#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر
في وداع رمضان
أحكام زكاة الفطر وصلاة العيد
التاريخ: 26/ رمضان/1437هـ
الموافق: 1/ تموز/2016م
من أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 24 دقيقة
🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- الفائزون والمغبونون في رمضان
2- إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ
3- رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ
🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
4- صدقة الفطر (الحكمة من مشروعيتها – مقدارها – لمن ومتى تؤدَّى؟)
5- من سنَّة النبيِّ صبيحة يوم الفطر.
6- دعوة الرجال والنساء لصلاة العيد، وفضائلها.
7- أدب المسلم والمسلمة في الخروج لصلاة العيد.
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ نبيّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وصفيِّه وخليله، أَرْسَلَهُ الله بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغرِّ المُحجَّلين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أمَّا بعد إخوة الإيمان ها قد وصلنا لتدبِّر أواخر آيات الصيام، إذ يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة:185-186)، ها قد اقترب كمال العِدّة وها قد حان الوداع وآذن الشهر بالرحيل.
ترحَّل الشهر وا لهفاه وانصرما … واختُصَّ بالفوزِ في الجنَّات من خَدما
وأصبح الغافل المسكين مُنكسِرا … مثلي فيا ويحه يا عُظْمَ ما حُرِمَ
من فاته الزرع في وقت البِذار فما … تراه يحصد إلّا الهمّ والنَّدما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعتَه … في شهرِه وبحبل الله معتصما
إخوة الإيمان: والله إنّها لنعمةٌ عُظمى ومِنحةٌ كبرى أن بلَّغَنا الله رمضان وقد كنّا بالأمس القريبِ نتشوّق للقائه، فأطال الله أعمارنا فتنعمنا ببهائه، وعِشنا في نفحاته. لحظاتٌ مرَّت مرور الطيف، ولمعت لمعان البرق فطوبى لمن نال الرحمة والمغفرة والعِتقَ من النّار…
طوبى لمن خرج من شهره بفضائل الخصال، مبرأةً صحائفه من سيئات الأعمال… طوبى للصائم الصادق المحتسب، الذي استلهم الدروس من مدرسة رمضان، استلهم قوَّةَ الإرادة والعزيمةِ على كل خير، وتعلَّم تقوى الله في كلّ حين.
طوبى لمن قوَّم سلوكه، وهذّب نفسه فغدا الصوم لنفسه حِصنًا حصينًا من الذنوب والآثام وحِمى مُباحًا للمحاسن والمكارم، فرقَّ قلبه، وصَلُحتْ نفسه، وتهذَّبتْ أخلاقه في هذه في الدنيا، أماّ في الآخرة فقد تمنّى المؤمنون الصائمون على الله تعالى ما وعدهم به رسوله، إذ قال صلوات ربّي وسلامه عليه: ((الصِّيَامُ وَالقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ القُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيَشْفَعَانِ)) [والحديث صحيحٌ رواه أحمد].
وفي الحديث القُدسيِّ الذي رواه البخاريُّ ومسلم يقول الله – عزَّ وجلَّ – : ” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام ، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ …”
وفي رواية لمسلم: ” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ . قَالَ الله تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ ”
وإذا كان الأجر – أيها السادة – من العظيم الكريم ، إذا كان الأجر من الرحمن الحنَّان المنَّان فيا بشرى ويا طوبى لمن بذل الجهد وصبر ليكون من أهل ذلك الأجر… أما من أتبع نفسه هواها، وتمنّى على الله الأماني، فأضاع ليالي رمضان المباركة في لهوٍ ومعصية، وأمضى نهاره في نومٍ وغفلة، لم يرعَ للشهر حرمته؛ تجرَّأ على الحرمات فقضى نهاره في المشاحنات وليله على ما في التلفاز من قنوات، فذاك فليبكِي على عظيم حسرته، وليسعَ لاستدراك ما فاته فيما تبقَّى، لئلا يكون ممَّن قال فيهم الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم -: ( أَتَانِي جِبْرَائِيلُ – عليه السلام – فقال: يَا مُحَمَّدُ، رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللهُ, قُلْ: آمِينَ، قال: فَقُلْتُ آمِينَ) [والحديث رواه ابن حبّان والحاكم، وقال: صحيح الإسناد].
فهنيئًا لمن أحسن في رمضان فتقرب إلى الله فيه بالصالحات، وكفَّ النفس عن السيئات… هنيئًا لمن تاب الله عليه، ورضي عنه، وأعتقه من النار، ووا حسرتاه على شخص أدرك رمضان ولم يُغفَر له!!.. وا حسرتاه على أناسٍ دخل رمضان وخرج، وهم في غَيِّهم يسرحون… في القربات يفرِّطون!! .. وخلفَ الشهوات يلهثون!
