منذ انطلقت الثورة السورية المباركة حلقة في سياق الربيع العربي الناهض نحو العدل والحرية والعيش الكريم نصبت حكومة طهران وقيادة حزب الله اللبناني العداوة للشعب السوري وثورته وتطلعاته المشروعة . وجعلا من نفسيهما أبواقا رخيصة للتشكيك في الثورة والثوار والدفاع عن القاتل الجزار .
ومع أن رجال الثورة الأبطال ، وقيادات المعارضة بما فيها قيادة الحركة الإسلامية بادروا جميعا منذ اليوم الأول إلى إعلان تمسكهم بوطنية الثورة ، وإصرارهم على صيانتها من أي لوثة طائفية ( دينية أو مذهبية أو عرقية ) ، ورفضهم لحسبانها على أي محور إقليمي أو دولي ؛ إلا أن البنية الطائفية النتنة لكل القيادتين في طهران وفي الضاحية الجنوبية أبت إلا أن تعبر عن نفسها بأسلوب مفضوح وحاد ومشين ..
ومنذ الأيام الأولى للثورة بدأنا نسمع منهما تصريحات خطيرة تعلن عن انحيازها المطلق للقاتل المستبد الفاسد وتمسكها به ، وإصرارها على الدفاع عنه ، واعتباره خطا أحمر في وجه إرادة شعب خرج يريد العدل والحرية والكرامة الإنسانية .
ومنذ الأيام الأولى بدأ شعبنا يستمع إلى تهديدات مريبة تطلقها شخصيات رسمية من طهران ولبنان تصرح باستعدادها في حال تمسك شعبنا بحقه في حريته : بإحراق المنطقة من بحر قزوين إلى خليج العرب . تهديد أطلقه خمنئي وفرقته أكثر من مرة ، وردده من بعد بشار الأسد وحسن نصر الله من الضاحية الجنوبية من لبنان . أما لماذا يسكت المجتمع الدولي عن مثل هذه التهديدات تستحق ان يجلب أصحابها إلى العدالة فذلك أمر آخر ..؟!
ومن التصريحات والتهديدات الإعلامية والدعم السياسي انتقل الطرفان إلى الدعم المادي بأشكاله . والذي انتهى أخيرا إلى التدخل المباشر في القتال تحت عناوين الجهاد المكذوب ، والانتصار لآل البيت ، والانتقام من النواصب من أبناء الشام ، والسعي لإدراك ثارات كربلاء . كل هذه العناوين قد تم طرحها في تصريحات وخطابات رسمية وشبه رسمية لا يستطيع أحد من القوم التنصل منها أو نكرانها ..
ومن التدخل بأشكاله الفردية أو الجماعية في مهمات القنص والقتل واستهداف الأطفال السوريين بشكل خاص تحت شعار ( الثأر للطفل الرضي الرضيع والمرمي الصريع ) كما ندب إليه أحد ملاليهم ، ومن تقديم الدعم والخبرة والسلاح ؛ بدأ شكل آخر من أشكال التدخل والعدوان على الأرض والشعب والثورة السورية ..
في خطاب متلفز أعلن عنها حسن نصر الله عن وجود قرى سورية يسكنها مواطنون ( لبنانيون ) . وجعل من ذلك ذريعة لينتزع لنفسه ولعصاباته المجرمة ، تحت سمع ما يسمى القانون الدولي وبصره ، حقا مشروعا في التدخل على الأرض السورية للدفاع عمن أسماهم ( المواطنين اللبنانيين ) ، أما كيف يكون الإنسان لبنانيا وسوريا في الوقت نفسه فذلك هو السؤال الذي لم يحاول أن يطرحه أحد !! وتحت عنوان هذه الذريعة الطائفية المقيتة بدأ الشعب السوري يتعرض لعدوان سافر على الثورة ولثوار وأسرهم من نساء وأطفال . وتم احتلال قرى واغتصاب ممتلكات وقتل أبرياء من قبل عصابات الحزب التي أعلنت حلفا طائفيا غير مقدس مع شبيحة الأسد وعصاباته …
إننا وإزاء كل ما سبق نؤكد للمجتمع الدولي وللرأي العام الإسلامي والعربي واللبناني الحقائق التالية …
أنه إذا كان مد رقعة الصراع خارج الحدود السورية استراتيجية معلنة لبشار الأسد وحلفائه الإيرانيين والحزبللاويين فإننا نؤكد على حرصنا الكامل على قصر الصراع الثوري مع الظالم المستبد عليه . وحرصنا على احتوائه ووضع حد له في أقرب فرصة . بعد تحقيق مطالب شعبنا المشروعة .
وإننا نرى في مد رقعة الصراع خارج إطارها تهديدا للأمن والسلم الدوليين ، لا أحد يستطيع أن يقدر أين تصل تداعياته . ونقول لحسن نصر الله إن بإمكانك أن تشعل الحريق ولكن لن تكون قادرا أبدا على التحكم بمداه .
كما نؤكد رفضنا الانجرار إلى أي صراع طائفي أو مذهبي . وحرصنا على علاقات حسن جوار مع القطر اللبناني الشقيق دولة وحكومة وشعبا ومع كل مكونات الشعب اللبناني بلا تمييز .
نؤكد للأشقاء اللبنانيين أن بشار الاسد زائل ، وأن حسن نصر الله مسئول للحظة عابرة في التاريخ . وأن القيادات كل القيادات ترحل والشعوب تبقى . وأن الشعب السوري الذي فتح لكم الوطن والقلوب ما زال حريصا على استدامة علاقة البر والقسط والمعروف ، فلا تشتروا عداوته بالثمن البخس الذي تغريكم به القيادات العابرة الحمقاء . وإنه لموقف اليوم له ما بعده ، فلا تنقادوا إلى أصحاب المشروع الطائفي الكريه فتفسدوا علاقة تاريخية راسخة ضمتنا على البر والحب والمعروف ..
وفي كل الأحوال سنحتفظ بحقنا في الدفاع عن أرضنا ، وبالطريقة التي ترد العدوان عنا ، وتزجر المعتدين عن الاستهانة بحرماتنا .
إننا في هذا السياق نحمل الحكومة اللبنانية برئاساتها الثلاث مسؤولية لجم هذا العدوان . ووضع حد لهذه النزوات الهوجاء التي تهيج بها غرائز الطائفيين فلا يبالون أن يدفعوا العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين إلى مستوى الاحتراب . الحكومة اللبنانية بمؤسساتها الثلاث هي المسئولة أولا وأخيرا عن الأخذ على أيدي هؤلاء المواطنين اللبنانيين لئلا يندفعوا في طريق البغي والعدوان . لما سيكون لهذا البغي من تداعيات على العلاقات في الحاضر والمستقبل ..
كما نحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن بشكل خاص مسؤولية هذا العدوان السافر على الأرض والشعب السوري . وإن شعبنا ليتساءل بحق لماذا لا يعتبر مجلس الأمن ودوله مجتمعة ومنفردة عدوان إيران وحزب الله على شعبنا عدوانا ؟! ولماذا لا يصنف إرهاب بشار الأسد وروسية وإيران وحسن نصر الله ضد شعبنا إرهابا …
نتوجه إلى حاضننا العربي والإسلامي لإدراك حقيقة العدوان وأبعاده وتداعياته ولاسيما أولئك المسترسلين منهم مع المشروع الإيراني والذين يعتبرون إيران جزء من الحل وهي عقدة العقد في حربنا ضد الطغيان والاستبداد ..
(( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ))