هل ترضون بأكل لحم شهداءنا، هل يرويكم شرب دمائنا، هل يناسبكم نهش لحوم معتقلينا ولاجئينا، هل تتلذذون بإذلالنا، هل منكم معتصم يجيب نسائنا المغتصبات.
هذا ما يفعله النظام، وأنتم جميعا شركائه سواء عن سابق تصميم وإصرار للبعض، أو عن قصر نظر وتخفي تحت ستار “الخبرة السياسية والواقعية” وكل حجج الدنيا التي لا تنتهي.
لا اقولها للأمريكيين والأوروبيين والروس فهؤلاء يعشقون “الاستبداد الأقلوي” لأنه “علماني” متصالح مع عشيقتهم إسرائيل، ومناسب لكل طائفي محلي أو عالمي، ولأنه يستهدف “الإسلام السني العربي” خاصة، عدوهم الذي لم يستطيعوا نسيانه منذ حررنا دمشق والقدس من استعمارهم قبل أربعة عشر قرنا. ولا أقولها لحلفاء النظام الصفويين الذي لم ينسوا أننا “كعرب مسلمين سنة” قد وطئنا “كسرى” وإيوانه ودولته المجوسية الفارسية منذ أربعة عشر قرنا.
أنا أقولها لكل مسؤول عربي خاصة ومسلم عامة في أي موقع، وأخص منهم اولئك الذين يرفضون أن يلفظوا حتى اليوم كلمة “ثورة”. وأقولها لأولئك الذين يصدعون رؤوسنا “بالحل السياسي” العبقري منذ عامين والذي لا يفعلوا شيئا للضغط على النظام ليتعامل معه بجدية فبشار أسد يريد أن يركبنا قرنا آخر هو عائلته وحثالاته مع أن هذا “الحل السياسي” يراعي الحفاظ على النظام الاستبدادي الذي بناه والده بالحفاظ على أجهزته الأمنية وجيشه الطائفيين، فهؤلاء المسؤولون العرب والمسلمون يخافون على مؤسسسات الدولة التي بناها النظام على مدى نصف قرن على أسس الفساد والطائفية بعد أن دمر كل المؤسسات الديموقراطية التي سبقته، فكان أن باركوا عمله وراقبونا نقتل ونعتقل ونغتصب طوال نصف قرن وهم يعانقوه في كل المناسبات. أقولها لأولئك المسؤولين العرب والمسلمين الذين يرفضون الحسم العسكري ويعتبرون أن نتيجة الثورة المطلوبة هي لا غالب ولا مغلوب، وبالتالي غير مسموح لنا أن ننتصر على النظام ككل ثورات العالم، لكن في هذه الأثناء لا مانع لديهم من منح النظام الوقت والفرصة كي يحاول سحقنا عسكريا ونحن محرومون من حقنا في الدفاع عن أنفسنا، عسى أن ينتصر النظام وينتهي هذا الصداع من أجل الحرية. وأقولها لأي من المسؤولين العرب والمسلمين يعتبر الصفويين والروس شركاء في الحل لا شركاء في الجريمة، ويهديهم الانتصارات الدبلوماسية والسياسية بدل أن يدينهم ويحاول عزلهم، فيضع يده في يد هؤلاء القتلة المقنعين. وأقولها لجامعتهم التي لا تخصنا بل تخص النظام فهي من روحه ومن صلبه وصلب كل احتقار للحرية والديموقراطية، وأقولها لمبوعثهم الأممي الذي لم يكن منا يوما كعرب ومسلمين أحرار.
أقولها لكل رجال الدين الذين يطلون علينا في اكثر المهن ربحية “الدين”، فيعتلون منابر آلاف الوسائل الإعلامية ومئات آلاف المساجد يوميا ليخطبوا فيها ويعظوا ويطلبوا احتراما لأنهم نصبوا انفسهم نوابا الله في الأرض، ممنوع انتقادهم فنحن بذلك ننتقد الله، وممنوع أن نقول لهم أين كلمة الحق في وجه السلطان الجائر وهم يقفون عاجزين أن يصرخوا بوجه رعيتهم وسلاطينهم بكلمة حق من أجل دماء وأعراض السوريين. اقولها لكل الشعوب العربية والإسلامية التي تناصرنا على صفحات الإنترنت وربما بالدعاء وفتات المال ثم تفتح التلفزيون على سهرة كوميدية او مسلسل حب تركي طويل، أو مطربة نكرة وفضائحها المعروضة “للنشر”، وربما دعوا لنا بصلاتهم وكفى الله المؤمنين شر القتال.
