الشيخ: محمد أبو النصر
التاريخ: 17/ ربيع الثاني/1436هـ
الموافق: 6/2/2015م
في أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 24 دقيقة
الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- الخلافُ في الرأي حول حرق الكساسبة.
2- لن نناقش المسألة الفقهية فلكلٍ دليله …
3- كيف نقيم هكذا فعل ولمصلحة من؟
4- محاكِمُ الصَّوابِ الثلاث عند العقلاء المؤمنين …
5- تصنيف من يتمردون على محاكم الصَّوابِ الثلاث…
الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
6- هل تفاعل الإعلام هكذا مع مآسي المسلمين الذين يحرقون بالآلاف؟
7- مآسي المسلمين حول العالم كنّا نسمعُ بها فغدونا نراها بل ونعيشها… وما من مجيب!
8- لكنّ حمزة لا بواكي له.
9- شعر: ذئابٌ ما رعت لله قدرا..
10- كيف تجيزون إعدام الطيَّار وأنتم تقولون بوجوبِ قتالِ البغاة؟؟
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3
* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى:
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكُفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله فاستدرج الكُفَّار بمكرِه، وجعل العاقبة للمتقين بفضلهِ، وأظهر دينه على الدين كُلِّهِ.
القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُمانع، والظاهر عليهم فلا يُنازع، والآمرُ بما يشاء والحاكِم بما يريد فلا يدافع ولا يُراجع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ نبيّنا محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشِّرك بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد من آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المحجَّلين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين أمّا بعد عباد الله:
قال الله تعالى وهو أحكم القائلين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة: 51)
إخوة الإيمان والعقيدة لعلّ كثيرًا منَّا سمع أو شاهد عمليَّة إعدام الطيار الأردني – العاملِ في الحِلفِ الصليبيّ- حرقًا بالنّار، وما تسبّب به هذا الخبر من تداعياتٍ ومن شدٍّ وجذبٍ ونقاشاتٍ طويلة، بلغت مَبلَغ الاختلاف والمِراء والجدل بين النّاس عامَّة وبين المجاهدين خاصَّة. وحقيقةً فليسَ المَقامُ هنا مقامَ أن نتحدَّث عن حُكمِ جواز ذلِك الفعل أو عدمِه، ولكنَّ ما راعنا حقًّا، وأثارَ حفيظَتنا حتى وجبَ التنبيه عليهِ هو:
ذاك الخلاف في الآراء الذي تلى نشر الخبر وتشعُّب في اتجاهاتٍ شتَّى ممّا أوجبَ التعليقَ عليه فنقول وبالله المستعان:
أنّ هذا الخلاف في الرأي إن كان حول حكم تحريق الرجُلِ بالنَّار … فلا مُشكلة إذن، لأنَّه خِلافٌ فقهيٌ قديم اختُلِفَ فيه من زمن الصحابة ولكلِّ فريقٍ أدلته ولكلٍّ تأويله ومردُّ الخلاف إلى جواز هذا الفعل قَصاصًا ومماثلةً لا تعذيبًا ومُثلَة.
أمَّا إن كان الخلاف حول الحكم بقتله أو عدمهِ … فهذا يعني أنّ ثمَّةَ مُشكِلةً في العقيدة، فالله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا) (النساء:144)
أمّا إن كان الخلاف حول المفاسدِ الكبيرة على الثورةِ والمجاهدين من الطريقة الهوليوودية السنيمائية التي أُعدِمَ بها، وإخراجُ ذلِكَ للملأ بتلك الصورة، فحدِّث ولا حرج، والله تعالى يقول: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (البقرة:269)
تِلك الحكمة يتحرَّاها كُلُّ ذي عقلٍ وكلُّ من يريد المنفعة والخير، أمَّا إن كان من أظهر ذلك يريد الشرَّ بالمسلمين ولا يأبه بمضرَّتِهم ولا يهتمُّ إلَّا بدعايةٍ آنية له أمامَ من دجَّنَ عقولَهم من حُدثاء الأسنان، أولئك الذين جعل منهم حطبًا يحرقهم ويقتِّلهم ولا يبالي بهم لتحقيق أغراضه النفسية ولتنفيذ أوامِر من خلفه…
فذاك حسبنا الله فيه ونعم الوكيل
وسوى الروم خلف ظهركَ رومٌ ***** فعلى أي جانبيكَ تميلُ
إخوة الإيمان لابدّ أن نعلم أنّ كلَّ مُؤمنٍ عاقل لابدَّ أن يُخضع أفعالهُ وما ينوي أن يُقدمَ عليه لثلاث محاكماتٍ يُقيِّمُ بها عمله، هي على التسلسل:
أهذا الفعل حلاٌل أم حرام؟ أهذا الفعل ممكنٌ عقلًا؟ أينفع هذا الفعل قضيَّتنا أم لا ينفعها؟
ثلاثُ محاكمَ لابدَّ أن يجتازها القرارُ قبل اتخاذِه وقبل الإقدام عليه فيسأل المرءُ نفسه:
أهذا العمل حلالٌ أم حرام؟
فإذا كان الأمرُ حلالًا أقدَمنا، أو حرامًا أحجمنا، أو مشتبهًا فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينِه وعِرضه.
ثم ننتقل للمحكمة الثانية: أيمكنُ القيام بهذا الفعل؟ أم أنَّهُ غير ممكن؟
فإن لم يكن ممكنًا فقد عذَرَنا الله عنه بقوله تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)
فإن كان حلالًا ممكنًا أخضعناه للمحكمة الثالثة وهي: أينفع هذا الفعلُ قضيَّتي أم يَضُرُّها؟
فإن كان حلالًا ممكنًا ينفعُ قضيَّتنا فبها ونعمت، ويكون فعله عندها عبادةً ومقرُبةً إلى الله تعالى إن خَلُصَت النيَّة.
وبهذه المُحاكمات الثلاث نكون قد حقَّقنا شرط الصواب في العمل وقد قلنا ونقول: أن الله لا يقبلُ من العملِ إلا ما تحققَّ فيه شرطا الإخلاص والصواب.
ولتعلم أخ الإسلام أن من يتمرَّدُ في أفعاله على هذه المحاكمات الثلاث لا يخلو أن يكون:
مبتدعًا أو فاسقًا مجترئًا على ما حرَّم الله (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: 229)
أو أن يكون متهوِّرا مغامِرًا يقدم على غير المكن والله تعالى يقول (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (النساء:29))
أو أن يكون سفيهًا جاهلًا يُضرُّ بقضيته وقضيَّة إخوانه يسير على غيرِ علمٍ ولا هدى يسيُ من حيث يظنُّ أنَّهُ يُحسنُ صُنعا، (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المُلك :22)
إخوة الإيمان هذه المحاكم الثلاث لابدّ أن يلتزمها الإنسان على المستوى الشخصي ولا يجوز له أن يخالِفها فكيف بما يكون على مستوى الأمّة والمسلمين!!
فكيف بمن تجتمع فيه أكثرُ من صفة ويخالِفُ أكثرَ مِن محكمَةٍ من محاكِم العُقلاء، ثمُّ يريد أن يتصدَّرَ لأمرِ المسلمين .. فاسقٌ مبتدعٌ متهوِّرٌ جاهلٌ سفيه جمع المفاسِدَ كلَّها ثمَّ يريدُ أن يتصدَّرُ لأمرِ المسلمين !!!
إن كان هذا فأشكُّ أن يكون من سكتوا عنه وتصدَّرَ عليهم عقلاء مؤمنين حقًّا !!
اللهم اصرف عنَّا كيد الكائدين، وسفه السفهاء والجاهلين، اللهم ولِّ علينا خيارنا، ولا تمكَّن علينا شرارنا
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفا وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى عباد الله، خير الوصايا وصيّةُ ربِّ البَرايا:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]
فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن. وتقوى الله عبادَ الله لا تكون إلَّا بمعرفة ما أمر الله به فنلتزمه، وما نهى وزجرَ عنه فنجتنبه، وهذا لا يكون إلّا بسؤال العلماء الربّانيين الحكماء.
والجهلُ داءٌ قاتلٌ وشفاؤهُ ********* أمرانِ في التركيبِ مُتَّفقان
نصٌ مِن (القرآن) أو من (سُنَّةٍ) **** وطبيبُ ذاك (العالم الربَّاني)
إخوة الإيمان:
من نظر بعين البصيرة لذاك الضخِّ الإعلامي الذي كان ومازال حول ذلك الطيَّارِ وطريقةِ إعدامِه، سيعرفُ ويستنتجُ مدى حِقدِ الكفّارِ المجرمين على أمَّةِ الإسلام، ومدى الذلِّ والهوان الذي بلغته هذه الأمّة التي غدت كما حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعَى عليكم كما تَدَاعَى الأَكَلةُ إلى قَصْعَتِها، فقال قائل : من قِلَّة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير، ولكنَّكم غُثاء كَغُثَاءِ السَّيْلِ، ولَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ في قُلُوبكم الوَهْنَ، قيل: وما الوهْنُ يا رسول الله ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا، وكراهيَةُ الموتِ»
إخوة الإيمان عندما نرى هذه الحملات الإعلامية، وهذا التشنيع وهذه الساعات الطويلة على مختلف القنوات الفضائية – العربيّة منها قبل الأجنبيَّة – وهي تتحدَّثُ عن مقتلِ رجُلٍ واحد لأنَّهُ حُرِق حرقًا بعد قصفه للمسلمين، ذاك القصف الذي لم تسلم منه النساء ولا الأطفال الآمنون – وما ريف إدلب منَّا ببعيد – ساعاتٌ طويلة على تلك القنوات لم نُشاهِدُ في مقابلها تلك القنوات تتحدَّثُ بعُشرِ معشارِ ذلِك عن الجرائم الفظيعة التي تُرتكب بحقِّ المسلمين في شتَّى أصقاعِ المعمورة في العصر الحديث، عصرِ من يدَّعون أنّهم أهل الحريَّة والديمقراطية وحقوقِ الإنسان، أولئك الذين يصبُّون حِقدهم على المسلمين أين ما وُجِدوا وأين ما تمكَّنوا منهم: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج:8].
