#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
إعلام الثورة .. وتعاطينا مع الأخبار
التاريخ: 18/ صَفَر/1438هـ
الموافق: 18/ تشرين الثاني/2016م
🕌 من أحد مساجد حلب المحررة
⏱ المدة: 15 دقيقة
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- تعاطي الجهال والمنافقين مع خبر الأمن أو الخوف.
2- الطابور الخامس.
3- الفروق الرئيسة في عرض ونشر الأخبار بين إعلام الثورة وإعلام النظام.
4- من المخوَّل بنشر أخبار المعارك.
5- لاتبعتم الشيطان إلا قليلا.
6- عواقب النشر العشوائي.
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
7- دعاء فقط.
رابط الخطبة على الفيسبوك
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3
الخطبة الأولى
الحمد لله ربّ العالمين ابتلى عباده ليختبرهم، وأثابهم على صبرهم بجنَّات النعيم ((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )) (آل عِمران : 142) والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا محمد الذي ابتلاه ربُّه فصبر فكان خير الصابرين، وشكر فكان خير الشاكرين، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أمَّا بعد إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)) (النساء:83)
هذه الآية الكريمة من سورة النساء، رسالةٌ يحذرنا فيها المولى سبحانه زاجرًا عن سلوكٍ سيّء وعن تصرُّفٍ خطير يقع فيه البعض عن حسن نيَّةٍ وجهل، ويفعله المنافقون عن خبثٍّ وقصد. ذلك الفعل – أيها السادة – يتلخَّص في نشر الأخبار وتحليلها وترويجها من غير مُراعاةٍ لعواقب ذلك على المسلمين، ذلك الفعل أيَّها السادة يكون في الانطلاق من مبدأ سوء الظنِّ بالمؤمنين عند نشرِ أيِّ خبرٍ أو تحليل. ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ)) أذاعوه ونشروه ورَّجوه دون التأكُّد مِن صحَّته، دو التحقُّق مما ينبني عليه، إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ، جاءهم خبر الأمنِ مثلًا؛ خبر النصر، خبر الفتح، الخبر السارّ، خبر الاستعداد لمعركة، خبر التجهييز لغزوة، وغير ذلك ممَّا يسر المؤمنين، تراهم يشيعون الخبر، فيضرُّون ولا ينفعون، والمسيئون والمنافقون المجرمون تراهم يسعون للإضرار بالمسلمين، حتَّى في خبر الأمن، حتى في خبر الخير، حتى في خبر النصر والفتح؛ فتراهم ينسبون ذلك لخطَّةٍ أراده العدو، لذكائه في الانسحاب!!،لتفاهماتٍ سياسية، أو للإرادة الدوليَّة …. فيتجاهلون تضحيات إخوانهم، وبذلهم ودماءهم.
هكذا يتعاطى أولئك مع خبر الأمن، مع الخبر المُسِر، تعاطٍ يقلب الخير السعيد مُحزِنًا، تعاطٍ يقلِب الخبر السارَّ نكدًا على المسلمين… وإذا كان هذا حال تعاطيهم مع خبر الأمن، فما بالك مع خبر الخوف؟ فما بالك بحالة الشِّدة؟!
إذاجاء خبر الخوف، جزع المنافقون، وسرت الهزيمة النفسية في قلوب ضعيفي الإيمان، إذا جاء خبر الخوف، جزعوا وخافوا، وخذَّلوا وحبّطوا معنويات الناس، فهم لم يختبروا الجهاد أصلا، ولم يعرفوا ما فيه، ولم يُعاينوه، لم يعرفوا أن الحرب كرٌّ وفر، تقدُّمٌ وانسحاب، يومٌ لنا ويومٌ علينا والعاقبة للمتقين.
أولئك – أيها السادة – لم يعرفوا القتال إلّا على القنوات التلفزيونية، يظنُّون أن المعارك تشبه ما يشاهدون في أفلام الأكشن، يتقدَّم البطل ولا يتراجع، يهجم ولا ينسحب، هكذا يُخيَّل إليهم ويتوهَّمون… فما إن يأتيهم خبر الخوف، خبرٌ محزنٌ قليلًا، فإذا بهم يجزعون فيضخِّمون الخبر ويهوِّلوه ويروِّجوه بين الناس، ينشرون الخبر السيّء ولو كان تراجعًا عن بناء، ولو كان انسحابا تكتيكيًّا، ينشرون تلك الأخبار ويضخِّمونها ليُشيعوا الهزيمة النفسيَّة بين المؤمنين.
كم الفرق كبيرٌ أيُّها السادة بين إعلامنا – المسمَّى إعلام الثور – الذي يقوم عليه من هم محسوبون علينا، وبين إعلام أعدائنا؟!!
أعداؤنا يصنع لهم إعلامهم من كلِّ هزيمةٍ نصرًا، وإعلامنا يفتعل لنا من كلِّ نصرٍ مُشكلة، ومن كلِّ انسحابٍ هزيمة!!
لم نسمع في الآونة الأخيرة في إعلامنا من يتحدَّث عن تحليل أحداث ومجريات الأيام الأخيرة، نسمع أنَّ المجاهدين انسحبوا عن بضعة أبنية، ولكنَّنا لم نسمع من يحلِّل الخبر متحدِّثًا عن بطولة مجاهدينا، وعن عظمة شجاعتهم!!
