فإن كنتُ مأكولاً فكُنْ خيرَ آكلٍ *** وإلاّ فأدركْني ولمّا أُمَزَّقِ
أيها المسلمون، يا أهلنا في السعودية والخليج ودول الجوار:
لقد كُشف الخبيء وظهر المستور، فعلمتم أن المعركة التي تضطرم نارُها على أرض الشام اليوم هي معركة بين معسكر الكفر ومعسكر الإيمان، ليست مجرد معركة بين نظام مجرم فاجر وشعب مظلوم مقهور. ولقد علمتم أن أهل سوريا يخوضون الحرب بالنيابة عن الأمة، الحرب ضد أعداء لئام تركوا التَّقِيّة وحسروا اللثام، فباتوا يحاربوننا اليوم جَهاراً تحت الشمس، بعدما حاربونا سنين طويلة في الخفاء وفي الظلام، وعلمتم أنها لولا ثورة سوريا المباركة لأكمل الأعداء مشروعهم الخبيث وأحكموا الطوق على بلاد الإسلام.
إن أهل الشام اليوم هم رأس حربة الأمة في معركة البقاء، وإنها إن تهلك اليومَ عصابتُهم فلن تُرفَع للإسلام راية في أرض الشام أربعين سنة، ولسوف ينهار السد ويجرفكم الطوفان. فلا تتخلَّوا في هذه الساعة العسيرة عنهم؛ مُدّوا إليهم يدَ النجدة وادعموهم بما تستطيعون، بكل ما تستطيعون، إن لم يكن من أجلهم فمن أجل أن لا يجرفكم الطوفان.
أيها المسلمون: اعلموا أن إخوانكم في الشام ليسوا أهلَ حاجة ولا يتسوّلون الإحسان، وقد طالما أغاثوا إخوانهم المسلمين كلما نزلت بالمسلمين نازلة، وما أكثرَ ما فتحوا لهم القلوب والجيوب واستقبلوهم في صدور الدور، لم يستقبلوهم يوماً في خيام تمزقها الريح وتفتك بهم فيها دوابّ الأرض وهوامّ الجِواء. لقد عاشوا كراماً وأكرموا وفادة كل كريم من إخوة الدم والدين، ولكن النظام المجرم صنع بالشام ما لم يصنعه اليهود بفلسطين، فحارب الشعب الأعزل بالطيارات والصواريخ، ودمر المدن وأتلف أسباب الحياة، ثم قتل واعتقل ولاحق فغاب الرجال وراء الشمس أو طوتهم الأجداث واللحود.
قبل أسبوعين نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إحصائيات مرعبة. تجاوز عدد الشهداء الموثّقين بالأسماء 84 ألفاً، والمختفين قسرياً (والأغلب أن أكثرهم انضموا إلى قافلة الشهداء) 70 ألفاً، والمعتقلين 194 ألفاً، أي أن الذين غابوا بالقتل والاعتقال بلغوا نحو 350 ألف إنسان، منهم 82 ألف رجل متزوج، ومنهم كثير من الشبان الذين يعيلون والدِيهم، أي أن مئة ألف أسرة -على الأقل- صارت بلا معيل!
مَن لهؤلاء -بعد الله- إلا إخوانهم المسلمون؟ أتطيب نفوس إخوانهم بأن يقطعوهم في ساعة عسرة وأن يخذلوهم في يوم يحتاج فيه الشقيق إلى الشقيق والصديق إلى الصديق؟
أيها المسلمون: إنها ساعةٌ من الساعات التي لا تتكرر كثيراً في أعمار الأمم، ساعةُ حاجةٍ لشعب لم يحتَجْ قبل اليوم ولا طلب إعانة، بل كان هو المبادر بالإعانات، وما أحوجَه اليومَ إليكم إلا نظامٌ مجرم لن يلبث أن يبلغكم شررُ ناره لو أنه نجا وانتصر لا قدّر الله. ولا تقولوا: مللنا من الإنفاق والمساعدة، فإن العدو لم يملّ من التقتيل والتدمير، وإن أصدقاء العدو وأولياءه لم يملّوا من دعمه بالمال والرجال. فلا يكونوا أصبرَ على نصرة الباطل منكم على نصرة الحق، ولا يكونوا أرجى لانتصار وليّهم منكم لانتصار أولياء الله وأنصاره في الشام.
إلاّ تسندوا السدّ يوشك أن ينهار، وإذا انهار جرفكم الطوفان. ألا لا يأتينّ عليكم زمان تقولون فيه: يا ليتنا نصرنا إخواننا في سوريا قبل انكسار السد وانفجار الطوفان!