الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة كتابه المبين وجعل علم هذه الأمة وشرعها آخر الشرائع والناسخ لما قبلها، لهذا كان علماؤها ذوي شرفٍ عالٍ ومنزلةٍ كبيرةٍ إن هم اتقوا وعمِلوا بما علِموا.
ولعل أهم دور من أدوار العلماء هو نشر الدين وتعليم الشريعة الغراء التي دعت لتوحيد الخالق ولمكارم الأخلاق وغير ذلك مما فيه خير الدنيا والآخرة ولهذا ورد فيهم عنه صلى الله عليه وسلم (يرث هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وتحريف الغالين)
ولكننا في سوريا ابتلينا بمشايخ كانوا أبعد ما يكون عن الدعوة إلى الله بل كان كثير منهم عوناً للطواغيت ودعاة إلى الضلال، وما إن قامت الثورة السورية حتى تمايز الناس (ليميز الله الخبيث من الطيب) فانقسم من يدّعون العلم إلى ثلاثة أقسام : قسم مؤيد للمجرم الكافر، وقسم قليل جداً وقف مع الحق ومع المظلومين وعمل في حقل الدعوة إلى الله يسدّد ويقارب ما أمكن بغية تصحيح مسار الثورة والمحافظة على خط سيرها وصولاً لإسقاط النظام بكل أركانه وإقامة دولة الحق والعدل. أمّا القسم الثالث وهم شريحة كبيرة من المشايخ آثروا الصمت والترقب ليكونوا مع المنتصر.
وبهذا زاد بلاؤنا بلاءً ومحنتنا محنةً ولعل من أبلغ ما وصف هكذا حال القول الشهير لعبد الرحمن الكواكبي عندما وصف دور العلماء فقال :(العوام صبية أيتام نيام لا يعلمون شيئا، والعلماء هم إخوانهم الراشدون، إن أيقظوهم هبوا، وإن دعوهم لبوا، وإلا فيتصل نومهم بالموت) ،ولعلنا إن تعمقنا في التفكر بهذا الاتجاه علمنا عظم المصيبة في ثورة شعب جَهّلَه النظام خمسون عاماً، ثم ابتلي بعلماء يعدُّون أنفسهم مجرد خازنة للأوقاف ومستفيدين باسم الدين ابتعدوا عن الثوار فلم ينفعوهم نصحاً وتعليماً – إلا القِلَّة القليلة مِمَّن رحم ربُّنا – ومن ثمّ تراهم يكيلون التهم للمجاهدين بدل أن يكونوا معهم نصحاًّ وتسديداً.
وعليه فإننا في تجمع دعاة الشام بعد الإطلاع على مشروع ما سمي (المجلس الشرعي لمحافظة حلب) نؤكّد رفضنا القاطع له بصورته الحالية ونعتبره تطاولاً وتسلطاً من غير ذي أهليةٍ ولا سُلطة.
فقد ورد في مشروع نظامه الداخلي المقدَّم (وهو ملحق بهذا البيان) في بند مهام المجلس (يعتبر بعد تأسيسه السلطة الشرعية الوحيدة للشؤون الدينية في حلب)، وهنا نسأل القائمين على هذا المشروع من نصّبكم سلطة شرعية وحيدة ومن أعطاكم هذه الشرعية ومن تمثلون من الفئات العاملة على الساحة السورية، وأين أنتم مثلاً في محافظة حلب مقارنةً بجهد الهيئة الشرعية في إدارة الشؤون الدينية، وأين أنتم من جهد المؤسسات الدعوية الإسلامية العاملة، وأين هم الدعاة الذين يعملون عندكم وهل يعقل لعاقلٍ أن يوافق على مشروع لتشكيل مجلس شرعي في حلب المحررة لا يشترط فيه للشيخ الذي سيدخله أن يكون مؤيداً على الأقل للثورة هذا إن لم يشترط أن يكون مشاركاً فيها بشكل بارز ، ففي الصفحة الثالثة من المشروع المقدم في بند (شروط الانتساب إلى الهيئة العامة)، لم يوضع أي شرط بهذا الخصوص والمصيبة الأعظم أنه في نفس الصفحة اشترط على أعضاء التنسيق الذين يمثلون قيادة هذا التجمع في البند الأول أن يكونوا [غير مناهضين للثورة] وكذلك ورد في شروط الترشح للأمانة العامة وكذلك رئيس المجلس بل وفي المسودة اشترط على المستشارين [التجرد والحياد في المواقف السياسية والإجتماعية] ورسول الله يقول (من لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم)
وبهذه الشروط يدخل جميع المنافقين وأصحاب الوجهين في هذا التجمع ويعتبرون أنفسهم سلطة وحيدة همّها جمع الأوقاف والحفاظ على مراكز مشايخ الضلال الذين كانوا في الفترة الماضية جزء لا يتجزأ من مؤسسة النظام الأمنية.
ومما وردَ أيضاً في المشروع المقدم بخصوص الهيئة الاستشارية لهذا المجلس اشتراط أن يكون العضو فيها حاصلاً على (الدكتوراه في الشريعة)، وهنا نوجه سؤالنا للقائمين على هذا المشروع كم وكم من علماء هذه الأمة الكبار الأفاضل لم يدرسوا في جامعات رسمية ولم يحصلوا على شهادات منها؟ ولكنهم كانوا أغزر علماً وأكثر فهماً ومعرفة من غيرهم ممن تلقوا العلم ولم يتلقوا الإيمان ولا الغيرة على حرمات الله؟
لذا فبناءً على كل ما سبق فإننا في تجمع دعاة الشام نؤكد رفضنا للمشروع المطروح بصيغته الحالية طالما لم يحصل عليه اتفاق يشمل عدد كبيراً مناسباً من العاملين في حقل الدعوة والجهاد وبالذات المؤسسات الدعوية والشرعية العاملة في الداخل السوري.
ونؤكد بأن هدم المؤسسة الدينية بكل رموزها وأشكالها مطلب مهم ورئيسي من أهم مطالب المجاهدين في سوريا، كما ندعوا كل العلماء بأن ينزلوا من بروجهم العاجية الوهمية وأن يشاركوا من سبقهم من إخوانهم في درب الدعوة إلى الله بغية إصلاح المجتمع وترميم الصدع الشرعي والأخلاقي الذي أصيبت به بلادنا بعد ما قاسته من تجهيل وتحريف دام قرابة النصف قرن.
وختاماً فإننا في دعاة الشام نرفض كل شكل من أشكال إعادة تكوين مؤسسات النظام السابق بكل أشكاله ورموزه بما في ذلك المؤسسة الدينية ونقول لأولئك المشايخ لا مكان على منابر المساجد في سوريا الحرة للمنافقين والمرجفين.
( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )
– ملحق بالبيان نسخ مصورة من مسودة النظام الداخلي المقترح من قبل الداعين لمشروع المجلس الشرعي ( موضوع البيان )
الصفحة الثانية – الصفحة الثالثة – الصفحة الرابعة – الصفحة الثامنة
رئاسة مجلس شورى تجمع دعاة الشام
شام رسول الله
14/ شعبان / 1434هـ
23/ حزيران / 2013م