صرح الرئيس المصري محمد مرسي ، وفي ظلال مذبحة (جديدة الفضل ) التي قضى فيها المئات من السوريين الأبرياء قتلا وذبحا وحرقا على أيدي شبيحة بشار الأسد وبالسلاح الروسي والاشتراك الإيراني ، وعقب مباحثاته التي تمت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن القضية السورية استحوذت على جانب كبير من المباحثات التي تمت مع الإدارة الروسية، وأكد على أنه يقدر كل التقدير الموقف الروسي من الثورة السورية والذي لا يختلف بشكل جوهري عن موقف مصر ..
نعترف أنه ليس للمواطن السوري أي حق في التدخل في الشأن المصري ، ولا في السياسات المصرية ؛ ولكن المطلوب حقيقة من صناع السياسة المصرية أن يوضحوا للشعب السوري حقيقة ( التقدير المرسي ) للسياسات الروسية ، وتفاصيل الاتفاق الجوهري ( المرسي – الروسي ) من مشروع كسر إرادة السوريين وذبح رجالهم وانتهاك أعراضهم . هذا المشروع الذي يتبناه الروس ويمدونه بكل أنواع السلاح عنوة ، ويمنحونه الدعم السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية .. يريد المواطن السوري أن يعرف أي من بنود هذا الموقف يقدر السيد مرسي وعلى جوهر أيها يتفق ؟!
ثم إن تصريح الرئيس مرسي هذا بنصه ومضمونه وتوقيته يفرض تحديا جادا على جميع قوى المعارضة السورية _- بدون استثناء – لتوضح للرأي العام السوري ولجيل الثورة السورية ولأولياء الشهداء من رجال ونساء وأطفال موقفها السياسي منه . لتبين للرأي العام بيانا شافيا من موقفها من تصريح الرئيس مرسي وسياساته ، لتبين هل هي معه في تقدير ما يقدر ، وفي الاتفاق على جوهر الموقف الروسي الذي يتفق عليه ؟! فلا أحد يظن أن الإدهان والإغضاء والتواري ما زال ممكنا بعد أن حصحص الحق وجاوز الظالمون المدى ..
لقد انتظر الشعب السوري طويلا دورا قياديا مصريا وعربيا لكسب إدانة دولية صريحة وواضحة تضع حدا لتدخل روسيا وإيران وقوات حزب الله في الشأن السوري واشتراكهم العملي واليومي في قتل السوريين وكسر إرادتهم ؛ ولكن ومع الأسف بدل أن نستمع من الرئيس المصري إدانة صريحة للموقف الروسي نتابع هذا التصريح المخزي الذي يؤكد أن عمى المصلحة الآنية يجرد السياسة أحيانا من القيم ومن الأخلاق ..
ولقد انتظر الشعب السوري طويلا في دعم مشروع ثورته سياسات مصرية موازنة ومكافئة لما تفعله القوات الإيرانية والحزبللاوية على الأرض السورية . قصارى ما يتطلع إليه الشعب السوري من الرئيس مرسي أن يقول له ولحكومته : إن لم تكونوا معنا فلا تكونوا علينا ..
يضع الرئيس مرسي نصب عينيه مصالح الشعب المصري كما يراها في إطار الحاضنين – الروسي والإيراني – المعاديين للشعب السوري ولثورته . فهل ما يزال بوسع أي مواطن سوري مخلص لثورته ولوطنه أن يراهن على موقف سياسي ممن يضع يمناه في يد القاتل الإيراني ويسراه في يد الداعم للقتل الروسي …
إن شكر الشعب المصري على ما يقدمه من دعم وتأييد وحضن دافئ للاجئين السوريين لا يمكن أن يختلط بأي شكل من الأشكال بسياسات حكومة مصرية وجدت مصالحها عند أعداء الثورة السورية . وفتحت أبواب مصر لأعداء المشروع الحضاري الإسلامي بإصرارها على تجاهل مخاطر المشروع الصفوي الإيراني ليس على مصر وحدها بل على الأمة العربية والمسلمة .
أول ما ينتظر من قوى المعارضة السورية ، والائتلاف الوطني بشكل خاص ، وعلى ضوء تصريح الرئيس مرسي الأخير ، أن يبادر الائتلاف إلى الاستدراك على خطوته المتعجلة يوم قرر أن يجعل من مصر مقرا له . فلم يعد مقبولا أن يظل مقر أكبر هيئة للمعارضة السورية وممثلها الرسمي في بلد يعلن رئيسه أنه يتفق جوهريا مع الموقف الروسي الذي غطى على مدى خمسة وعشرين شهرا مشروع قتل السوريين وذبح أطفالهم وانتهاك أعراضهم .