خطبخطبة الجمعةكاتبمحمد أبو النصر

سلسلة تغيير العادات (3) – أمنيات… ثوار على خطا بشار

  • خطبة الجمعة
    خطبة الجمعة
  • خطبة الجمعة 68
    خطبة الجمعة 68
  • خطبة الجمعة 68
    خطبة الجمعة 68

الشيخ: محمد أبو النصر
التاريخ: 29/ شوال/1436هـ
الموافق: 14/ آب/2015م
في أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 30 دقيقة

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى:
1- مَعَهُمْ سِيَاطٌ … يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ
2- شُرَطةٌ، يَغْدُونَ فِي غَضِبِ اللهِ ..
3- عندما تنتقل بعض الممارساتُ الإجرامية إلى سجون الثوَّار
4- الأجهزة الأمنية الثورية بين الحقِّ والفجور.
5- ويلٌ للظلمةِ من ناصِرِ المظلومين.

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية:
6- ننصر أخانا ظالمًا بردِّه عن ظُلمه.
7- ما قيمة الاعترافات تحت التعذيب؟!
8- إذَا ابْتَغَى الأمِيرُ الرِّيبةَ في النَّاسِ…
9- إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3
* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله فاستدرج الكفار بمكرِه، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كُلِّه.

القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُمانع، والظاهر عليهم فلا يُنازع، والآمرُ بما يشاء والحاكِم بما يريد فلا يدافع ولا يُراجع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشرك بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد من آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المحجَّلين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين أمّا بعد عباد الله

يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) (ابراهيم:42-43)

إخوة الإيمان والعقيدة لقاؤنا بكم يتجدد في الحلقة الثالثة من سلسلة التغيير والبناء، هذه السلسة التي انطلقنا بها من قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11) فأردنا التنبيه على بعض العادات الشئيمة التي تغلغلت في مجتمعنا زمن الجاهلية، ومازلنا نعيشها إلى اليوم واقِعًا وممارسة حيث كان حديثنا الماضي حول قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا” رواه مسلم

أمَّا الكاسيات العاريات فتحدَّثنا عنهم بما يكفي في اللقاء الماضي، ومحور حدِيثِنا اليوم الصنف الآخر من أهل النّار( قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ)

قومٌ حدَّث عنهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما قال لأَبِي أُمَامَةَ – رضي الله عنه -: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ شُرَطةٌ، يَغْدُونَ فِي غَضِبِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللهِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ بِطَانَتِهِمْ». [رواه الطبراني. وصححه الألباني].

أناسٌ يتوظَّفونَ وظيفةً ويعملونَ عملًا يذهبون ويعودون في غضب الله وسخطه جلَّ وعلا.

أولئك القوم هم من يظلمون النّاس ومن يضربون خلق الله على الشبهة والتهمة من غير وجه حقٍّ ولا غلبةِ ظنٍّ، ولا رادعٍ من أخلاقٍ أو ضمير …

أولئك الذين يكونون حاشية الفجرة الفسقة، أولئك هم عسس الأنظمة الكافرة وأعوان أمراء الحروب ومجرميها، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول:
«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ سُفَهَاءُ يُقَدِّمُونَ شِرَارَ النَّاسِ وَيَظْهَرُونَ بِخِيَارِهِمْ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلا شُرْطِيًّا وَلا جَابِيًا وَلا خَازِنًا».
إخوة الإيمان والعقيدة: عندما نتحدث عن أولئك القوم مِن أهل النَّار، عندما نذكر تلك الصفات المقيتةَ المذمومة، سرعان ما يذهب الذِّهن وينتقِلُ الفِكرُ إلى شُرَطةُ الأنظمة الكافرة، إلى شبيحتهم، إلى جلاوزتهم إلى سجّانيهم إلى ما يحصُل في فروع أمنهم ومعتقلاتهم … ولكنَّ عقل المؤمن وحسن ظنِّه بالمسلمين لا يتخيَّل أن تنتقل تلك الممارساتُ الإجرامية إلى بعض سجون المجاهدين والثوَّار …

نعم أيَّها السادة: صرنا نسمع بذلك في سجوننا ومعتقلاتنا، وإن كانت النسبة والدوافع لا تقارن أبدًا بما هو عند أولئك الكفرة، لكنَّ هذا لا يعني أبدا جواز ذلك الفعل أو السكوت عنه، فمن سكت عن قليل الظلم استمرأ الذلَّ وسكت عن كثيره.

