بقلم: أحمد منصور
تهتم كثير من الحركات الإسلامية بالتربية كجزء من إعداد الفرد وبنائه وهو منهاج رباني وهدي نبوي، غير أن التربية في كثير من الأحيان تنحرف عن ذلك المنهج وتنحو مناحي شتى تؤدي في النهاية إلى نتاج إنساني مشوه.
فالتربية التنظيمية الفاسدة تنتج شخصيات مشوهة وعقولا منحرفة ونفوسا مريضة تؤثر ما عند الناس على ما عند الله وتقدم الجماعة على الأمة والتنظيم على الوطن، تقدس القيادة ولا تسائلها ولا تحاسبها وتلغي العقول وتعمي العيون، تلغي الشورى أو تجعلها شكلية أو بالتمرير وتبرر الفردية والتسلط، تلغي المحاسبة وتختلق الأعذار للمخطئين، تطوع النصوص لخدمة مصالحها، وتزور التاريخ وتطمس حقائقه وأحداثه للتغطية على أخطائها، تحيط نفسها بهالات مصطنعة وتضفي عليها شيئا من القدسية والاستعلاء.
أصحاب التربية التنظيمية الفاسدة هم الذين يتشبثون ويدافعون عن قيادات هزيلة ضعيفة، عاجزة غير مؤهلة، لا تجيد إلا تكرار المحن وصناعة الأخطاء والتغني بالابتلاءات، وتتذرع بالمؤامرات والخيانات وأن ما يجرى هو سنة الدعوات.
التربية التنظيمية الفاسدة هي التي تحول أغلب الجماعة إلى عميان وبكم، يرون الأخطاء فيشيحون بوجوههم ويغضون أبصارهم وتنعقد ألسنتهم مخافة اللوم أو خسارة المواقع والامتيازات والحظوة أحيانا ولكل مبرراته، ومداخل الشيطان لا نهاية لها وإذا رأوا من ينتقد لاموه أو من يصوب الأخطاء خونوه.
التربية التنظيمية الفاسدة هي التي تنتج بعد ثلاثين عاما أناسا لا يصمدون عندما يلوح لهم بمنصب أو يوزع عليهم مغنم، وارجعوا لشهادة الدكتور حسن الترابى على العصر الذي كان أول منصدم بفساد تلامذته، من قضوا في التربية ثلاثين عاما، وإذا هم يغرقون في الفساد بمجرد أن لاحت لهم الفرصة، حيث باعوا دينهم بعرض زائل من الدنيا، وإن شئتم راجعوا تجارب الحركات الإسلامية التي شاركت في السلطة في بلاد أخرى، لا سيما في مصر وتونس، وارصدوا من تصدروا المشهد، وما مؤهلاتهم وخبراتهم، وهل كانت
لديهم مشروعات أو رؤى للحكم وسياسة الناس وقيادة الأمة أم أنهم اكتفوا بشرف انتخاب الناس لهم وثقة الجماهير فيهم، فغياب الحساب والعقاب والشفافية وتصويب الأخطاء قمة الفساد في الجماعات والدعوات.
التربية التنظيمية الفاسدة هي التي تقدم أهل الطاعة العمياء على أهل الطاعة المبصرة وأصحاب الانقياد الأعمى والولاء المطلق على ذوي العقول والأبصار والرأي والفهم والحزم والعزم.
التربية التنظيمية الفاسدة هي التي تبقي على القيادات العاجزة في مناصبها من المهد إلى اللحد، دون تغيير أو تبديل أو محاسبة ثم يتساءل الناس لماذا لم يأت النصر؟
إن سنن الله غلابة وأقداره نافذة ولا يمكن أن يكتب نصرا أو يجلب عزا للأمة على أيدي ذوي التربية الفاسدة وإلا فتن الناس عن الحق وزاغوا عن الصواب، فسنن الاستخلاف لها شروطها ولها أهلها..
«وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا».