يعمل المجتمع الدولي بكل محافله على الإحاطة بثورة الشعب السوري خذلانا وتضييقا وتشكيكا . من الساسة الدوليين إلى الساسة الأمميين إلى الصحفيين والإعلاميين فالعاملين في ميادين حقوق الإنسان ينتظم مواقف الجميع وسياساتهم وحتى لغتهم أسلوب فاضح من الانحياز إلى مشروع الفساد والاستبداد والدفاع عنه والتشكيك في الثورة والثوار ومشروعهم والافتراء عليهم والتنقيب عن أخطائهم وتعظيم صغيرها ، وتضخيم دقيقها وتعميم الشاذ والنادر من وقائعها ..
فلا تزال الجمعية العامة للأمم المتحدة تمكن بشار الجعفري الممثل الشخصي لمن قتل مائة ألف سوري من الحديث على منابرها . ولا تزال الصحافة العالمية تطلق على الثوار السوريين وصف ( المتمردين ) ، ولا يزال هذا الإعلام المنحاز يشير إلى هؤلاء الثوار بالسلفيين والأصوليين والمتشددين ..
وبعد مضي ما يقرب من سنتين من عمر هذه الثورة ومع تصاعد أعداد الشهداء من الأطفال والنساء ، وتصاعد عدد المجازر اليومية لم تتخذ أي جهة دولية أي قرار جاد ذي مصداقية بإجراء تحقيق دولي يكشف وجه الحق عن هذه المجازر بعضها أو كلها . وحين نتابع السيد الأخضر الإبراهيمي في تقريره الأخير يطالب بالمبادرة إلى إجراء مثل هذه التحقيقات ندرك كم هو عاثر حظ هؤلاء الضحايا السوريين الذين لا يأبه لهم في هذا العالم أحد.
وحين تضع منظمة دولية في مكانة هيومان رايت وتش في صفحتها على التويتر أن أولويتها في سورية هي قضية الأقليات فإن مفهوم المخالفة لهذا الإعلان أن دماء الأكثرية وحقوقها ليست بنفس الأهمية ..
يلحظ كل متابع إمعانا من المنظمات الدولية في كتابتها لتقاريرها في الحرص على تضييع معالم الحقيقة ، بحيث تكتب هذه التقارير بلغة راجفة مشككة . فتراها ترفض استخدام أي صيغة من صيغ الاستدلال العقلي أو الجنائي وتصر في كل حقيقة تريد إثباتها على المنهج الحسي المباشر .
إن المعطيات العقلية والديمغرافية والعسكرية وأدواتها تجعل أي باحث عن الحقيقة قادر على إدراكها بمتابعة منطقة الجريمة وهوية ضحاياها وأدوات تركيبها .
إن المنطق المعتمد لدى المنظمات الحقوقية والأممية هو نفس منطق حارس مستشفى الأمراض العقلية الذي يصف مريضه الهارب بأنه ( طويل – قصير – بدين – نحيل ) فهؤلاء الثوار السلفيون التكفيريون المتعصبون المتطرفون لا يطيب لهم إلا ذبح السوريين السنة منهم بشكل خاص من الحصوة إلى كرم الزيتون إلى داريا !!!
وتسقط المنظمات الدولية وعقلاء العالم والمنادون باتباع المناهج العقلية في الفهم والاستنتاج كل مناهج الاستدلال العقلي ليلتزموا الطريقة الحسية الضيقة في أداء شهادتهم وتوثيق تقاريرهم ..
بل إنهم يرتكبون أخطاء منهجية أكثر انحيازا حين يعتمدون على شهادات فردية ، شهادات أفراد مجهولين تنجح مخابرات بشار الأسد في دسهم عليهم . فيسجلون اعترافات مفبركة لمن يدعي أنه من الثوار . ويوثقون وقائع موهومة يدعي هؤلاء ( المندسون ) أنهم نفذوها أو ارتكبوها باسم الثورة والثوار ..
ربما يكون الخطأ المنهجي الأكثر انفضاحا أن نسمع مسئولا أمميا في قامة الأخصر الإبراهيمي يروي بلغة التشكك وقائع قصف نفذتها طائرات بشار الأسد وشبيحته . فيرى السيد المحترم الوقور أن الورع الدبلوماسي الأممي لا يسمح له أن ينسب الجريمة إلى فاعلها ، وإن كانت أداة التنفيذ هي طائرة لا تملكها على الأرض السورية غير عصابات بشار . يقول السيد الإبراهيمي في تقريره إلى مجلس الأمن 🙁 لننظر إلى ما يقرب من ثلاثين مخبزا تم استهدافها خلال عام 2012 . وبعد تنفيذ هذه الجرائم يدعي كلا الطرفين براءتهما السريعة ويوجهان الاتهام إلى الطرف الآخر …)
ورغم أن جميع المخابز قد قصفت من قبل الطائرات وكثيرا منها قصف بالقنابل العنقودية أو البراميل المدمرة الحارقة إلا أن الورع الدبلوماسي ترك السيد الإبراهيمي حائرا في معرفة الحقيقة كما دفعه هذا الورع إلى أن يترك كل المجتمع الدولي من خلفه أكثر حيرة !!
من في رأيكم الذي قصف بطائراته مخابز الشمال والجنوب والوسط مسألة يصعب على العقل الأممي الذي نفذ من أقطار الأرض إلى فسيح السموات أن يجيب عليها ، لماذا برأيكم ؟! لن أطيل عليكم فكلنا نعرف الجواب ..