حقيقةً أيُّها السادة الأكارم: إن لمن شرِّ البلايا وأسوأ الرزايا أنَّ هذا ما زال موجودً في مجتمعنا إلى اليوم، هذا المجتمع الذي قدم نصف مليون شهيد وملايين المشرَّدين ليعيش بكرامةٍ وعز. لينتهي من الاعتقال التعسُّفي ومن الضرب على التهمة ومن التعذيب في السجون … هذا المجتمع الذي خرج ثواره لأجل هذا…

هذا المجتمع هو نفسه ما زال يعاني من هذا الظلم بين صفوف كثيرٍ ممن تصدَّروا للعمل في السجون والتحقيق!؟

أصبحنا نرى من يظنُّ أن جهاده يعطيه الشرعيَّة ليظلم النَّاس، ليضرب الخلق، ليروِّع المؤمنين … وبعد كلِّ هذا يظنُ نفسه مُجاهدًا ويحسبُ أنَّه يُحسِنُ صُنعا…

ولعلَّ شرًا من ذلك مكانًا وأضلَّ سبيلًا من يظنُّ أنَّه يفعل هذا نُصرةً للدين وإقامةً للشرع … والشرع منه براء .. يتهمُ النَّاس ويتتبَّعُ عوراتهم ثمَّ يعذِّبهم لينتزع منهم اعترافات يرضي بها ظنَّه وساديَّته …

يتجاهل ذاك المغفَّل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته
لا يدري ذاك المُجرم أنَّ الضرب المباح عند غلبة الظن يكون تخويفًا لا يخدِش جلدًا ولا يكسِرُ عظمًا ولا يترك أثرًا (وهذا عند غلبة الظن للجرائم الخطيرة)

فكيف بمن يمارس التعذيب؟ يؤلمُ المؤمنين المتهمين في تهمٍ بسيطة، لعلَّ بعضها إن ثبتت على المتهم يكون تعزيرها شرعًا أقلَّ بكثيرٍ من التعذيبِ الذي ذاقه بين أيدي أولئك.
والمصيبة الأكبر حين يخرج ذاك المُتهمُ بريئا… أين ستذهب بوجهك في الدنيا وكيف ستنفد من عذابِ الآخِرة ؟!

أيّها الشاب المسكين، يا من خرجت لنصرة المظلومين وإعلاء شرع ربِّ العالمين، تذكَّر أن جهادك وشهادتك إن قُتلت في سبيل الله لا يُغفرُ بها حقُّ العبيد…

تذكَّر أنَّ ذنبك تجاه ربِّك مغفور أمَّا حقُّ العباد فلا مغفرة فيه مالم يعفوا ويصفحوا، وإلَا أخذ هذا مِن حسناتك وذاك من حسناتك فإذا فنيت حسناتك أُخِذ من خطاياهم فطُرِحت عليك ثمَّ طُرِحت في النَّار ..

تذكَّر أنَّك وإن اختلت اليوم بصولتك وجولتك فإنَّ هناك يومًا عصيبًا ينتظرك لما اعتديت فيه على حرماتِ المسلمين إذ أهنت وضربت وآلمت وعذّبت ..

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ } [ إبراهيم42]

فليسمع وليعي قادة الفصائل والعناصِر بأن ما يسمونه أمنيات، إنَّما هو مشروع حقٍ يجب دعمه عندما يلاحق الجواسيس والخونة والعملاء والمفسدين المجرمين، لا عندما يستنَّ الجهلة القائمون على كثيرٍ من تلك المشاريع بسنَّة من قبلهم من الأنظمة الفاجرة، يقلِّدون أساليبهم ويتَّبعون خطاهم ( شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب) لتبعه أولئك، فعندها تكون هذه المشاريع مشاريع معادية، وجب على المسلمين أن يتخلَّصوا منها، وأن يتطهروا من درنها، كيف لا ونحن نرى كثيرًا منهم قد قرَّبوا شرار النَّاس إليهم ليكونوا كلابًا مسعورة على كلِّ من يُخالف هوى قادتهم، يضربون المسلمين ويعذَّبون دون وجه حقٍّ، يتجرّؤون على الدم الحرام بحجَّة البحث عن المطلوبين والمُتهمين، ثمَّ بعد كلِّ هذا يتوهم من يفعل ذلك بأنَّه مجاهدٌ ينصُرُ الحق !!!

أما سمع أولئك ما رواه مسلم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنَّه قال: ((إنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاس في الدُّنْيَا))

وأنَّه – صلى الله عليه وسلم – قال: ” مَنْ ضَرَبَ بِسَوْطٍ ظُلْمًا اقْتُصَّ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ” [البيهقي في السنن الكبرى]

من ضرب بعصا، من ضرب بحجر، من ضرب بجنزير، من ضرب بكبل، من كسر عظم مسلمٍ ظلما، من كهرَب مسلمًا، من روَّع مسلما ظلما، أو أرعبه كُلٌّ سيقتصُّ منهم يوم القيامة.

وشتَّان شتَّان بين القصاصِ في الدنيا والعقابِ في الآخِرة، شتَّان شتَّان بين قصاص الناس في الدنيا وبين أن يكون القصاص والعقاب أمام أحكم الحاكمين، أمام ديَّان يوم الدين.

أبصر بأولئك وأسمع يوم يرون عذاب الله وبطشه، يوم يتبرَّأ منهم قاداتهم وأمراؤهم وكبراؤهم (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا)
ويلٌ للظلمة من ناصِر المظلومين
ويلٌ للظلمةِ من ناصِرِ المظلومين
ويلٌ للظلمةِ من ناصِرِ المظلومين في الدنيا والآخرة
ويلٌ لمن يغدون ويروحون في غضب الله وسخطه
ويلٌ لمن يسلِّطون الأشرار على الناس

ويلٌ لهم في الآخرة ومن قبلها في الدنيا قصاصٌ بيد هذا الشعب المظلوم سيأتي يومًا ما لا محالة، وسيُحاكم الجميع ومن غفل عنه البشر فالله خير الحاسبين، (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس: 61)

اللهم أعطنا كتابنا باليمين واستر زلاتِنا يا غفور يا رحيم أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفا وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى عباد الله، خير الوصايا وصيّة رب البرايا:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن.

أمَّا بعدُ إخوة الإيمان:
ونحن ننصرُ إخواننا المجاهدين كما أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ قال: (( انْصُرْ أخَاكَ ظَالماً أَوْ مَظْلُوماً )) فَقَالَ رجل: يَا رَسُول اللهِ، أنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً، أرَأيْتَ إنْ كَانَ ظَالِماً كَيْفَ أنْصُرُهُ ؟ قَالَ: (( تحْجُزُهُ – أَوْ تمْنَعُهُ – مِنَ الظُلْمِ فَإِنَّ ذلِكَ نَصرُهُ)) رواه البخاري .

