ما جرى ويجري من مجزرة رهيبة في (جديدة عرطوز الفضل ) في ريف دمشق . ليس فقط جريمة جديدة ضد الإنسانية ينضم إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها يوميا ( إيفان الرهيب ) المتسلط على دمشق ؛ بل هي في دلالاتها المتعددة أكثر من جريمة ، وأكثر من رسالة يرسلها السفاح ويؤكدها المجتمع الدولي ، وتتشاغل عنها المعارضة المزهوة بتفككها وبلا مبالاتها ، وبانشغالاتها عن الهم اليومي للشعب السوري بأحاديث الخرافة يرويها مسيلمة عن سجاح ..
الرسالة الأخطر التي على الشعب السوري بعامته من البسطاء ، ولم يعد أحد معنيا بمخاطبة القيادات ، أن يعيها هي أن يدرك جيدا كيف سيتعامل معه بشار الأسد وزبانيته إذا ما خلا لهم الجو بأي صورة من الصور في غد ندعو الله ألا يجيء ..
كيف سيتعامل بشار الأسد ( إيفان الرهيب ) مع شعب سورية إذا ما وقع كله في زنزانة من زنازين سجن تدمر يفعل فيها بشار الأسد وشبيحته ما يريدون . وهذا الدرس من جديدة عرطوز شاهد استباقي على ما سيكون . ولأن القصف بالصواريخ والمدفعية والطيران والعيارات الثقيلة وقتل الإنسان وتدمير البنيان كله لا يشفي غليل كان لابد لإيفان الرهيب ليشبع النهمة أن يلجأ إلى السواطير والسكاكين والبلطات يحز بها أعناق الأطفال ويقطع الرقاب ويحطم الجماجم وينثر من حوله الأشلاء هذا بعض ما كان وهذا ما يجب على أبناء سورية أن يتوقعوا أن يكون ..
وكانت الرسالة الثانية في خصوصية سكان (جديدة عرطوز الفضل ) وهم في هويتهم الجولانية شاهد حي على عار الخونة المتآمرين . أبناء ( الجديدة ) هؤلاء هم بعض الشهود الذين عاشوا مأساة الجريمة المنكرة تحت عنوان (النازحين ) ، وما يزال وصفهم هذا يجلل من تسبب بنزوحهم بالخزي والعار . ومن هنا يبدو مشروع التخلص منهم أقرب إلى طي صفحة الوطن المباع ونسيان ما كان وكيف كان . كان أبناء الجديدة في مقدمة من ثار لأنهم ظلوا عقودا مع فقد ما فقدوا يفقدون اليوم الحانية ، والاعتراف بالحق بطريقة تليق ..
إن المأساة التي وقعت على أهلنا وشعبنا وأبنائنا وبناتنا وما تزال في (جديدة عرطوز الفضل )هي من مسئوليتنا جميعا . مسئولية كل مواطن وكل معارض وكل ثائر . و ليس لأحد منا أن يقول ما كان نظن أو نقدر أو نخمن أن مثل هذا الإثم يقع . إن الخلخلة في الصف الثوري ، وفي تحمل المسئولية الثورية مهما تكن أسبابها ستقود وطننا إلى ما هو أخطر وأفظع من هذا والحر تكفيه الإشارة ..
إن وصول النداء تلو النداء إلى الائتلاف الوطني وإلى كتائب الجيش الحر وإلى كل من يمسك بيده ناصية قرار في هذه المعارضة ثم التشاغل والازورار عن تقديم شيء حقيقي إنما هو ضرب من الخذلان لهذه الثورة ولهذا الشعب الأعزل الذي تولى البعض أمره ثم تغافل عنه ..
لم تحدث مجزرة (الجديدة ) فجأة أو بغتة وإنما كانت وليدة فعل سياسي وعسكري تراتبي ، وقد كان بالإمكان توقعها وتلافيها . ولم تكن مجزرة الجديدة بنت ساعة لم يتوفر الوقت لتلافيها بل استمرت المجزرة أياما وما تزال وبهذا تكون المسئولية أشد وأعظم ..!!!!!!
هل ينفعنا أن نقول نشجب ونستنكر وندين ؟! هل من المفيد أن نعود إلى التشنيع على المجتمع الدولي الذي تأكد لنا أنه لا يريد أن يسمع أو أن يرى وأنه مستعد أن يصمت حتى على إبادتنا بالكيميائي والبيولوجي معا كما ثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع ..!!!
هل يصلح أن نصطف ، بعد اليوم ، خلف من يضع رجلا مع الثورة في الركاب وعينا في دمشق على ( الأحباب ) فيماطلنا ويشاغلنا ويدافعنا ويتعلل علينا ..؟!!!!
ماذا على الأجلاء الذين ( تنادوا ) لرسم ملامح االسلم الأهلي والعدل الانتقالي لو كانت ( ندوتهم ) حول : كيف العمل إذا ما نزل في بلدة أو منطقة مثل ما نزل بأهلنا في الجديدة وبمثل ما ينزل كل يوم في دار من دورنا ..
أين هي قيادة الأركان المشتركة ؟ اين هم قادة الألوية والكتائب وشريعتنا تقرر أنه إذا نزل العدو في أرض فعلى من يليهم المبادرة للدفاع عنهم ..؟!
هل ننشغل بالاستنكار على بشار ؟! كيف والشر والإثم المتوقع منه ومن شركائه أضعاف ما كان ؟!
هل نستفظع أن يقتل في الجديدة مائة إنسان وأن تباد أسر كاملة بالبلطات والسكاكين مع مئات المصابين ؛ لماذا وقد سبق لهم أن قتلوا في حماة وحدها قريبا من ثلاثين ألف إنسان ..
وإذا كنا نريد الجد من أنفسنا والصدق مع شعبنا فالعهد عهد الله مع الجميع وللجميع وبالجميع ألا نسمح لمثل هذه المأساة أن تتكرر على أرضنا وبين ظهرانينا . وكل قول خلا هذا العهد (( إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ ))
ولأهلنا في (جديدة عرطوز الفضل ) الشفاء ؛ شفاء الجراح وشفاء القلوب والنفوس . ولهم في شهدائهم أحر مشاعر العزاء . ولجميع شهداء ثورتنا الرحمة والمغفرة والرضوان .
ولجماهير شعبنا الثقة بحسن وعد الله (( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ))