الساسة الروس وهم يتخبطون في الدم السوري بخبرائهم وتقنياتهم وسلاحهم ومواقفهم السياسية والدبلوماسية يسعون دائما إلى الإضفاء على أنفسهم صفة الباحثين عن الحل السياسي ، المتطلعين إلى تسوية – يزعمون – تحقن الدم السوري وتنجز مطالب الشعب السوري المحقة ..
لا أريد أن أدخل في تفصيلات رؤية الروس لمطالب الشعب السوري ( المحقة !!! ) وتمترس القادة الروس الكبار من بوتين إلى لافروف وراء ما يدعونه صراحة أو وقاحة ( سنة وشيعة ) وإعلانهم الفيتو على الأوائل أن يصلوا إلى حكم بلادهم . ولا إلى أحاديث القادة أنفسهم عن ( مسلمين ومسيحيين ) وإعلان دائما تمسكهم بحقوق الآخرين على حساب الأولين ؛ لتصل الوقاحة الروسية للحديث عن دور مميز في حماية ( الأرثوذكس ) خاصة من دون بقية المسيحيين على اعتبار أن حماية الآخرين هي من مسئولية الكنيسة الكاثوليكية .
يرفض الروس أن يعترفوا أن الثورة السورية هي ثورة وطنية للمسلمين والمسيحيين ولأبناء سورية أجمعين . يرفض الروس الاعتراف بحقوق أبناء الشعب السوري جميعا في حكم وطنهم وهذا موقف مبدئي لديهم أعلنوه مرارا و لم يحاولوا في لحظة أن يحيدوا عنه …
والروس بشراكتهم المباشرة في صناعة المشهد السوري من القصر الرئاسي إلى الميدان والزنزانة يعلمون بكل تفاصيل الحالة السورية . وهم بالتالي ليسوا بحاجة إلى معارض أو مفاوض بليغ أو حاذق يلقي على مسامعهم خطبة عن مأساة حقوق الإنسان في سورية …
الروس لا تنقصهم المعلومة فينقلها إليهم محاور . والروس غير مستعدين لتغيير موقفهم فيفاوضهم عليه مفاوض . والروس اعتبروا بشار الأسد واليهم على دمشق وهم لن يتخلوا عليه أبدا هذه هي حقائق السياسة الناطقة اليوم ..
ومع كل ذلك يطالب الروس المعارضات السورية أجمع ان تحج إلى موسكو . وما زالت هذه المعارضات السورية – وبراءة الأطفال في عينيها – تغدو وتروح حافية القدمين ..فلماذا ؟!
كانت آخر تجربة للمعارضة السورية في موسكو لقاء هيئة التنسيق منذ أقل من أسبوعين . عادت الهيئة وقرأ كل السوريين على شفاه الصادقين من رجالها ابتسامة يأس ( كأنك يا أبا زيد ما غزيت ) .
الروس حريصون اليوم على جرجرة بقية القوى والتشكيلات السورية بما فيها الائتلاف الجديد – ربما – إلى موائدهم ..مرة أخرى أتساءل لماذا ؟! ويخرج علينا من لا يحاول الإجابة على سؤال أصلا ليقول لا يجوز لسياسي أن يرفض الحوار في أي ظرف كان !!!!!!!!!!!!!!!! ولكن هاهو شعبنا معلم الشعوب الثورة والسياسة والكياسة يرفض الحوار مع النظام وبالفم الملآن ..
إن قاعدة لا يرفض السياسي الحوار في أي ظرف كان ليت ذهبية كما يظن البعض أو يخال … !!!!.بل هؤلاء صناع التاريخ الدبلوماسي في كل العصور يرفضون الحوار في حالات يعلمون فيها أن الحوار سيوظف ضدهم ، أو سيضيع مصالحهم ، أو أوقاتهم ، أو يشكك في عدالة قضيتهم …
نقبل الحوار أو نرفضه ؟؟؟ نجيب على السؤال على قاعدة ماذا نريد من الحوار وماذا يريد مقابلنا منه ؟ وهل يمكن لهذا الحوار أن يحقق أي مصلحة لنا ..
هذا رسول الله صلى الله عليه يرفض الحوار مع أبي سفيان يوم هُرع أبو سفيان مذعورا إلى المدينة ليؤكد عهد الحديبية . فلم يستقبله ولم يسمع منه ولم يقبل أحد من أصحابه أن يسمع منه .
وأعود إلى الموقف الروسي ؛ ماذا يريد الروس من عرض الحوار على قوى المعارضة السورية اليوم ؟ جازما أقول إنهم يريدون أن يقولوا إنهم لاعب سياسي في الساحة السورية وعلى صلة إيجابية تفاوضية مع كل القوى السياسية والمجتمعية هناك . هذا هو الذي يريدونه فقط . وهذا هو الذي سمعناهم مرارا يتاجرون في المحافل الدولية به .. ..
يريدون أن يؤكدوا أنهم شركاء في السياسة وليسوا شركاء في جريمة ذبح أطفال سورية وقتل إنسانها وتدمير عمرانها . إن المعنى الأخير هو الذي يجب على الائتلاف الوليد أن يعمل عليه . على المعارضة السورية أن تتبنى مشروعا تطالب فيه كل أصدقاء الشعب السوري أن يُخرجوا الروس من المعادلة السورية . وأن يخرجوا المعادلة السورية من طيف التأثير الروسي ولكن كيف تفعل ذلك إذا كانت التحلق حول المناضد الدبلوماسية هدفا لبعض رجالها ؟!