#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
سلسلة تغيير العادات (7)
التشبُّه بالكفّار … عيد الحبِّ نموذجًا
التاريخ: 13/ جمادى الأولى/1438هـ
الموافق: 10/ شباط/2017م
🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر
⏱ المدة: 26 دقيقة
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1⃣ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
2⃣ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ.
3⃣ أعيادَ الكُفَّار.
4⃣ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا.
5⃣ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ.
6⃣ المقهور يسعى دائمًا لتقليد قاهره.
7⃣ حكم المباح إذا تعيَّن عُرفًا للكفَّار.
8⃣ إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
9⃣ عيد الحب أصله ومعاني رموزه.
🔟 حكم تبادل الهدايا فيه وبيعها وترويجها.
رابط الخطبة على الفيسبوك
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، ميَّز أهل الإسلام على أهل الكفر والشرك والأوثان فجعلهم شامةً بين الناس، يُعرَفون بدينهم وعقيدتهم، يُعرَفون بسمتهم وأخلاقهم: (( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً )) [المائدة:48]، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله أرسله ربُّه بالهدى ودين الحقِّ ليُظهره على الدين كلِّه ولو كرِه المشركون، فصلواتُ ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه الغُرِّ المُحجَّلين، ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أمَّا بعدُ إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) [الجاثية:18].
إخوة الإيمان والعقيدة: ومازلنا نتحدَّثُ في سلسلة تغيير العادات، نتحدَّث عن عاداتٍ سلبيَّةٍ غزت مجتمعنا المسلم، نحذِّر منها ونُذكِّر بعلاجاتِ أدوائها…
حديثنا اليوم عن مطعنٍ خطير يستهدف شخصيَّة المسلم، بل يستهدف تشويه هويَّةِ المجتمعات الإسلاميّة، حديثنا اليوم عن داء التشبُّه بالكافرين، تلك البوابة الخطيرة التي تتسرب من خلالها عاداتٌ ومفاهيمٌ ومناسبات تتعارض في كثيرٍ منها مع ديننا، ومع عقيدتنا، تتعارض مع أخلاقنا ومع أعرافنا، حديثنا اليوم عن بوابةٍ يُزيَّن من خلالها الباطل، حديثنا اليوم عن بوَّابةٍ يُشوَّه مِن خلالها الحقُّ في عقول كثيرٍ من شباب المسلمين، حديثنا اليوم عن التشبُّه الأعمى بالكافرين، فيما كان من دينهم، فيما كان من عباداتهم، فيما كان مِن أعيادهم ومناسباتهم، فيما كان مِن المنهيات عنه في ديننا، حديثنا اليوم عمَّن يَستَنُّ بِسُنَّة أهل الأهواء ويذر هديَ القرآن وسنَّةَ النبيِّ العدنانِ، والله تعالى خاطب نبيَّه وأمَّته قائلًا: ((وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ … )) (المائدة:49)
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ: لِيَبْلُوَكُمْ، ليختبركم، لتتمايزوا فيمَن يطيع الله ورسوله ممن يتبِّع أهل الأهواء وأهواءَهم، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذَّرنا مِن هذا الداء الخطير قائلًا: « لتَتَّبِعُنَّ سَنَن مَنْ كان قبلكم شِبْرا بِشِبر، وَذِرَاعًا بِذِراع حتى لو دَخَلُوا جُحْرَ ضَبّ لَتَبِعْتُموهُمْ، قلنا: يا رسول الله اليهودُ والنصارى؟ قال : فَمَنْ؟ » [البخاري ومسلم]. أي فمن غير اليهود والنصارى يتأثر ببهرجتهم بعض مهزوزي الإيمان وفاقدي الثقة، فيتشبَّهون بهم ويقلِّدونهم، وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داودَ في سُنَنِه يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، من تشبه بقومٍ في دينهم وفي عباداتهم وفي مناسباتهم الخاصَّةِ وفي أعيادهم وفيما كان لهم شعارًا وعُرفًا يتمايزون به فهو منهم.
واليومَ – أيها السادة – أخصُّ بالذكر أعيادَ الكُفَّار وكُلُّها أعياد باطلٍ تقوم على معتقداتٍ فاسدة، أو تروِّج لمعاصٍ ظاهرة، ولهذا أُمِرنا أن لا نحتفل بأعياد المشركين، وألا أن نشاركهم احتفالاتهم، وألّا نعينهم عليها، إذ كيف نعينهم على احتفالاتٍ تقوم على معتقداتٍ باطلةٍ تُخالِف دينَنا بل وتعارِضه… وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود والنَّسائي عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: « مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ » قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. [أي أنها أعيادٌ نلهو فيها ونمرح من أيام الجاهليَّة ] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ».