إخوة الإيمان: حق للصادقين أن يبكوا على فراق الشهر الكريم، حقّ للصادقين أن أن يبكوا على فراق ليالي رمضان الزاهرة… حقٌّ للمؤمنين أن يبكوا على فراق أيَّامٍ صُفِّدت فيها الشياطين ، حقٌّ لهم أن يحزنوا على فراق تلك الأيَّامِ التي ولَّتْ مدبرة، وتتابعت مسرعة، فكانت سِجلاَّتٍ مطويَّة، وخزائن مُغلقة على ما أودعنا فيها؛ فإمّا تكون شاهدةً لنا أو تكون شاهدة علينا حين ينادي الله بنا يوم القيامة: ( يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ) [والحديث رواه مسلم].
غدًا توفَّى النفوس ما كسبت … ويحصد الزارعون ما زرعوا
فإن أحسنوا، أحسنوا لأنفسهم … وإن أساؤوا فلبئس ما صنعوا
أيقظني الله وإيّاكم من رقدة الغافلين وحشرني وإيّاكم في زمرة عباده الصالحين، قال الله تعالى وهو أحكم القائلين: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) [الجاثية:15] أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى: عباد الله في ختامِ مدرسة الصيام، في ختامِ هذه المدرسة التي تعلمنا فيها الشعور بمشاعر العطشى والجائعين، هذه المدرسة التي تعلَّمنا فيها معنى صبر الصابرين، ومعنى حِرمان المحرومين. معنى جوعِ الجائعين، في ختام هذه المدرسة التي ربّانا الله تعالى فيها على أن نستشعر معنى أن نكون أمّةً واحدة؛ أُمّةً يجوع أبناؤها معًا ويفطرون معًا ويقومون معًا، ومن ثمّ يفرحون معًا لقوله – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه أصحاب الصحاح والسُّنَن: (للصائم فرحتان، فرحة عند فِطْره، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه).
وقد أمر الله تعالى هذه الأمّة بطاعةٍ وقربة تكون طُهرةً لنا عمّا حصل من تقصير في صيامنا، وتكون سببا لاشتراك جميع المسلمين في الفرح (غنيِّهم وفقيرِهم، آمِنِهم ومشرَّدِهم) ألا وهي زكاة الفِطر، ففي الحديث الحسن الذي رواه أبو داود وابن ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا – قَالَ: ” فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ”.
وفي البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا – قَالَ: ” فَرَضَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ [وذاك كان طعامهم وقوتهم ذاك الزمان] عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ”
فزكاة الفطر – أيُّها الأحِبَّة – واجبة على كل مسلمٍ؛ صغيرًا كان أو كبيرًا ذكراً أو أنثى، يؤدِّيها الإنسان عن نفسه وعمَّن يعولهم من أولاده وذرِّيته وآبائه العجائز، وشرط وجوبها أن يملك ما يفيض عن حاجاته وحاجات من يعولهم الأصليَّة (التي لابدَّ منها) يوم وليلة العيد، لقوله – صلى الله عليه وسلم – (لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى) [البخاري]، فمن ملك ما يزيد عن حاجات من يعولهم يوم وليلة العيد، ولو كانت الزيادة من زكواتٍ دُفعت له، ولو كانت الزيادة من موادٍ إغاثيَّةٍ ومعوناتٍ أتته فتجب الزكاة عليه.
أمَّا مقدارها – أيُّها السادة – ففي البخاريِّ ومسلم من حديثِ أبي سعيدٍ الخدرِيِّ – رضي الله عنه – قال: ( كنَّا نُخْرِجُ في عهدِ النبي – صلى الله عليه وسلم – يومَ الفطرِ صاعاً من طعام)
والمقصود بالطعام كُلُّ ما كان من غالب قوت أهل البلد ممّا يأكلونه ويدَّخِرونه (الحنطة، الأرُزُّ، البرغل، العدس، … وما شابهها) يُخرَجُ منها صاعًا عن كلِّ فرد، والصاع – أيُّها الأحبَّة – مكيالٌ يختلف وزنه من مادَّةٍ لأخرى، وهو بالنسبة للمواد الغذائية التي تعتبر قوتًا في بلادنا يتراوح تقريبًا بين (اثنين إلى ثلاثة كيلو غرامات). فمن أخرج (ثلاثة كيلو غراماتٍ) ممَّا ذكرنا خرج من الخلاف وأخذ بالأحوَط وبرئت ذمَّته بإذن الله.
وقد أجاز السادة الحنفيَّة دفعها بالقيمة إن كان في ذلك منفعةٌ للفقير، فمقصِد الشارِع إغناء الفقير في العيد، وليس مقصود الشرع أن تأتيَ الفقيرَ كمِّيَّاتٌ كثيرةٌ متماثلة من موادٍ تموينيَّة فيذهب للمحلَّات ليبيعها بأقلَّ من ثمنها الحقيقيّ، ولهذا أجازوا دفع القيمة له، والمقصودُ قيمةُ ما ذكرنا من مواد، وهي بتقدير الهيئات الشرعيَّة هذا العام لا تقلُّ عن / ثلاثمائة ليرة سورية / عن كل شخصٍ، وهذا يُخرجه الفقير المُعدم، أمَّا ميسور الحال فلا أقلَّ من ضِعف هذا الرقم بل ضعفيه، ومن لم يملك فليخرج من الطعام والقوت ما زاد عن حاجته فـ (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).
