بعد أيام سيجتمع الائتلاف الوطني لاختيار رئيس جديد. وأنا لست خبيراً بالرجال ولست معنياً بتسمية الأسماء، ولكني أحرص -كما يحرص ملايين السوريين- على تحديد الصفات التي يجب توفرها في الرئيس الجديد وفي أي قائد يقود المعارضة -في أي موقع من مواقعها- في هذه الأيام الحاسمة الفاصلة من تاريخ سوريا وثورتها المباركة.
إننا نريد القوي الأمين الذي يجمع بين القدرة والنزاهة؛ نريده مستقيماً صادقاً لا يغشّنا ولا يخدعنا، نريده إنساناً رحيماً يحس بآلامنا ويشاركنا آمالنا، نريده شجاعاً جريئاً لا يخشى في الحق أحداً ولا يجامل مخلوقاً على حساب الشعب والثورة، نريده متواضعاً لا يغرّه المنصب ولا تطغيه السلطة، نريده عاقلاً يحسن التفكير والتقدير، نريده مشاوراً يشترك مع إخوانه بالقرار ولا يستبد بالرأي، نريده بليغاً قادراً على عرض قضيتنا والدفاع عنها في كل المحافل والمجامع والمؤتمرات.
الصفات السابقة مطلوبة كلها، ومعها غيرها مما يعرفه الناس ولا يختلفون فيه، وهي يمكن أن تتوفر بدرجات متفاوتة (فيوجد بعضها وإن لم توجد كلها) لأن الكمال مستحيل، ولكنها لا تكفي -ولو اجتمعت كلها في رجل واحد- إذا غابت عنه الصفةُ الأساسية التي تميّز زعيمَ الوقت الحاضر من زعماء كل الأوقات، الصفة التي إذا لم توجد في القائد الجديد فلن تنفعه أي صفة غيرها.
تقولون: وما هذه الصفة السحرية؟
إنها الإيمان بأن الثورة على حق وأن أعداءها على باطل، وأن الحق سينتصر على الباطل لا محالة بإذن الله. إنها اليقين بأن ثورتنا المباركة حق وأن النظام الأسدي باطل، وأن الحق والباطل نقيضان لا يجتمعان. إنها الثقة المطلقة التي لا تشوبها شائبة بأن الثورة غالبة وبأن أحرار سوريا منتصرون بإذن الله.
نريد القائد الذي يعلم أن معركتنا مع النظام معركة وجود أو عدم، معركة بقاء أو فناء، ويعلم أن حريتنا وكرامتنا واستقلالنا حق لا مساومةَ عليه ولا تراجعَ عنه. القائد الذي لا يشك بقدرتنا على الصبر حتى النصر، والذي يؤمن بقدرتنا على الانتصار ولو خذلتنا الدنيا وعادانا العالم ومكرت بنا دول الأرض وحاربتنا بأخبث المؤامرات.
القائد الذي نريده هو مستودع لا ينفد من الأمل والتفاؤل، منه يغترف اليائسون فتمتلئ قلوبهم الخاوية وتشرق بالأمل من جديد، وهو أيضاً مستودع القوة والصبر، والعزيمة والاحتمال، والصمود والثبات على الحق، والثقة بالله وبنصر الله.
إننا نريد القائد الذي إذا نظرنا في عينيه رأينا صورة الانتصار وإذا أصغينا إلى خطاباته سمعنا نغمة الانتصار وإذا قرأنا كتاباته قرأنا معنى الانتصار. القائد الذي تسمع منه جماهيرُ الثورة الكلمةَ التي قالها الرضيع لأمه حينما ترددت وهي على شفا الأخدود: امضوا فإنكم على الحق، وإنكم منتصرون بإذن الله ذي الجلال والإكرام.
نريد القائد الذي يستخرج الصبر من وسط اليأس وينتزع النصر من فم الهزيمة، نريده لثورتنا وبلدنا كما كان علي عزت بيغوفِتْش للبوسنة وكما كان تشرشل لبريطانيا. لولا الأول لما بقيت البوسنة على خرائط الجغرافيا، ولولا الثاني لهُزمت بريطانيا في الحرب العالمية وتغير وجه التاريخ.
قد يسأل سائل: وكيف كان ذلك؟ الجواب في المقالة الآتية إن شاء الله.