بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
البيان التأسيسي (30/3/2012)
بعد سنوات من العمل تحت وطأة الجور والعسَف
وبعد سنوات من التفرق والتشرذم
وبعد سنوات من الترقب والتشوق
وفي بلد لا يُسمح فيه للمشايخ والدعاة بالتجمع – حتى ولو كان على المستوى النقابي –
أذن الله بأن تأتي اللحظة المناسبة لتشكيل تجمع يضم دعاة الحق والفضيلة في أرض سورية الحبيبة ممن أقصاهم المجرمون وحاولوا تحجيم دورهم وكتم أصواتهم واستبدالهم.
هذه اللحظة أتت عندما عرف الشعب مفتاح خلاصه فــنادى:
“لبيك يا الله – مالنا غيرك يا الله”
تلك الكلمات الخالدة التي أثبتت للعالم بأسره ما أثـبتـته ثورة تونس ومصر وغيرهما من أن هذه الشعوب لم تعد ترضى غير الإسلام بديلاً وغير الله ناصراً ومُعينا.
فلا خداعُ دول الغرب ولا شعاراتهم ولا تحركاتهم المزيفة، ولا مدافع المجرمين الخونة بقي لها أدنى دور في إضعاف عزيمة الشعب أو حرف مساره بعد أن عرَف سبيله وأبا الرجوع عنه.
وقد ظن البعض بادئ الأمر أن تلك الدول ستتكرم علينا باستبدال عميلها هذا بعميل ديمقراطي أقل وحشية وأخف وطأة ولكن أبت دول الشرق والغرب- وإن أظهرت خلاف ذلك – أن تتخلى عن حامي حِمى إسرائيل وحارس حدودها الأمين فتراها تعطيه المُهل تِلو المُهل والفُرص تلو الفُرص وهذا الشعب الأعزل يدفع أبهظ الفواتير بدماء آلاف الشهداء والأسرى وهذه التضحيات كلها لم تكن لتدفع دول التآمر العالمي للتحرك. كيف لا وقد أنبأنا الله من أخبارهم إذ قال تعالى:
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (120 البقرة)
ولكن يبدو أن مشايخ السلاطين والحكام الذين قصَروا مفهوم التدين عند الناس على الصلاة والصوم والزكاة ومجالس الذكر فقط لم يبينوا للناس ما تضمنه كتاب ربهم من توجيهات تمس مختلف جوانب الحياة ومن بينها هذه الآية التي بيّن الله – عزّ وجلّ – فيها أن لا تأييد ولا نصرة منه جلّ في عُلاه إلا إذا تمسكنا بشرعته ونبذنا ما يدعونا إليه الكفرة الذين لا يريدون بنا خيرا وإن اختلفوا في الظاهر ما بين مساند للنظام ومعادٍ ظاهرياً فما يصدق عليهم إلا وصف القائل:
والكفر أهلوه جميعاً مِلةٌمهما تعادوا هم على قومي يدُ
ولكن فطرة الناس التي مازالت سليمة في قلوبهم – على الرغم مما طرأ على سلوكهم الديني من تشويه – دفعتهم بعد أن يئسوا من القاصي والداني لأن يعلنوها صريحة مدوية بأنهم ليس لهم من دون الله من ولي ولا نصير (مالنا غيرك يا الله).
ولكن هذه العودة المباركة إلى الإيمان الفطري بحاجة لتوجيهٍ تطبيقي شرعي يوجه الناس إلى سُبل نصرِ الله وما ذاك إلا من خلال إيمان حقيقي ينعكس على الأفعال مضمونه:
(رضينا بالله تعالى ربّاً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن الكريم دستوراً وحكما)
ونحن الآن أحوج ما نكون لهذا التوجيه – وبالذات في خضم هذه الأحداث الخطيرة التي تعصف بشامنا الحبيبة – لنكون ممن وعِدوا بنصر الله حيث وصفهم الله عزّ وجل بقوله:
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (40-41 الحج)
ولعل هذا الدور التوجيهي القيادي هو ما كان مأمولاً من المشايخ والعلماء في سوريا وهم الذين قال فيهم الكواكبي في يوم من الأيام:
“العوام صبية أيتام نيام لا يعلمون شيئاً، والعلماء هم إخوتهم الراشدون، إن أيقظوهم هبّوا، وإن دعوهم لبّوا، وإلاّ فيتصل نومهم بالموت”
ولكن الشعب السوري عامةً صُــدِم بالمتصدرين من العلماء أصحاب السماحة والفضيلة وهم يقفون مع الظالم ويبررون له جرائمه ويشجعونه وينددون بمن يقف في وجهه. وهذا بالنسبة للمطَّلِع غيرُ مستغرَب منهم بعد أن عمد النظام الفاجر خلال العقود السابقة إلى محاربة العلماء والدعاة الصادقين والتضييـق عليهم حتى غدو بين شهيد وأسير ومقهورٍ وفارٍّ بدينه مهاجرٍ عن وطنه. ثم استبدل بهم عملاء (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) و(يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا) فعملوا على إضعاف تعلق الناس بالمرجعية الشرعية والتقليل من دور الشريعة في الحياة اليومية من خلال قصر الدين على طقوس محددة وممارسة سلوك ينفِّر الناس من الدين والتدين فصدق عليهم قول الشاعر:
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم …………. ولو عظّموه في النفوس لعُظِّما
ولكــن أهانـوه فـــهانــوا ودنسوا……………محيـــاه بالأطمــاع حتى تجهما
ومن هنا كان لابد لفئة مؤمنة من أهل العلم أن تقوم بهذا الدور الذي أمر الله به في قوله:
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (122 التوبة)
( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (104 آل عمران)
واستجابة لأمر الله عزّ وجل ولضرورة ما يقتضيه الواقع بعد أن تخاذل كبار علماء المؤسسة الدينية الرسمية – إلا من رحم اللهُ – عن القيام بدورهم الإصلاحي الأساسي في حياة المجتمع السوري.
لذا فقد تداعى مجموعة من الدعاة المخلصين والعلماء الصادقين في الداخل السوري الجريح إلى تشكيل تجمع يضمهم ليوحدوا كلمتهم وليقِفوا صفا واحداً في وجه الظلم والظالمين وليمارسوا الدور المنوط بهم في توجيه عملية التغيير في المجتمع ولقد ارتضوا لتجمعهم اسم “تجمع دعاة الشام”
وبينوا تعريفه وأهدافه فيما يلي:
تجمع دعاة الشام
ائتلافٌ من علماء ودعاة ومثقفين ينتهجون الدعوة إلى الله سبيلاً للإصلاح رافعين شعار:
الكلمة الطيبة والعمل الصالح
هدفهم إحداث نقلة نوعية في المجتمع بإعادة الحضور الإسلامي الفاعل إلى واجهة الأحداث ليلعب دور القيادة والريادة والإمامة والإرشاد في حركة المجتمع على مختلف الأصعدة.
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران – 104)
مشروعنا (أهدافنا ومبادئنا)
•السعي لتحقيق الإصلاح في المجتمع انطلاقاً من تعاليم القرآن الكريم مستمسكين به وداعين إليه دستوراً ومنهاجاً وحَكَماً
{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة – 15).
•السعي لنشر الوعي الإسلامي المتكامل والمتوازن ، حيث الإسلام علم وعمل، عبادة وقيادة، دين ودولة لا ينفك أيٌ منها عن الآخر.
•العمل على إعداد جيل جديد من الدعاة العاملين للإسلام على هدى وبصيرة، الواعين بمتطلبات عصرهم وواقعهم، ليكونوا رواد التغيير المنشود على مختلف الأصعدة، بعيداً عن كل أشكال التعصب والجمود.
•صياغة الحل الإسلامي كبرنامج عمل وتقديمه على أرض الواقع عبر تفعيل طاقات الخبراء والشباب الناهض من مختلف الاختصاصات قياماً بمسؤولية الاستخلاف وإعمار الأرض وفق شرع الله تعالى.
•إبراز هوية الإنسان المسلم بإحياء شعور الانتماء إلى أمَّة الإسلام وبث روح الاعتزاز بهذا الانتماء بعد غياب طويل لهذه الفكرة عن أذهان المسلمين
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (110 آل عمران)
والسعي من أجل إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية.
•الدفاع عن الدعاة ورد الظلم عنهم،و تسخير ما أمكن من الوسائل في دعم الدعوة والدعاة.
•تعزيز منهج الولاء والبراء فكراً وسلوكاً، على صعيد الفرد والمجتمع، قياماً بأمر الله تعالى:
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا } (55 المائدة)
{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة – 22)
•العمل على استعادة الدور الإسلامي الريادي الذي امتازت به بلاد الشام عبر تاريخها الطويل والذي كان ومازال نموذجاً يُحتذى في التدين القائم على التعامل بالبِر والقِسط مع أهل الأديان الأُخرى.
قال تعالى:
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة – 8)
{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}
تم بحمد الله