هذا النصح الذي نوجهه لإخواننا إنَّما هو لتصويب مسيرة الجهاد إنما هو للتنبيه والتحذير من خطورة ممارسات بعض من ركب موجة الثورة فأساء إليها وشوَّه سُمعة مجاهديها …

لذلك فنحن نخاطب من انحرف عن طريق الحق بعد أن سار في درب الجهاد، فطغى وبغى وظلم بسوء نيَّةٍ أو بحسن نيَّةٍ مع جهل، لابدَّ أن نذكِّر أنفسنا وإخواننا بأنَّ الله تعالى وصفَ حزبه وخاصَّته من خلقه فقال:
(أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) (المائدة:54)

وامتدح أصحاب نبيِّه فقال سبحانه:
(أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) (الفتح:29)

أين هذا الوصف من حال من يعذِّبُ الناس بالشبهة؟؟.

أين هذا ممن يترك أذناب النظام ومن كانوا قبل فترةٍ وجيزةٍ خدمًا له، يتركهم بين صفوفه ليجرموا وليشوِّهوا سمعة الجهاد والمجاهدين، ثمَّ بعد هذا يدَّعي أو يتوهم ذلك الجاهل بأنَّه ينصر الدين ويقيم العدل ويجاهد في سبيل الله !!!

ينتزع الاعترافات من الناس تحت التعذيب، يستنُّ بسنَّةِ الكفرة، لا يدري أنَّ هذه الاعترافات لا قيمة لها عند قاضٍ يحكم بما أمر الله به من العدل والإحسان…

هذه الاعترافات تحت التعذيب لا قيمة لها إلَّا عند من كانوا يحاكمون النَّاس في المحاكم العسكرية زمن الأنظمة الكفرية وعند من استنَّ بسنتهم وسار على ضلالهم واقتدى بنهجهم ممن نراهم في زماننا يتصدَّرون أمام النّاس، والعلم والشرع والفهم منهم براء.

ممن يسلِّطون بعض أتباعهم ليتتبعوا عورات المسلمين وكأنَّهم لم يسمعوا قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إذَا ابْتَغَى الأمِيرُ الرِّيبةَ في النَّاسِ أَفْسَدَهُم» [صحيح رواه أبو داود]

أولئك الذين يتصدَّرون قبل أن يفهموا مقاصد الشريعة وتفاصيل أحكامها، شريعتنا الغراء تلك التي قرنت العدل بالإحسان، شريعتنا الغرَّاء التي قدَّمت الستر على الفضح، شريعتنا الغراء التي نصت على ما يحفظ المجتمعَ ويمنع انتشار الفواحش فيه، شريعتنا الغرَّاء لم تأت بتتبع عورات الناس وفضح زلاتهم وكشف أستارهم، شريعتنا الغراء لا أحد فيها أعلى من الشرع، ولا مكان فيها للتستر بأوامر القادة، فكم من أولئك المجرمين يضرب ويعذِّب ويهين، ويتتبع عورات الناس ويفتِّش في خصوصياتهم ثمَّ يتعلَّل بأمر قائده.

أتطيع قائدك وأميرك وشيخك إن أمروك بمعصية الله ورسوله؟! أغدى أميرك وقائدك وضابطك أحبَّ إليك من الله ورسوله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)) [ البقرة]

في ذاك اليوم العصيب سيتبرّؤون منك جميعًا، لن يحملوا عنك وزرك، يامن قهرت وضربت وظلمت واعتديت على إنسان بريء (مسلمًا كان أو غير مسلم) سترى أعمالك حسراتٍ أمامك، وستشهد ذلك في الدنيا قبل الآخرة، ستشهد دعوة المظلومين، في بدنك وبدن بنيك وفي مالك وفي حياتك، في الضنك والنكد، فرسول الله أخبرنا وهو الصادق الأمين: بأنَّ دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.

أخبرنا بأنَّ ” دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ” [حسن لغيره رواه أحمد] وفي روايةٍ “وإن كان كافرا”

فليبلغ الحاضر الغائب، ولننصح إخواننا قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه الندم، فلابدَّ لهذه الثورة من موجةٍ ثانية، والنصر آتٍ لا محالة، ومن ثار على ظالمٍ وعرف معنى العزَّة والكرامة لن يرضى بالعودة إلى الذلِّ والقهر (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21)

إني داعٍ فأمِّنوا

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى