالهم بأنهم إن يثقفوكم ويقدروا عليكم سيكونون لكم أعداءًا وسيبسطون أيديهم بالشر وألسنتهم بالسوء ….. ما حاجتهم؟ … ما هدفهم؟ … ودّوا لو تكفرون.

في يوم من الأيام قد تتحرك هذه الخلايا النائمة لتطعنكم من ظهوركم أو لتنشر التخذيل والشائعات…. وهذا مشاهد معلوم فما إن ينتصِرَ الكفار في موقعة حتى تبدأ تلك الأفاعي بتغيير جلودها وبالظهور على حقيقتها فتفضحهم ألسنتهم التي تُظهِرُ الشماتة بالمؤمنين ولا تذكر المجاهدين إلّا بالسوء …. ثم تتبع الآيات الكريمة..]

(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) الممتحنة: 3
هذا بيانٌ من الله لحالهم بأنهم لن ينفعوكم في الدنيا ولا في الآخرة فهؤلاء المجرمون لا نفع يرتجى منهم في الدنيا وسينالكم بلاء ووبال يوم القيامة بموالاتكم لهم في الأولى.

فكيف إذن يكون السلوك معهم؟ كيف تكون معاملة المؤمنين لهم بعد أن نصحوهم وحذّروهم وعلّموهم وبلّغوهم وبعد أن شاهد أولئك ممارسات الكفار بأعينهم فلم تمنعهم عن الاستمرار في مودة الكفّار؟….

سلوكنا معهم وموقفنا منهم هو ما سنوضحه بعون الله بعد الاستراحة …. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى:
عباد الله تتبع الآيات الكريمة موضِّحةً موقف المؤمنين تجاه أولئك المُجرمين ممّن تولّى الكفر الكافرين ممن أظهر تأيده لأعداء الإسلام والمسلمين فيقول المولى تبارك وتعالى وهو أحكم القائلين:
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة: 4
كفرنا بكم وبطاغوتكم وبفِرعونكم وبمعبودكم من دون الله الذي أُشرِبتموه في قلوبكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء حتى تؤمنوا بالله وحده.

فليُسمِع الحاضر الغائب ليس بين المؤمنين وبين مؤيدي الكافرين إلّا العداوةُ والبغضاء وتنبيه الجاهلين والأمر بطاعة الله ربِّ العالمين حتى يؤمنوا بالله وحده.

لا تُلقِ عليّ سلاما ولا تُرني ابتسامة فليس بيننا وبينهم بعد أن علمّنا جاهلهم إلّا العداوة والبغضاء حتى يؤمنوا بالله وحده.

أمّا مآل من يتولّى الكافرين وحالهم في الدنيا فذلك في قوله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) المجادلة: 20- 21

فالقوة والعِزّة للمؤمنين – لله ولرسله ولمن تبعهم – والذِّلة والهوان للكافرين في الدنيا قبل الآخرة.

فلابُدَّ من أن يُتبَرّأ منهم المؤمنون بل وأن يعادونهم بل ولابدّ من الغِلظة على مّن أظهر فجوره وتأييده للكفار علنًا، فيُنزع منهم سلاحهم قهرًا، ولا يُسمح لهم بالتسلّح، بل ويُعتبر السلاح لديهم تهمةً

لا يجاهدون ولا يقفون في وجه الكفّار بل ونعلم تأيده لعدوّنا هل من عاقلٍ يصدِّق بأنّنا نسمح لأمثال هؤلاء بشراء السلاح فيما بين أظهرنا!!! … السلاح تهمٌ في حقهم إذ يغلب على الظنّ غدرهم بالمسلمين.