كنّا وما زِلنا نسمع عن قتل وحرق المسلمين بالآلاف في الهند ومينمار، كنَّا وما زِلنا نسمع عن مجازر المسلمين في أفريقيا وأندونيسيا والفلبين، كنّا نسمع عن عشرات الآلاف الذين قتلوا واغتصبت نساؤهم وبناتهم في البوسنة والهرسك على مرأى ومسمع قوات الأمم المتحدة، نسمع عن أولئك، سمعنا وسمعنا …
ولعلّ بعضنا أو كثيرًا منَّا لم يسمع بأكثَرَ مِن ثلاثين ألفا قتلوا في أقلَّ من أسبوع رجالٌ ونساءٌ وأطفال، واختفى مثلهم في السجون وصفُّوا فيها، في مثل هذا الشهر شهر شباط من عام ألفٍ وتسعمائة واثنين وثمانين، يوم حاصر المقبور حافظ أسد مدينة حماة الأبيَّة وصبَّ عليها نيران المدفعيّة وراجمات الصواريخ، ومن ثُم استباحتها سرايا الدفاع التي كانت بقيادةِ أخيه رِفعت يومها، فنهبوا واغتصبوا وقتلوا ولم يتركوا فعلًا فعله التتار لم يفعلوه، بل زادوا على ذلك أنهم فعلوا فِعل التتار في أهل بلدهم.
سمعنا عن هذا وسمعنا عن مليون قتيلٍ في العراق وعن سجون الأمريكان وما كان يجري فيها من إجرامٍ يندى له جبين الإنسانية، ومن ثُمَّ طال بنا العمر فرأينا في ثورتنا هذه كيف بلغ القتل بالمسلمين مبلغًا ما عرَفته البشريَّة في القرن الجديد، أكثرُ من مئتي ألف إنسان على إحصائيات الأمم المتحدة – ولعلّ الرقم الحقيقي ضعف ذلك – مئتا ألف قتلوا وحُرِّقوا بنيران طائرات الأسد وببراميله ولم نر المجتمع الدولي ولا حكومات طواغيت العرب تحرِّك طائراتِها زودا عن المسلمين !!
لم نرى هذه الساعات الطويلة من التجييش الإعلامي على كلِّ القنوات العربية تدعوا للثأر للمسلمين، كما تدعوا الآن للثأر لطيارٍ أتى يقصف في سوريا ولم يذهب إليه أحد!!
أغدت دماء المسلمين أرخص شيء لدى أولئك الطواغيت الذين تسكتُ شعوبهم عنهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على لله من أن يراق دم امرئ مسلم)) وفي رواية (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)) والحديث حسنُ رواه الترمذي والنسائي. وبعد كلِّ هذا نرى ما نرى ونشهدُ ما نُشاهِد ومن ثمّ يسكت أولئك العملاء
دماء المسلمين بكل أرض *** تراق رخيصة وتضيع هدرا
وبالعصبية العمياء تعدو *** ذئابٌ ما رعت لله قدرا
كأنَّ لمِلة الكُفَّار طرّا على *** الإسلام حيث أضاء ثأرا
وجرّأهُم علينا أن رأونا *** سُكوتا والشعوبُ تموتُ قهرا
وما حسبوا لأمتنا حسابا *** وهل سمعوا سوى التنديد زجرا
وصيحات الأرامل واليتامى *** تُفَتِّتُ أكْبُدًا وتُذيب صخرا
وليس لهم مغيثٌ أو معينٌ *** كأن الناس كلَّ الناسِ سكرى
وهنا قبل أن نختمَ إخوة الإيمان، لابدّ من أن نجيب عن سؤالٍ ورد من بعض الإخوة الأفاضل مفادُه:
كيف تجيزون قتل ذلك الطيّار(هذا بالطبع مع اعتراضنا على الطريقة والأسلوب) وأنتم ممن تقولون بوجوب قتال البغاة فضلًا عن جواز ذلك؟
والجواب إخوة الإيمان: أنّ هذا شرعُ الله وهذا أمرُ الله، فالبغاة بغاةٌ مسلمون، ولم نقل عنهم كفّار، ولا يجوز الاستعانة بالكافرِ على المسلِم أيًّا كان، فالذي أمرنا بقتالِ البغاة بقوله: (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) هو ربُّنا ومولانا الذي أمرنا أيضًا بأن نتبرأ من الكفّار وأن لا نتَّخِذهم أولياء: فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا) (النساء:144)
ولذلك لم يُجز أحدٌ من فقهاء المُسلمين المعتبرين الاستعانة بجيوش دولٍ كافرة على المسلمين البُغاة الخوارِج (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) (النساء:141)
ألهم ألهمنا رُشدنا وأعذنا مِن شرورِ أنفسنا
تعددت يا بنـي قومـي مصائبنـا ***** فأقفلت بابنا المفتوح إقفـالا
كنا نُعالِـجُ جُرحًـا واحـدا فغدت ****** جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا
اللهم لا تمكِّن الأعداء فينا ولا تسلِّطهم علينا بذنوبنا
إني داعٍ فأمِّنوا