لا يخفى على عاقل أهمية المال والاقتصاد في الحكم وفي حياة الشعوب، ولعل أهم مبرر لبقاء حكومة فضلاً عن طاغية مستبد قاتل لسنوات هو المال الذي يتوفر لديه، وأعظم ما في المال هو عُملته المعترف بها شرعياً ودولياً، وما توفره عليه من مداخيل جراء التعامل المالي معها، وإلا أصبحت حجاراً أو حديداً ..
انشق السياسي والعسكري والتعليمي والشرعي والشعبي وكل ما يعمل به السوريون من مجالات، عن العصابة الطائفية لكن للأسف لم ينشق الاقتصادي عنها بعد، والذي هو عصب بقائها حتى الآن، والأنكى من ذلك ما درجت عليه العصابة من إرسال كل أرصدتها البنكية المقدرة بمليارات الدولارات منذ بداية الثورة إلى موسكو وطهران، وبيع حتى أصول الدولة السورية لطهران مقابل دعمها للمجهود الحربي التدميري لمدن الشام، والآن سلكت العصابة الطائفية المجرمة أسلوباً جديداً تمثل في تخفيض قيمة الدولار في المناطق المحررة ورفعه في المناطق المحتلة من قبلها، وبالتالي يتم نهب الدولارات المحولة من المساكين المغتربين إلى أهلهم بأرخص الأثمان ليباع من قبل السماسرة التجار بأسعار مضاعفة في مناطق العصابة وهو ما يوفر لها عملة صعبة ..
وخروج الملايين من السكان عن مناطقها أعفاها من مسؤوليتها المالية تجاههم وهي مسؤولية تقدر بمليارات الدولارات تعليما وخدماتياً ووو، ولذا لا بد من الرد على هذا بأساليب جديدة.
العصابة الطائفية ومعها العالم المتآمر المجرم ليست معنية فيما إذا كانت ما تطبعه من عملة مغطى بالعملة الصعبة أو الذهب، أم لا، وهي ترى أنها مغطاة بكل معنى الكلمة لكل أعمال قتلها وتدميرها للشام وأهلها وحتى لإجرامها بحق الدول المجاورة، فهل العالم سيفتش وسيبحث فيما إذا كانت العملة المطبوعة مغطى بالعملة الصعبة أم لا، إن هذا آخر ما يعنيه؟؟
فشل الائتلاف وفشلت كل مؤسسات الثورة للأسف في الانشقاق الاقتصادي عن العصابة الطائفية، وكان قد تم طرح فكرة استخدام الليرة التركية أو الدولار كبديل لعملة العصابة الطائفية، ويومها لن تجد الأخيرة إلا بضعة ملايين يتعاملون بالليرة، والتي ستنهار بشكل خطير ولن تجد أمامها عملة صعبة تشفطها من المغتربين الذين هم في أغلبهم من المؤيدين للثورة السورية..
لا مندوحة أمام القوى الجهادية والثورية اليوم في عقد ورش عمل حقيقية تضم اقتصاديين وتجار مؤيدين للثورة ومعهم مطلعين وخبراء للبحث في هذه الخطوة على وجه السرعة، وإن رأوا إمكانية تطبيقها فعليهم الإقدام على ذلك بأقصى سرعة فهي التي تسرع في انهيار العصابة الطائفية، أو على الأقل ترهقها من أمرها المالي عُسرا، والأمر الأهم تقدم بديلاً بيروقراطياً موازياً للمناطق المحررة أسوة بالمناطق المحتلة من قبل العصابة أو المناطق المحتلة من قبل غلاة الأكراد، بالإضافة إلى أن ذلك يعطي دفعة معنوية جديدة للشعب وللخارج في أن القطيعة مع هذه العصابة لا عودة لها، وأن النظام الإداري يتشكل في المناطق المحررة وبالتالي فاسطوانتهم المشروخة من خوفهم على مؤسسات الدولة لن تكون مقتصرة على مناطق العصابة المحتلة وإنما ثمة مؤسسات دولة في المناطق المحررة أيضا..
الوقت جدّ وليس بالهزل والمسؤولية تقع على عاتق جيش الفتح في إدلب وحلب بأن يخطو هذا الخطوة المهمة جداً وهي ستمنحه قوة معنوية ودعماً شعبياً، وسيفرض من خلاله واقعاً دولياً سيتم التعاطي معه على أساسه، وأقول جيش الفتح بعد أن تقاعد الائتلاف والقوى السياسية للأسف من هذه المهمة الخطيرة وانشغلوا بالتوافه التي أرادها لهم المجتمع الدولي وليس الشعب السوري، فالعمل غدا وفقاً لأجندات دولية وليس لأجندة الثورة والشعب .