(( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ ))
وكأن هذه الآيات تتنزل علينا اليوم غضة طرية لتشير إلى هؤلاء المقبوحين في الدنيا والآخرة ، الذين نسمع نعيقهم ونرى لهاثهم في فضاء الثورة السورية وعلى رجالها وأبنائها . هؤلاء الذين سماهم القرآن الكريم : ( أئمة يدعون إلى النار )، والذين قال عنهم الرسول الكريم في سياق آخر : ( دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ) . يقول حذيفة بن اليمان راوي الحديث : قلت يا رسول الله صفهم لنا قال : ( هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ).
وقوله صلى الله عليه وسلم ( ويتكلمون بألسنتنا ) ليس معناها لساننا العربي فقط ، بل ومن معانيها أيضا أنهم يحتجون علينا كما نحتج : ب (قال الله ، قال رسوله ) . وأنهم قبحهم الله.. يحاجوننا بحجج شريعتنا ، ( يختلون الدنيا بالدين ) كما أخبرنا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الترمذي( يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ، ألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم قلوب الذئاب ..)
وقد وصف القرآن الكريم أئمة الدعوة إلى النار ، المنسلخين عما أوتوا من العلم ، في سياق آخر وتلا علينا من نبأهم حتى لا نضل ولا نزل ولا نخدع فقال تعالى (( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ …))
مثله مثل الكلب في لهاثه وراء مصالحه وشهواته ، أو خوفه على دنياه ، أو في تبجحه وعناده وطغيانه واتباعه هواه ….
أيها الشباب المسلم في سورية الحبيبة ..
يا أبناء سورية الحرة الأبية وبناتها …
ولم يكن ( أئمة الدعوة إلى النار) هؤلاء الذين تستمعون إليهم يلهثون على منابر الطاغية قاتل الأطفال ومنتهك الأعراض بِدْعا بين أتباع الدعوات ، ولا في تاريخ الأديان ، ولا في السيرورة التاريخية للثورات . ونماذجهم هذه التي نقلناها من كتاب الله تبارك وتعالى ، الذي أطلق عليهم أئمة الدعوة إلى النار ، والذي قرن لهاثهم وراء أهوائهم أو إعجابا بذواتهم بلهاث الكلاب ، أو جعل قلوبهم في حديث الرسول الكريم قلوب الذئاب ؛ لا يجوز أن تخدع أي مسلم ، وأن تمنعه أن يجد في حديث هؤلاء المفتونين عن دينهم فتنة تفتله عن حق ، أو محلا لطاعة يصغي إليه ، أو شاهدا على دين الله سبحانه وتعالى ، الذي لا يشهد عليه إلا من قال الله فيهم (( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )) .
لقد كان في ركب هذه الثورة السورية المباركة رجال ونساء عرفوا الحق فلزموه ، ورأوا الباطل فقاوموه . تمعرت وجوههم غضبا لله ولدينه ولشريعته ولحرماته تنتهك جهارا نهارا ؛ في وقت نام فيه من تحمل أمانة ذلك على وسادة العجز ، واستطاب ترداد أحاديث فساد الزمن ، ووجد مجده في إظهار براعته في موازنات ما يدعونه المصالح والمفاسد وأعظم المفسدتين وأكبر المنكرين …
كان في ركب هذه الثورة المباركة شباب وصبايا تكلموا جهرا بالحق إذ صمت من أناط الله به البيان : (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ )) . فخرج هؤلاء الشباب يهتفون للحق و للعدل وللحرية وللمحبة وللإخاء وينددون بأضدادها من الظلم والفساد والاستبداد والكراهية والبغضاء فحاول الظالم المستبد قمعهم ، وبالغ في القتل والانتهاك ، وقال لهم أصحاب فتاوى العجز والريبة وأئمة أهل النار كل على طريقته : (( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ..)) ..
أبناء الإسلام على أرض الشام المبارك …
صوت البقية من ورثة الأنبياء فيكم لا يغيب صداه عن مسامعكم . ولن يصعب على طالب للحق التمييز بين إمام يهدي إلى الحق وناعق يدعو إلى النار . ويبقى السؤال مفتوحا على فضاء عقولكم وقلوبكم (( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ؟! )).
إن مسلما تعود أن يتلو وأن يدعو في افتتاح كل صلاة (( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) لا يمكن أن يخنع مستسلما لإرادة الظالمين ، ولا يمكن أن يقنع بنعيق أئمة النار يدعونه إلى جهنم وبئس القرار ..
لقد حصص الحق . ولم يترك الطغاة المجرمون وأشياعهم لمتردد أو متقاعس خيارا ، فإما أن يكون الإنسان نصيرا للعدل والحق ، وإما أن يكون ظهيرا للمجرمين . والقرآن الكريم يعلمنا أن نختار (( قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ )) .وظهير المجرمين هو العون لهم ، والضارب بسيفهم ، والمقاتل تحت رايتهم ، والمنفذ لأوامرهم ..
أبناء سورية الأحرار الشرفاء ..
إن أحدنا لن يرضى لنفسه ولا لولده ولا لأخيه أن يكون ظهيرا لهؤلاء المجرمين ، هؤلاء الذين يذبحون الأطفال ، وينتهكون الأعراض ، ويقتلون الرجال والنساء ، ويدمرون المدن والأحياء ..
و لا يجوز لحر شريف أصيل أن ينسى أن ما يفعله أو يعين عليه في جنوب وطنه استسلاما لإرادة المجرمين ، سيفعل مثله مخدوع أو مغرور أو مستسلم في شمال هذا الوطن . وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين . ومن يَزنِ يُزنَ به ولو بجداره ..فلا تكونوا أدوات للظلم والبغي والعدوان فيقتص الله منكم في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ..
وإنه لعار ما بعده من عار أن يسجل التاريخ على حر شريف أنه كان يوما في صف هؤلاء الكفرة الفجرة الساقطين الأشرار ، يسير في ركابهم ، ويستجيب لدعائهم ، ويطأطئ الرأس لتعليماتهم وأوامرهم . ولن يكون لأحد في نعيق أئمة الدعوة إلى النار عذر فقد حصحص الحق . وأسفر الصبح ..
فأروا الله من أنفسكم خيرا وبدلا من أن يكون الإنسان أداة في يد أهل الباطل والظلم ليجرد من نفسه سيفا عليه …
أيها السوري مكانك في صف الذين يقاتلون في سبيل الله لن تضله ولن تضيعه . ولموت في طاعة الله خير من حياة في ظل معصيته وخذلانه . والموت في نصرة الحق والدفاع عن المظلوم شهادة وراءها جنة بل جنات ، والموت تحت راية الظالمين قتل بئيس (( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ )) . (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ))
إلى هذا الصف وللعمل تحت هذه الراية استنفركم الراسخون في العلم من رجال الإسلام