ولتخرجها أخ الإيمان طَيّبة بها نفسك، ولا تبخل على نفسك, ولتختَر الأطيب والأنفع (وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ)، فإنَّها في العام مرّة، والله تعالى يقول (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا) (المُزمِّل:20)
أمّا وقت إخراجها المُستحبّ: فقبل صلاة العيد إن تيسَّر، ولا بأس أن تُخرَج قبل العيد بيومٍ أو بيومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد لقول النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – (مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ)… وزكاة الفطر كزكاة المال من حيث عدم جواز أدائها لأصلٍ ولا لفرع فلا يجوز أن تعطيها لأبنائك ولا لأبناء أبنائك ولا لآبائك ولا لآباء آبائك فأولئك حال فقرهم نفقتهم واجبةٌ عليك من غير الزكاة.
وقبل أن أختم – أيُّها الأحبَّة – أذكركم ونفسي بتلك العبادة التي يختم بها المسلم شهره ويستقبل بها عيده… تلك هيَ عبادة التكبير: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فلا بدّ لنا رجالًا من أن نجهر بالتكبير في الأسواق والبيوت والطرقات، تعظيمًا لله وإظهارا للشعائر، أما النساء فيُكبِّرن سراً, ووقت التكبير من بداية ليلة العيد (عند غروب شمسِ آخِرِ يومٍ في رمضان) إلى الشروع في صلاة عيد الفطر، تلك الصلاة التي أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الرجال والنساء بحضورها، فلعظيم هذه الشعيرة ولما فيها من معانٍ مهمَّة أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بإخراج من ليس من عادتهنَّ الخروج من النساء ليحضرنَ صلاة العيد، وحين قالت له أم عطيَّة – رضي الله عنها – : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال – روحي فداه -: ” لِتُلبِسها أختها من جلبابها ” ولذا استحب جماهير أهل العلم الخروج لها، حتَّى الحِيَّض يشهدن دعاء الخير ودعوة المسلمين ولكن يعتزلن مُصلَّى المسجد فلا يجلسن فيه بل يكُنَّ قربه.
فحريٌّ بنا – أيُّها السادة – أن نخرج إلى صلاة العيد رجالًا ونساء، صِغارًا وكبارا، تعبُّدا لله عزَّ وجل وامتثالا لأمر رسوله، وابتغاءً للخير ودعوة المسلمين، فكم في ذلك المُصلَّى من خيرات تنزل وجوائزَ من الربِّ الكريم تَحصُل ودعواتٍ طيباتٍ تُقبَل.
ولقد كان نبيُّنا – صلى الله عليه وسلم – يتعاهد صبيحة يوم العيد أمورًا, داوم عليها ونقلها عنه صحبه الكرام, حريٌّ بالمسلم أن يتأسَّى فيها بنبيِّه، فمن ذلك: أن يأكل قبل خروجه لصلاة عيد الفطر تمْرات يكنّ أول ما يأكل, وأن يأكُلَهن وتراً, ثلاثاً أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك وتراً.
والأفضل أن يأكُلَهن عند خروجه للصلاة، وأن يأتي للمسجد من طريق ويعود من طريق آخر، كما كان يفعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فصلاة العيد صلاةٌ مشهودة تشهدها الملائكة الكرام، وعلى المؤمن أن يبادر بالخروج إلى المُصلَّى من بعد صلاة الصبح ليحصل له الدُنوُّ من الإمام وانتظار الصلاة, فهو في صلاة ما انتظر الصلاة.
وليخرُجِ الرجال مُتنظفين متطيبين لابسين أحسن ثيابهم … أمَّا النساء فما أحوج طالبة الرحمة والقبول من الله أن تخرج بلباس نظيفٍ خال من المخالفاتِ الشرعيَّةِ.
فتتحرى المؤمنةُ الخروجَ بحِشمَةٍ وأدب، بلا تبرُّجٍ ولا طيبٍ ولا زينة، وتتجنَّب مخالطة الرجال، عسى الله تعالى أن يكشف عنَّا ما حلَّ بنا وأن يستجيب دعاءنا وأن يبارك جمعنا وأن يقبلَ صلاتنا وصيامنا، فما أدرانا من منَّا سيبقى لرمضان المقبِل
يَا رَاحِلاً وَجَمِيلُ الصَّبْرِ يَتْبَعُهُ *** هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى لُقْيَاكَ يَتَّفِقُ
مَا أَنْصَفَتْكَ دُمُوعِي وَهْيَ دَامِيَةٌ *** وَلاَ وَفَى لَكَ قَلْبِي وَهْوَ يَحْتَرِقُ
اللهم اقبل منَّا بجودِك وكرمِك ما كان صالحا، وتجاوز عنَّا بكريم عفوكَ ما كان طالحًا واغفر لنا وللمسلمين …
إني داعٍ فأمِّنوا
خطبة من الأرشيف (1/ تموز/2016م) مع مراعاة تغيُّر قيمة صدقة الفطر في سوريا بالليرة السورية، فقد تضاعفت اكثر من ٦ او ٧ أضعاف.