سألني صديق: ما سر بعض الوفود الشعبية العربية التي تتوافد على دمشق تعلن تأييدها لقتل الشعب السوري الأعزل المسكين ؟
قلت: أما قرأت مقالة الرطيان بعنوان “تآمرستان”؟ فقد كتب: (الأنظمة الاستبدادية القمعية ترى أن أي حراك ضدها هو “مؤامرة” ولا بد من إضافة: تحركها أصابع أجنبية… حتى تأخذ التهمة بعدها القومي الذي يجيّش الجموع ضد الحراك وصنّاعه). وهذه الوفود مازالت تظن أن تحرك الشعب السوري لطلب حريته وخلاصه من نظام مستبد جثم على صدره خمسين سنة (منذ الثامن من آذار/مارس 1963) هو مؤامرة ضد بلد الممانعة والمقاومة. والعجيب أن هؤلاء لا يطّلعون على الأخبار التي تقول (إسرائيل تشرع في بناء جدار عازل على حدود الجولان) خوفاً من الشعب السوري وليس خوفاً من النظام الذي ينقل قواته من الجبهة إلى الداخل لقمع الشعب، فهي التي تعترف أن هذه الحدود هي آمن حدودها منذ 1974م.
وأضفت: يا صديقي لا يهمك هؤلاء القلّة ولكن انظر إلى الكثرة المؤيدين للشعب السوري. فهل رأيت الوفود التي تتوافد على مخيمات اللاجئين تحاول أن تزرع البسمة على وجوه البائسين؟ فالشعوب العربية تقف مع الشعب السوري الذي سبق له أن وقف مع الشعوب التي وفدت إليه هاربة من مآسي بلادها، فاستقبلها وفتح لها البيوت ليؤويها والقلوب لتتعاطف معها.
ولعلي أذكر لك ملخصاً لتعليق على مقالتي الأخيرة يوضح مدى التعاطف مع السوريين. فقد كتب الأستاذ صالح اللحيدة يقول: كأني بك تكتب بدم إخوتنا الأبرياء المظلومين من المدنيين العزل، وحتى الأبطال المجاهدين بالجناح العسكري من الجيش الحر الذين يدافعون عن العرض والأرض ويضحون بأرواحهم وأولادهم وأسرهم بل وبالدنيا بأسرها، باعوها واشتروا الآخرة، من أجل رفع كلمة لا إلٰله إلا الله والحرية والعدالة ولوقف إراقة الدماء الزكية التي روت الأرض واختلطت بمياه الأنهار من آلة الحقد والكراهية والقتل الهمجي الجماعي الأعمى من أزلام وشبيحة وعبدة السفاح المجرم هولاكو العصر وزمرته الذين بحقدهم الأعمى استباحوا المحرمات والأعراض ودمروا الشجر والحجر والبشر في ممارسةٍ لسياسة الأرض المحروقة… كيف لا نحزن أو نأسى لأهلنا؟ كيف يهنأ لنا مأكل ومشرب أو يهدأُ لنا بال، وخمسة ملايين بمخيمات اللاجئين داخل بلادهم أو على حدودها. ملايين مهجرون قسرياً شبه حفاة وعراة بالعراء، لا يملكون الحد الأدنى من كل ما هو أساسي وضروري للحياة؟! ويحنا! واعروبتاه؟ وا إسلاماه؟! والله إني لأخجل من نفسي وأستحيي من الله.
أما أولئك المؤيدون لذبح الشعب السوري فلم أجد لهم سوى قصيدة عمر أبو ريشة التي يقول فيها :
رُبَّ وامعتصماهُ انطلقتْ *** مِلءَ أفواهِ البناتِ اليُتَّمِ
لامستْ أسماعَهم… لكنها *** لم تلامسْ نخوةَ المعتصمِ
لا يُلامُ الذئبُ في عُدوانه *** إنْ يكُ الراعي عَدوَّ الغنمِ