أُشفقُ على أعداء الأمة، كم هم أغبياء! هل يجب علينا أن نلقّمهم المعاني والأفكار بالملاعق حتى يَعْقلوها؟ لقد تحررت الشعوب أخيراً؛ تحررت القلوب من الخوف وتحررت العقول من العجز، فلا تخوّفونا فإنا ما عدنا نخاف، ولا تَسْتَغبونا فإنا لن نُستغبَى بعد اليوم إن شاء الله.
غيّروا إن شئتم نجاد السفاح وائتونا بروحاني أو سواه. لن يغير تغييرُ رأسكم موقفَنا منكم، فإن الشر لم يكن في قلبه وحده بل في قلوب ملايين وملايين منكم رُبّوا على كراهيتنا وعداوتنا أجيالاً بعد أجيال بعد أجيال. لقد كشفنا سركم وهتكنا ستركم وعرفنا ما انطوت عليه جوانحكم، فلن نثق بعد اليوم بكم ولن نتصالح معكم.
لقد علمنا أنكم العدو فسوف نعاديكم، وأنكم أهل غدر وتَقِيّة وخداع فسوف نَحْذركم أبدَ العمر، فكفّوا نكفّ، وسالموا نُسالم، أو حاربوا نحارب، فلقد أقسمنا أنه لا يَرِدُ أحدٌ منكم أرضَنا غازياً معتدياً أبيضَ القميص إلا صَدَر أحمرَه، فإنّا قومٌ قال قائلنا:
وإنّا نورَدُ الرايات بيضاً *** ونُصْدرهنّ حمراً قد رُوينا
ألا لا يَعلمُ الأقوامُ أنّا *** تَضَعْضَعنا وأنّا قد وَنِيْنَا
ألا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا *** فَنَجهلَ فوقَ جهل الجاهلينا
يا أعداء الأمة جميعاً: لم تعد تنطلي علينا ألاعيبكم، وإنا قد سئمناكم من طول ما تكررون خُدَعكم، فهلاّ بحثتم عن أسلوب جديد؟ أتظنون أنكم تخدعوننا وتنفّسون غضبنا بتغيير وجه بوجه واسم باسم؟
سواء علينا أن تغيّروا المجرم الإيراني أو لا تغيروه، كما هو سواء أن تغيروا مجرمنا أو لا تغيروه. غَيّروا بشار السفاح إن شئتم وائتونا برأس غيره ولن تقف ثورتنا، فإنا علمنا أن العيب في الدابّة كلها، رأسها وذنَبها وبدنها وأربعة أطرافها، وقد آلينا أن ننحرها من الوريد إلى الوريد وأن “نُتبع الرأسَ البدنَ والذّنَبَا”.
لسنا نبحث عن زيد لنضعه محل عُبَيد، ولن نستبدل سعداً بسُعَيد، لقد خرج ماردنا من القمقم وزأرت ليوثُنا فتردد زئيرها في آفاق الأرض: إنها ثورة على “أنظمة” الظلم والاستبداد لا على مجرد “أفراد” ظالمين مستبدين. إنها ثورة ستدحرج الرؤوس والأبدان، ثورة ستنقض بنيان الطغيان الذي بُني على أشلاء كرامتنا وحريتنا، والذي حارب ديننا وفضائلنا وسلائقنا، وسرق ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.
إننا أمة تولد من جديد. أليس يُؤتَى لكل مولود جديد بثوب جديد؟