من بين أشلاء عشرات الألوف من المقتولين في سورية الحبيبة قصفاً وردماً وذبحاً وتحت السياط نرفع الدعاء بالرحمة للشهيد الفلسطيني عرفات جرادات، الذي اغتالته سياط القتلة المجرمين في سجون الاحتلال على أرض فلسطين. ونتقدم إلى أسرة الشهيد الصغيرة، وإلى الشعب الفلسطيني وقيادته بأحر مشاعر العزاء..
وربما من الصعب على إنسان سوي أن يتصور المعاني الحقيقية لمفهوم (القتل تحت التعذيب) بدلالاته الجنائية أو الإنسانية. دلالاته على نفسية المجرم القاتل وعلى معاناة الإنسان المقتول. إن القتل تحت التعذيب جريمة من أبشع صور الجرائم ضد الإنسانية. وهو صورة من صور الجريمة المكتملة العناصر والأركان والمبالغة في القسوة والتلذذ بآلام المعذبين. إن الأغرب في كل ما نقول أن هذه الجريمة ما تزال وبعد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، القرن الذي يدعى قرن (الانتصار على الإرهاب والإرهابيين) تمارس جهراً من قبل أناس يلبسون الثياب المدنية للمجتمع الدولي، ويجلسون في نواديه، ويخطبون في محافله.
بكل عفوية يمكن أن يشهد التاريخ أنه بينما كان بنديكتوس السادس عشر يتربع على كرسي البابوية الكاثوليكية والسيد بان كيمون أميناً عاماً للأمم المتحدة وباراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة وأولاند رئيساً للجمهورية الفرنسية وكاميرون رئيساً للحكومة البريطانية وميركل مستشارة للدولة الألمانية، وبينما كانت مواثيق حقوق الإنسان تلح على إقصاء نصوص التوراة والإنجيل والقرآن لتحل محلها…؛ كان هناك بشر بؤساء يجعلهم حظهم التعيس فرائس لبشر ساديين فيقتلونهم، بسبب أفكارهم وآرائهم، تحت التعذيب جلداً بالسياط أو دوساً بالأقدام، أو تشريحاً بالسكاكين؛ في سورية والعراق وفلسطين. تمثل هذه الحالة شهادة بالغة ودامغة على السقوط الأخلاقي لمدنية العصر ولأخلاقييه ولسياسييه على السواء.
وإنه حين توثق سجلات الحقيقة الواقعة عشرات الألوف من المواطنين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين أزهق حياتهم بشار الأسد وأبوه من قبل واكتفى النفاق العالمي بتصنيفهم تحت عنوان (مفقودين) على مدى عقود يمكن أن نتكشف حجم الفاجعة الأخلاقية في مؤسسات تحسب نفسها على القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان
آلاف الرجال والنساء والأطفال، توثق هذه الشهادة (الأطفال) من عفاف سراقبة ابنة الثلاثة أشهر إلى حمزة الخطيب ابن الثلاثة عشر عاماً؛ قضوا ويقضون تحت التعذيب في سورية؛ وأدار كل المتمدنين في هذا العالم رؤوسهم كأنهم لا يرون ولا يسمعون وما زالوا يفعلون!!!!!!!
السؤال الحقيقي المهم: من هو المجرم الحقيقي أولئك الممسوسون أم هؤلاء المبلسون..؟! سؤال برسم علماء الأنثربولوجيا والموثقين لتاريخ حضارة الإنسان.