يا أهلنا في دول الجوار: أخاطبكم وأناشدكم أفراداً وجماعات، محكومين وحكومات، أشخاصاً وهيئات ومنظمات؛ أخاطب فيكم القلوب والضمائر، وأنادي فيكم المروءة والنخوة يا أهل النخوة والمروءات.
يا أيها المسلمون: إخوانكم بين أظهركم يعيشون وسط الثلوج ويغرقون في المياه والأوحال. إن منهم أطفالاً يكاد البرد يفتك بهم ويأكلهم الجوع، وأمهات تبكي قلوبهن إذْ جفّ الدمع في العيون فلا دموع، وآباء أبكاهم العجز وهم يرون صغارهم يذوون كما تذوي الشموع. ألا ما أصعبَ بكاءَ الأطفال حينما يبكي الأطفال، وما أصعب بكاء الأمهات حين تبكي الأمهات! ألا ما أصعب بكاء الرجال إذا ما بكى من القهر الرجال!
لقد مضى على هذه الأمة زمانٌ نثر فيه خليفةُ المسلمين الحَبّ على رؤوس الجبال لكيلا يجوع الطير، واليوم يجوع ويبرد في أرضكم لاجئون من إخوانكم المسلمين، فكيف تطيب نفوسكم بأن تغلقوا عليكم وعلى أولادكم أبواب بيوتكم فتنعموا بالدفء والطعام، ومِن إخوانكم مَن ليس له بيت ولا باب، ومن يفتقد في هذا الشتاء القاسي كل مقومات الحياة؟
يا أهل الخير في دول الجوار: إن في بلدانكم جمعيات للبر والمساعدة تُحصي من لجأ إليكم من السوريين وتعرف كيف تصل إليهم، فاتصلوا بها وأوصلوا ما تجودون به إليها. لقد لجأ اللاجئون إليكم وأنتم أهل النخوة والكرم، وإن كثيرين منهم قد تقطعت بهم السّبُل وباتوا في العراء أو استقروا في أسوأ قرار، يعانون من الجوع والبرد والمرض، فابحثوا عنهم ووفروا لهم المأوى والغذاء والكساء والدواء.
يا أهلنا في دول الجوار: لا تقولوا “إلى كم نساعد هؤلاء اللاجئين؟”، فإنه باب من أبواب الخير فتحه الله لكم لتَلِجوا منه إلى الجنة بإذنه. اشكروه على أنه جعل غيرَكم محتاجاً إليكم ولم يجعلكم محتاجين إلى غيركم، وإنما يكون شكر الله بالإحسان إلى الناس، فإن الله استطعم عبادَه واستسقاهم، ولكنه -جل وتنزّه عن التشبه بخلقه- لا يَطعَم ولا يشرب، إنما يُبَرّ بِبِرّ عباده الضعفاء والمحتاجين.
في الحديث القدسي: يقول الله: ابنَ آدم، استطعمتك فلم تُطعمني، فيقول: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ فيقول الله تبارك وتعالى: إن عبدي فلاناً استطعمك فلم تطعمه، أما علمت أنك لو كنت أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ ابن آدم، استسقيتُك فلم تُسقني. فيقول: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ فيقول الله تبارك وتعالى: إن عبدي فلاناً استسقاك فلم تُسقه، أما علمت أنك لو كنت سقيته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم، مرضت فلم تَعُدني. فيقول: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ فيقول الله تبارك وتعالى: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض، فلو كنت عُدتَه لوجدت ذلك عندي؟
* * *
اللهمّ من آوى المشرد اللاجئ من أهل سوريا فأسكنه في خير بيوت الجنة، ومن أطعم الجائع من أهل سوريا فأطعمه من خير ثمر الجنة، ومن أدفأ البردان من أهل سوريا فألبسه من خير كساء الجنة. اللهم أجزل الثواب لكل ساعٍ عليهم بخير وأعظم له الجزاء يا سميع الدعاء.