أقولها لمئات المعارضين في كل تنظيمات المعارضة الذين بات طموحهم الشخصي هو أولويتهم وربهم وديدنهم، ودم الناس ورقة يرموها على موائد المؤتمرات ويلبسوا ألف قناع ليكذبوا على الثوار لكنهم خلف الأبواب المغلقة جاهزون للانصياع وراء كل مسؤول عربي أو دولي وهم يطيرون فرحا كونهم قد صافحوه، وكأنهم لا يتكلمون باسم ثورة وشعب ينحني أمامه التاريخ الذي سبق والتاريخ الذي سيأتي. وأقولها لهؤلاء المعارضين الذين بات دينهم وديدنهم الكذب والدفاع عن مجالسهم وائتلافاتهم وتجمعاتهم “الممثلة الشرعية للشعب والثورةالسورية”، وبات حلمهم في ركوب الثورة وحكم سوريا دون أن يبذلوا شيئا، بات هو الهدف فأفسدوا وكذبوا وزوروا كل شيء، بدء من المجالس المدنية الوهمية وصولا للمجالس العسكرية وقيادات الأركان المفروضة، واستخدموا كل مال وكل دقيقة على الإعلام لشراء الولاءات الشخصية والحزبية. واقولها لأولئك المعارضين و”أحزابهم” الذين فرقوا صف الثوار وسعوا لبناء ميليشيات من أجل حلم حكم سوريا بعد سقوط النظام بدل أن يوحدوهم ويأخذوا بيدهم لإنتاج قياداتهم. وأقولها لكل المعارضين الذين يكذبون على الناس ويبيعوهم الأوهام منذ بداية الثورة، وأقولها لكثير من المعارضين الذين سقطوا في امتحان السلطة والمال حتى قبل أن يسقط النظام، فما هم فاعلون يا ترى بعد سقوطه؟ وأقولها للمعارضين الذين باتوا مستخدمين عند هذا السفير أو ذاك الوزير. وأقولها لكثير من المعارضين “السياسيين” والسياسة وعلومها وخبرتها منهم براء، فقد أثبت عامان أن كثيرا منهم يفقهون السياسة كما يفقه عامل بناء أمي في علوم الطب.
لا تنتظروا شيئا من كل من ذكرت، كل هؤلاء شركاء النظام كل من موقعه، سواء صمم على ذلك أو مشى فيه عن عجز او حسن نية بسياسات ثبت خطؤها، كل هؤلاء يأكلون لحم شهدائنا وينهشون جروح معتقلينا ولاجئينا ويشربون دمائنا ويراقبوننا نسحق ونذل ويشاهدون نسائنا يغتصبن ولا من معتصم يجيب، لا معتصم اليوم، سواء كان عربيا أو مسلما، حاكما أو محكوما، ولا معتصم “من المعارضين”، الجميع مشغول كل بسيده وأوهامه، كما قال الشاعر :
كم وامعتصماه خرجت من أفواه البنات اليتم …….. لامست أسماعكم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
أهلي وسادتي الشهداء والمعتقلين واللاجئين، أخواتي المغتصبات، آبائي الشيوخ وأبنائي الأطفال الأيتام والمشردين، أعتذر عن عجزي، أعتذر عن أشياء كثيرة لا أعرف ماهي، فقط أريد أن أعتذر، حاولت كثيرا أن أقدم شيئا لكني كنت شبه وحيد، كما أنتم وحيدون، خضت معاركي ولا ازال كما تفعلون انتم لا اتطلع إلى الوراء كما تفعلون اليوم، قلناها جميعا ورددتها معكم منذ عام وما سبقه والرصاص ينهمر أحيانا “ما لنا غيرك يا الله”، تلك لحظات لا تنسى، كنا نقولها ثقة لا يأسا، أنتم المسيح الذي يحمل صليبه ويبذل آلامه من أجل كل العالم، وأنتم المهدي الذي تنتظره الأرض لتملؤوا سوريا والأرض قسطا وعدلا بعد أن امتلأت ظلما وجورا، لا تنتظروا المعتصم فانتم المعتصم الذي تنظره نساء الأرض.