كلما فتح لافروف فمه قال المطلوب من أمريكا أو المطلوب من الغرب أو المطلوب من الجامعة العربية – وكل مرة بحسب المقام – أن يجلبوا المعارضة السورية إلى طاولة الحوار إلى جنيف (الروسي الإيراني ) حيث ينفض الشركاء الآخرون أيديهم سلفا مما يمكن أن يجري هناك .
في كل مرة يتحدث لافروف وشركاؤه عن المعارضة السورية يصوغ عبارته وكأنه يتحدث عن لقى مهمل أو عن (كيس بطاطا ) يُحمل ويُجلب ويُحط ويُرفع . ويبدو أن المعارضة السورية ، التي تصر على تجاوز علم الدلالة اللغوية في بعديه الحقيقي والمجازي ، لا تجد مشكلة أصلا في الخطاب الروسي أو حتى في خطاب بعض الأصدقاء من الأطراف الدولية . فحين تفقد الكلمات ظلالها تفقد الكثير من معانيها بلا شك..
على الصعيد العملي يبدو أن هؤلاء المناط بهم أن ( يجلبوا ) المعارضة إلى حيث يريد الروس والإيرانيون قد أحكموا الأنشوطة حول عنق ضحاياهم من خلال لعبة الفك والتركيب والجذب والنبذ وتوظيف التناقضات الشخصانية والتلويح بفقد المكانة والمكان والسكينة والسُّكَّان مما جعل أمرهم إلى النجاح أقرب مما نظن أو نخال أو نحسب ..
إن مجريات الحدث السوري منذ أن أوكل المجتمع الدولي إلى روسية وإيران وأدواتهما في المنطقة مشروع تدمير إرادة الثوار السوريين ، وتطويع المعارضة السياسية ، وإنجاز ما عجزت عصابات بشار الأسد عن إنجازه خلال سبعة وعشرين شهرا تؤكد أن احتلال إيران وأدواتها للأرض السورية ما هو إلا رمي التمهيد لتحقيق النتائج المرجوة من جنيف والتي استبق نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف إلى الإعلان عنها : ( حكومة موسعة مختلطة ) على غرار الجبهة الوطنية التقدمية بتوجهات أحزابها ورموز أشخاصها .
وأمام إصرار المعارضة السياسية على النوم في العسل . وادعاء الحكمة في مطاولة الذين يلعبون على دماء السوريين ومشروع ثورتهم ؛ فإن المطلوب من قوى الثورة على الأرض أن تبادر أولا إلى إيجاد الصيغ العملية لتوحيد موقفها السياسي والإعلان عنه بلغة ثورية صارمة وليس بلغة سياسية عليلة تماطل وتراوغ ..
المطلوب من حاملي مشروع الثورة الحقيقي اليوم أن يتجاوزوا المعارضة التي وقعت راضية أو مرغمة في شباك مشروع مقاولة دولية ، الصوت فيه لمن يملك أكثر ، ولمن يكون أقدر على بذل الولاء لشراء الرضى المعلق – كما جزرة يوسف – على رأس عصا تمتد أمام عيني صاحبه ليظل يلهث سعيا إليها .
إن المطلوب من الثوار السوريين إعادة التذكير مع طلوع الشمس وغروبها بثوابت الثورة السورية بأنه :
لا شراكة مع القتلة والمجرمين، ولا تنازل عن دماء الشهداء ، وأن مصير المجرمين هو المثول بين يدي القضاء العادل .
وأنه لا تنازل عن أهداف الثورة في دولة للعدل والحرية والكرامة الإنسانية .
وأن الثورة ستظل مستمرة حتى تحقق أهدافها ليس وفاء فقط لدماء شهداء مضوا وإنما تلبية لتطلعات أجيال من السوريين يرفضون العيش من جديد في ظل العبودية أو الارتهان ..
واستباقا لمؤتمر جنيف نقول لمن يريد أن يكون شريكا فيه : إن هدف هذا المؤتمر أولا انتزاع تنازل ، ممن يدعون الولاية على هذا الشعب ، عن دماء الشهداء وآلام الضحايا والمنتهكين تحت شعارات للعدالة الانتقالية مغلفة جيدا بأوراق السولفان ..
وثانيا عقد شكل من أشكال الشراكة بين الضحية والجلاد يحتفظ فيها الجلاد بحقه بالسوط والبسطار ، ويمنحه شرعية عجز عن الحصول على مثلها عبر نصف قرن من الظلم والاضطهاد..
أسأل صديقي لماذا إذن يذهبون ؟ يجيبني بلسان الحال لكي لا يفقد واحدهم مقعدا حصل عليه بعد طول لهاث ..