فلا يصح لنا معاشر المؤمنين الموحدين، أن نشارك أهل الباطل أعيادَهم ومناسباتِهم، وقد امتدح الله عباده المؤمنين على ذلك فقال تعالى واصفًا لهم: ((وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)) [الفرقان:72]، امتدح الله من عباده المؤمنين هذه الصِّفة، ((وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)) وكثيرٌ من مُفسِّري التابعين على أنَّ المقصود بالآية أعياد المشركين لا يشترك المؤمنون فيها ولا يُعينون عليها، ((لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)) لا يشهدون أعيادًا تروِّجُ للباطِل، ((وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)) إذا مرُّوا بتجمعات من يحتفلون بأعياد الكفَّار، يمرُّونَ مظهرين مخالفتهم للكفار، مُعتزين بدينهم مترفِّعين بكرامتهم وبعزَّة الإسلام عن مشاركة أولئك وعن التشبُّه بهم في سفاهاتهم، إذ كيف يتشبَّه بالكُفار مؤمنٌ يعتزُّ بدينه وإيمانه، كيف يتشبَّه بهم مؤمنٌ ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يوجِّه، بل ويأمُر أمرًا بتعمُّد مخالفتهم فيما كان من خصائصهم وعاداتهم، فيما كان لهم دينًا وشِعارًا، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، مثالُ ذلِك الحديث صحيحٌ في سنن أبي داود إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( خَالِفُوا الْيَهُودَ ، فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ ) مثال ذلِك ما في صحيح مُسلم مِن قوله -صلى الله عليه وسلم-: ( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى ) مثال ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم مِن قوله -صلى الله عليه وسلم-: ( إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ ) … أحاديث كثيرةٌ – أيها الأحبَّة – أحاديث لا يمكن عدُّها وحصرها يأمرنا فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- بمخالفة الكفَّار فيما كان لهم دينًا وشِعارًا وعلامةً تميِّزهم، أمرنا بمخالفتهم لنظهر تمسكنا بهويتنا الإسلامية واستعلاءنا بها، وقد ذكَر عُلماء عِلم الاجتماع – ومنهم ابن خلدون في مقدِّمته الشهيرة – ذكروا أنَّ المقهور يسعى دائمًا لتقليد قاهره، لما لديه مِن عُقدة النقصِ تجاهه فيُقلِّده ويقتدي به … وحاشى أهلَ الإيمان أن يشعروا بذلك تجاه مغتقدات الكفار وعاداتهم الفاسدة، لذلك جاء الأمر النبوي بلزوم مخالفة الكفار فيما كان لهم شِعارا على كفرهم … فلا نشاركهم عيدًا ولا مناسبةً كُفريَّةً تخصُّهم ولا نتشبَّه في زيِّنا بأزيائهم التي لها مدلولٌ اعتقايٌ عندهم …. ثمَّ بعد كلِّ هذا، يأتي بعض الجهلة ليتبعهم شبرًا بشِبر، يبرِّر لنفسه وتزيِّن له شياطينه بأنَّ ما يفعله قد يكون مندرجًا تحت أصلٍ مباح، لا يدري ذلك الجاهل أنَّ المباح متى خُصِّصَ بزمانٍ ومكانٍ وعادةٍ ومناسبةٍ هي من عادات الكفَّار ومناسباتِهم وأعيادهم ودياناتهم، خرج عن كونه مباحًا وغدا مما يجب أن ينتهي المسلم عنه – كمن يصنع حلوى ممّا يحل أكله عادةً، في يومٍ خصصها الكفار بها لعيدٍ لهم ولطقوسٍ خاصةٍ بهم – وفي الحديث الذي رواه مسلمٌ في صحيحه عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضي الله عنهما – قال : رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ : (إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا). لأنها ثيابٌ لها مدلولٌ خاصٌّ في دينهم، لها ارتباطٌ بمعتقدٍ خاصٍّ عندهم يلبسونها لمواسِم معيَّنة، كلباس قساوستهم ورهبانهم، كاللباس الأزرق الفاتح السماوي الذي تلبسه فتيات النصارى المنذوراتِ في أشهر الربيع، فلا يصحُّ لمسلمةٍ أن تتشبَّه بهم بارتداء نفس الثياب في ذات الوقت لأنها في ذلك الوقت لها مدلولٌ دينيٌّ عندهم وجب مخالفتهم فيه، ومن ذلك أيضًا الثياب الحمراء والهدايا الحمراء والورود الحمراء التي يروِّجها البعض فيما يُسمَّى عيد الحب، هذا العيدُ الوثني الذي هو سبب اختيار موضوعنا اليوم، هذا الموضوع الذي سنكمل الحديث عنه تفصيلًا في الخطبة الثانية – إن شاء الله – أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله خير الوصايا وصيّةُ ربِّ البَرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]. فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفِتن، والسلامة من المِحَن، واعلموا إخوة الإيمان أنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ومن ذلك الذي يجب أن نسعى لتغييره: ما فشا بين بعض المسلمين من مشاركة الكفَّار بأعيادهم وعون الضَّالين على ضلالهم، ومن هذا ما يُسمّونه عيدَ الحب ويروِّجون له في الشهر الثاني من السنة الشمسية، اقترب موسمه، فبدأ البعض بنشر الصور والبطاقات والمقاطِع التي تروِّج لذلك عبر وسائل الإعلام وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، اقترب موسمه فغدا البعض يروِّج البضائع التي تتعلَّق به بيننا، ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)) (النساء:27). يريدون لكم أن تميلوا عن دينكم، عن عفَّتكم عن طهارتكم، فيروِّجون لمفاتيح تفتحُ أبوابًا توصِل لذلك … توصِل لذلك المُحرَّمِ الذي نُهينا عنه… واليوم نرى من يروج الصور والمقاطع والبطاقات والهدايا المتعلقة بعيد الحب، هذا الذي يسمونه عيد الفلنتاين، وما أدراكم من فلنتاين؟ وما أدراك ماذا تعني رموز هذا العيد؟ … فلنتاين ذاك الذي كان يدعو للتقارب المحرَّم بين الجنسين، يدَّعون أنّه كان قسِّيسًا يدعو للحبِّ فقتله الرومان الوثنيون، ينشرون اسمه وينشرون صورًا عليها رسمةُ طفلٍ له أجنحة ومعه قوسٌ وأسهمٌ وهذا الذي ينشرون رسومه اسمه ((كيوبيد)) وهو في ثقافتهم هو إله الحبِّ عند الرومان الوثنيين، الذين كان لديهم الكثير من الآلهة، كان هذا الرسم عندهم يمثِّل إلهًا مِن آلهتهم التي عبدوها مِن دون الله … يُسمُّونه (( كيوبيد )) إله الحب، اليوم نرى بعض المسلمين ينشر بطاقاتٍ ورسومات عليها هذه الصور… صورة إلهٍ يُعبد من دون الله ينشروها بعض المسلمين بدعوى الحبِّ والغرام!! … عيدٌ وثنيٌّ ألبسوه ثياب الحب الحمراء ليكون مناسبةً للترويج للزنا والخنا ، ليكون مناسبةً للترويج للفجور والعِشق المحرَّم خارج إطار الزوجيَّة، عيدٌ منعه النصارى في دينهم ردحًا طويلًا من الزمن، ثمَّ أعادوا تجديد ذكراه لِمَا وافق خبيث طباعهم وسوء نزواتهم التي انفلت قيدها مطلقًا في العقود الأخيرة.
عيدٌ للفجَرَة والفاجِرات لا يجوز للمسلم أن يحتفل فيه ولا أن يخصَّه بتبادل الهدايا حتَّى مع زوجته … فالطيِّبون والطيِّبات لا يشاركون الخبيثين والخبيثاتِ مناسباتهم.
عيدٌ للخبيثين والخبيثات، يروِّج له الإعلام الفاسد، وترى التجَّار الفجَّار مِن قليلي الدين وعديمي الأخلاق يأتون بالهدايا ذات اللونِ الخاصِّ بهذه المناسبة ويملؤون بها في هذا الوقت واجهات محالِّهم!!
أيتصور أحدكم أيَّها الأحبّة أن في مناطقنا هذه، في هذه المناطِق التي بُذِلت الدماء لتحريرها، وأكرمنا الله بتحكيم شرع الله فيها، هذه المناطق التي يستهدفها كلُّ كفَّار الأرض بالقصف ليل نهار، في هذه المناطق رأيت فيها بعيني رأسي من بضع أيام محلَّاتٍ قد ملأت واجهاتِها بهدايا عيد الحب الحمراء بالورود الاصطناعية الحمراء، وبالدمى الحمراء التي يتبادلها الشباب الجَهلة في عيد الحب…
لم يكن ليخطر ببالي يومًا ونحن في حالة الحرب، ونحن في هذه الشِّدة، أن نرى من يروِّج لذلك في مناطقنا المُحرَّرة، تُجَّارٌ فجَّارٌ لا همَّ لهم إلا كسب المال، لا يبالون أمِن حلالٍ أم مِن حرام، والله تعالى يقول في مُحكم تنزيله: ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) [المائدة:2]. وفي الحديث الحسن الذي أخرجه أحمد والحاكم يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لَا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ)) وبيع الهدايا الخاصَّة والأنواع المخصوصة بأعياد الكفار مِن طعامٍ وشرابٍ وثياب والترويجُ لها والدعايةُ لها إنَّما هو تعاونٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، إنَّما هو عونٌ للشيطان على شباب وشابَّاتِ المسلمين، مقابلَ مالٍ حرامٍ سيكسبه صاحبه ثمَّ يكون عليه حسرةً بما ضلَّ وأضلَّ…
سيكون عليه حسرةً بما ضلَّ وأضلَّ ممَّا توهمه ذاك الجاهل مُباحًا، وما هو في الحقيقةِ إلّا ضلالٌ وإضلالٌ وعونٌ على باطلٍ واستدراجٌ من شياطين الإنس والجن لنشر الفساد والرذيلة في مجتمعنا.
يريدون أن ينشروا الفساد والرذيلة في مجتمعنا، يريدون أن يحاربونا في أخصِّ خصائص مجتمعنا المسلم، ألا وهي الطهارة والعِفَّة ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)) [النساء:27].
اللهم اعصمنا من الميل والزلل، وثبِّت على الحقِّ أقدامنا وفرِّج كربنا فأنت الأمل…
إنِّي داعٍ فأمِّنوا