لم يفجأنا حزب الله بالهجوم على القصير ، ولم تكن معركة القصير معركة خاطفة لا يجد من يملك الإرادة سبيلا للمشاركة فيها والتصدي للمعتدين على أهلها ؛ فمنذ أشهر طويلة وحسن نصر الله يهدد وأهل القصير يحذرون …
إذا أردنا أن نتحدث عن القصير إنسانيا فإن القلب سيخفق لحياة أربعين ألف إنسان من طفل وامرأة وشيخ كلهم معرضون للاستباحة ، بكل أشكال الاستباحة ، على يد من حانت لهم الفرصة للتعبير عن حقد مكتوم عمره ألف وأربع مائة عام يتقدمون اليوم للتنفيس عنه على أديم القصير وأهلها ..
وإذا أردنا أن نتحدث عن القصير استراتيجيا فإننا نتحدث عن الخاصرة الغربية لسورية التي يحاول الغزاة الصفويون أن يجعلوا منها جسر عبور للانتشار هم وجنود الباسيج الإيرانيين على كل الأرض السورية شمالا وجنوبا أي إلى حماة وحلب وإلى دمشق ودرعا ..
وإذا أردنا أن نتحدث عن القصير وطنيا فإن القصير بموقعها وامتداداتها تؤشر إلى خط الحدود للدولة الموهومة التي يظن بشار الأسد أنها يمكن أن تكون ملاذه الأخير ..
نريد الساعة – ساعة الغارة وقبل الرماء تملأ الكنائن – أن نستغيث للقصير فتمنعنا أو تصفعنا حقيقة تقول : أغث قبل أن تستغيث . حقيقة تسائلنا : أين الإرادة عند من احتكر القرار والقدرة وأدواتها ؟! أين الإرادة التي تبعثه ليغيث قبل أن يستغيث ، وأين هؤلاء المعطلون لفعل المعارضة السياسية من قوله تعالى : (( وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً )) .
أشهر طويلة وحسن نصر الله يهددهم فماذا أعدوا لهذا التهديد غير القيل والقال وإضاعة الجهد والمال ؟! أشهر طويلة وعجزهم يضعهم في مقام من قال عنه المتنبي : لو رأى غير شيء ظنه رجلا ..
ها هنا كلمة نسجلها اليوم للتاريخ ونلقي بها إلى كل تجمعات المعارضة السورية وهيئاتها وتشكيلاتها وتنظيماتها وأحزابها وجماعاتها : إنكم اليوم شركاء في المسئولية عن كل قطرة دم تسقط على أرض القصير . وشركاء في المسئولية عن كل قطرة دم تسقط على الأرض السورية فيما أنتم تتشاغلون بخلافاتكم ومشاكلكم ..
لقد قال السيد أردوغان يوما إن ( حماة خط أحمر ) ولكن وللحق فقد كان الشعب السوري وقواه الحية وقواعدها أولى بهذه الكلمة ..
لقد كان الأولى بشعبنا أن يقول لكل الذين يمسكون بالقرار وبالإمكانات والمقدرات ويستبدون بها : لكم علينا ولنا عليكم . لكم علينا أن نوسد أمرنا إليكم ولنا عليكم أن تجعلوا : حماة خطا أحمر ، و القصير خطا أحمر وأن تعلموا ان وفاءنا مرتبط بوفائكم
لا يستطيع الإنسان العاقل الجاد القاصد أن يجد عذرا لأي قوة أو هيئة أو تجمع من قوى المعارضة السياسية لا تستنفر اليوم طاقاتها وتحرك كتائبها في إنقاذ القصير وفي تحمل مسئولية الدفاع عنها إنسانا وأرضا وموقفا .
وحين تفاجئنا كل هذه الدوائر والهيئات والمعارضات اليوم بعجزها عن تقديم أي نجدة عملية جادة وذات مصداقية للقصير وأهلها حتى الآن ؛ فإن عليها أن تتحمل مسئولية هذا العجز فلم ينتخب شعبنا هذه القيادات ليتفرج عليها وهي تتفرج على مأساته. في يقيننا فقد حان الوقت لقيادات المعارضة المتفرجة على المأساة : أن تستريح فتريح
القصير اليوم تباد وأهلها قد قرروا أن يذهبوا في معركتهم حتى آخر قطرة دم . ومع ضعف الحول والطول وقلة الحيلة كمواطنين سوريين نبث الاستغاثة لكل الأحياء على هذه الأرض (( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ )) وصدق الله العظيم والموتى يبعثهم الله …