ولا يجبُ أن يُعانوا ولا يُخالطوا ولا يُباع لهم ولا يُشترى منهم إلّا بعد التضييق عليهم ليبيعوا ما لديهم بأبخس الأثمان للمؤمنين، ولا يُزوَّج أحدهم إن خطب ولا تُخطب بناتهم (إلّا بنيّة أن نُنجي تلك البنات من فجور أهلهم ومن أفكارهم الضالّة) ولا يُجالسون ولا يُخالطون لقول الله تعالى:
(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) النساء: 140

إذا جالستموهم وخالطتموهم بعد إصرارهم على ما هم عليه فإنّكم إذن مثلهم:
وفي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عن ابن مسعود – رضي الله عنه – ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم – : (( إنَّ أوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ الله ودَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، فَلا يَمْنَعُهُ ذلِكَ أنْ يَكُونَ أكِيلَهُ وَشَريبَهُ وَقَعيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ)) ثُمَّ قَالَ: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) المائدة: 78 – 81

لو كنت مؤمنًا حقًّا لما اتخذت ذلك الذي يجاهر بميله للكفار صاحبًا ولا جليسًا تواكله وتشاربه فالمقاطعة والإهانة والازدراء لمن يتولّى أعداء الله (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) المجادلة: 20 هذا الجزاء العدل في الدنيا وهذا مقامهم وهذه مكانتهم.

أمّا يوم القيامة فجزاؤهم قول الله سبحانه: (وَقَالُوا يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ * هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤولُونَ) الصافات: 20 – 24

(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ): ليس المقصود زوجاتهم، بل المعنى احشروا الكفّار ومن كان على شاكلتهم ومن كان مثلهم ومن وافقهم على ظلمهم ومن أيدهم ومن كان على شاكلتهم سويّة في الجحيم

فأبشر يا من تظنّ بأنّك مسلم وتؤيّد الكفّار ستُحشر يوم القيامة مع الملعون بشّار وأبيه ومن كان على شاكلته مع فرعون وهامان وقارون.

احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله: طاغوتك المعبود من دون الله ذاك الذي يحرّم الحلال ويحلّ الحرام ويحكم بغير ما أنزل الله.

سيحشر الظالمون وسيحشرُ مؤيدوهم وما كانوا يعبدون من دون الله فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤولُونَ

هذه بشراك بالعذاب فليبلّغ الحاضر الغائب هذا الذي لم تفهمه السنوات ولم يقتنع بعد كلّ هذا بكفر الكافرين وظلم الظالمين بشره بأنّه سيحشرُ معهم.

ختامًا إخوة الإيمان لابدّ من أن نوضِّح أمرًا خطيرا مهمًّا وهو:
أنّ العلماء قد نصُّوا على أن عدم تكفير الكفّار وتصحيح كفرهم هو من نواقض الإسلام ونحن إن كنّا في هذه البلاد لا نصف كلّ مؤيدي النظام إلى الآن بأنّهم مرتدون فما ذلك إلّا على اعتبار حالة الجهل التي كان يعيشها مجتمعنا (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الإسراء: 15

نحن نأخذ بعين الاعتبار حالة الجهل والبُعدٍ عن شرع الله وعن معاني الإسلام الحقّة التي عاشها شعبنا سنين طويلة.

أمّا من عُلِّمَ ووضِّحت له الحقائق ثمّ آثر الكفّار على المسلمين فحكمُه حُكمهم ومن تاب وأناب وعاد إلى صوابه وعمل مع إخوانه على تصحيح الأخطاء التي نراها فالله غفور رحيم

ونحن لا ننكر بأن هنالك أخطاء اعترت جهادنا ولعلّ السبب الرئيسي لذلك بقاء اللون الرمادي بيننا إذ لم يتمايز الناس بعد :
إسلامٌ وكفر
فمن تاب وأناب وعاد إلى صوابه وعمل مع إخوانه على تصحيح الأخطاء التي نراها فالله غفور رحيم وهو عندنا أخٌ عزيز كريم وصدق القائل إذ قال:
أخا الكُفر إمَّا تبِعت الهُدى … فأصبَحت فينا الأخ المُفتدى
وإمَّا جهلت فنحن الكُماة …… نُقاضي إلى الروعِ مَن هدّدا

اللهم اصرف عنّا مكر الماكرين وكيد الكائدين وخيانة الخائنين وردّ ياربّنا لدينك ردًّا جميلًا نحنُ وجميع المسلمين
إني داع فأمِّنوا

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى