بقلم: ياسر تيسير العيتي
القائد الحقيقي هو الذي يستمد قوّته من قوة من يقودهم و شجاعتهم لذلك هو يسعى و بشكل منهجي منظَّم إلى تقويتهم و بث الشجاعة في قلوبهم. أما القائد المزيَّف فيستعير قوَّته من ضعف من يقودهم و خوفهم لذلك هو يسعى و بشكل منهجي منظَّم إلى إضعافهم و بث الخوف و الرعب في قلوبهم.
القائد الحقيقي يؤمن بالناس، يؤمن بكرامتهم و تميُّزهم و طاقاتهم و مواهبهم، يؤمن بهم إلى درجةٍ تدفعهم إلى الإيمان بأنفسهم. القائد الحقيقي كالمرآة التي تعكس أفضل ما لدينا من صفات؛ المرآة التي ننظر فيها فنرى أنفسنا كباراً و شجعاناً و أقوياء. أما القائد المزيَّف فلا يؤمن بالناس و لا يؤمن بكرامتهم و لا بقيمتهم، إنه يعامل الناس كأشياء و لا يعاملهم كبشر و هو كالمرآة التي تعكس أسوأ ما فينا من صفات فعندما ننظر فيها نرى أنفسنا صغاراً و جبناء و ضعفاء.
القائد الحقيقي يرحب بالنقد و يشجع عليه و يشكر من يأتي به و لا يعتبره تهديداً له لأنه يستمد شعوره بالأمن من داخله؛ من استقامته و صدقه مع نفسه و مع الآخرين. أما القائد المزيَّف فيجعل نفسه إلهاً لا يُنتقد، إنه يخاف من النقد و يعتبره تهديداً له و يعاقب من يأتي به لأنه لا يستمد شعوره بالأمن من داخله؛ من استقامته و صدقه مع نفسه ومع الآخرين، بل يستمد هذا الشعور من الخارج؛ من المنافقين الخائفين المحيطين به، من مدحهم و إطرائهم و تصفيقهم و هتافهم!
القائد الحقيقي يحيط نفسه بـِ(بطانة الخير) برجالٍ يشبهونه في الصدق و الشجاعة و احترام الناس، أما القائد المزيَّف فيحيط نفسه بـِ(بطانة السوء) برجالٍ يشبهونه في الكذب و الجبن و احتقار الناس.
القائد الحقيقي ينظر إلى القيادة على أنها خدمة للناس و تلبية لحاجاتهم، أما القائد المزيَّف فينظر إلى القيادة على أنها استعباد للناس و تسخير لهم.
القائد الحقيقي متواضع إلى درجة الخجل و شجاع إلى درجة التضحية بنفسه في سبيل من يقودهم؛ يصف المؤلف جيم كولينز صاحب كتاب Good To Great القادة الحقيقيين بقوله: ( إنهم خائفون و شرسون في الوقت نفسه، خجلون و جريئون في آن واحد).
بقي أن أقول أن القائد الحقيقي يمكن أن يكون أباً في بيته أو مدرساً في صفه أو مديراً في مؤسسته أو وزيراً في وزارته أو رئيساً في دولته.. ما أحوجنا اليوم إلى القادة الحقيقيين في كل مكان.