لم نسمع من يحدّث الناس كيف أنَّ هذه البقع الصغيرة التي أخذها نظام الفجور والإجرام، لم يأخذها حتَّى سوَّاها بالأرض، على رؤوس أبطالٍ ثبتوا فيها، لم نسمع مَّن يتحدَّث عن حقيقة أنَّ هذه البقع الصغيرة بذلت من أجلها قوات العدو مئاتٍ من القتلى، وهم الذين آزرتهم مئات الغارات الجوِّيَّة، ومع ذلك ثبت فيها أبطالنا عشرات الأيام والعدوّ يهاجمهم صُبحًا وعشيَّة، والعدو يهاجمهم ليل نهار ومن ورائه مدده الذي لم يتوقف من ذخيرةٍ وجنودٍ وطيران، كلُّ ذلك لكي يستطيع التقدُّم لمنطقةٍ نعلمُ جميعًا بأنَّ إخواننا يوم حرَّروها أخذوها بيومين أو ثلاث…
يتحدثون عن منطقةٍ استعادها النظام بجهد شهور ولا نسمع من يُذكِّر بأن إخواننا حرروها بيومين أو ثلاث واحتاج النظام عشرات الأيام ليسترجعها منهم وقد كان يستهدفها مهاجِما ليلا ونهارا بمعونة طيران محا جُلَّ أبنيتها ودمَّرها تدميرًا…
لانسمع في إعلامنا من يتحدَّث بهذا الشكل، لا نسمع في إعلامنا من يتحدَّث عن صمودٍ أسطوري لأبطالٍ سيذكر التاريخ بطولتهم، والمصيبة الأدهى والأمرُّ أيها الأحبَّة أن بين ظهرانينا أناسٌ يفعلون ذلك عن طيب قلب، يروجون هذه الأخبار التي تُشيع الهزيمة النفسيَّة، ولكنَّ الأشدُّ منهم شرًّا والأضل سبيلًا والألعن مقاما، مؤيدوا النظام الكافر، ذاك الطابور الخامس المقيم بين ظهرانينا، أولئك الذين يروِّجون الأخبار التي يبثها النظام الفاجر، ليشيعوا الهزيمة النفسية بين الناس…
أيها المسلمون، وخطابي للمؤمنين الذين يفعلون ذلك عن جهلٍ وطيب قلب، أقول لكم: أين الحكمة؟ أين حِكمة الحكماء في التعاطي مع الأخبار ونشرها؟! أين إيمان المؤمنين؟ أين من يُطيع الله تعالى فيردُّ الأمر إلى أولي الأمر، ليعلم ما يجوز نشره ممّا لا يجوز؟
تخيَّلوا معي أيها الأحبَّة، أنَّ بعض إخواننا ممن يُحسبون على إعلام الثورة ينشرون انسحاب إخوانهم من بناء أو منطقةٍ صغيرة ويضخِّمون الخبر ويفتعلون منه نصرًا للعدو حتى قبل أن يفعل إعلام النظام ذلك!! والطابور الخامس الذي بين أظهرنا يروِّج الخبر ويُطبِّل ويُزمِّر له!
أين من يردُّ الأمر إلى المسؤولين عن نشر الأخبار؟؟
إن أردنا أن نعرف من هم المسؤولون عن نشر الأخبار، فيجب أن نعي جيِّدا بأن ذلك منوطٌ بقادة غُرف العمليات وليس غيرهم من أبناء الفصائل المجاهدة ولا حتَّى قاداتها، إذ ليس لهم حقٌّ في نشر الأخبار…
غرف العمليات التي تقود المعارك، قاداتها وحدهم هم الذين يعرفون ما يجوز نشره من الأخبار التي تنفع المجاهدين ممَّا لا يجوز نشره، يعلمون ما ينفع المعركةَ وما يضرّ…
فاتقوا الله في إخوانكم أيها السادة، وأطيعوا ربَّكم …
أيها المسلم، أيها المجاهد، أيها الإعلامي، ليس كلُّ خبرٍ قابلٌ للنشر.
وليس كلُّ خبرٍ خاطئ يجب أن نكذِّبه، فالحرب خُدعة، الحرب خدعةٌ أيها السادة، ولو ردَّ ذلك إلى أولي الأمر، ((لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا))
لاتبعتم الشيطان بنشر الأكاذيب والأباطيل، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : « كَفَى بالمَرْءِ كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ». [رواه مسلم]. وقال – صلى الله عليه وسلم -: « بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا» [حديث صحيح رواه أبو داود]. … هيك قالوا … كيف تنشر الخبر وأن لم تتأكد من صحته ولم تتأكد من مصلحتنا في نشره؟!!
((وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا))
لاتبعتم الشيطان باليأس والقنوت من رحمة الله.
لاتبعتم الشيطان بسوء الظن بربكم وبدينكم وبإخوانكم.
لاتبعتم الشيطان ولدبَّت الهزيمة في نفوسكم فولَّيتم الأدبار أو واليتُم أعداءكم.
لاتبعتم الشيطان وكنتم من المُخلَّفين الفرحين بمقعدهم خِلاف إخوانهم…
لاتبعتم الشيطان فاستزلَّ بعض جُهالِكم للشماتتة بإخوانهم !! وهذا – والعياذ بالله – إن كان حُبًّا للكفار وبغضًا للمؤمنين يصل بصاحبه إلى الكفر والعياذ بالله
((وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا))
« وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ ». [رواه الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح]
اللهم اعصمنا بمحض فضلك ورحمتك من الزلل، وجنِّبنا اللهم الخلل، وأصلح عملنا فيما بقي من الأجل، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
بارك الله فيك اخي ابو النصر وفتح عليك