قد يقول بعض المتابعين أن ادارة اوباما شريكة بشكل غير مباشر في قتل السوريين، وقد يشرح المحللون بتكلف واعتصار كيف أن افساح أميركا المجال لروسيا لتبيد وتمسح الاحياء بمن فيها في حلب وما قبل حلب وما بعد حلب هو شراكة في الجريمة.
وبعض المتابعين يعلمون حرص أميركا على منع وصول أي نوع من الصواريخ المضادة المحمولة منذ بداية المواجهة العسكرية مع النظام ورأوا بأم أعينهم كيف كان عملاء السي اي اي يجردون الشحنات الاتية من ليبيا فيخرجون منها كل ماسورة موجهة تتعدى الار بي جي فيصادرونها.
وتابع الجميع مسلسل الحرص الأميركي الشديد على منع وإفشال أي صيغة من صبغ ومصطلحات المنطقة الآمنة…فعندماحاولت تركيا أن تنتزع الموافقة والسماح لاقامة المنطقة الآمنة بكل طريقة وسبيل، فمهدت اعلاميا وقالت هي لحماية المدنيين الذين يذبحون بالجملة لم يصغ لها احد في الإدارة السوداء وناورت تركيا عن طريق المانيا ودول اوربية اخرى وانضمت اصوات لتركيا بعد زيارات مكوكية متبادلة لكن الجميع سكت بعد نفي أميركي علني ونهي آخر وراء الستار…وابتكرت الخارجية التركية وغيرت فعزفت على سيمفونية الارهاب فقالت منطقة خالية من الارهاب وحددت كلماتها فقالت خالية من داعش ومع ذلك لم تأذن أميركا ولم تلين، وحاولت تركيا مرة أخرى عن طريق تشكيل دويتو سعودي تركي يكون منه تدخل بري مشترك يضمن الاستقرار النسبي في شمال سوريا ويحقق انحسارا أكيدا لتنظيم الدولة باتجاه وسط البادية وشرقها وانكفاءا لتنظيم البي يي دي إلى داخل الحدود الادارية لمناطق الأكراد ….ولكن الدور الأميركي المعادي للثوار السوريين تعدى ذلك كله إلى ما هو أصرح وأسفر:
– لما أصبحت إيران بواسطة الحشد الشيعي بل وحتى الجيش العراقي الذراع البري للتحالف الأميركي في العراق…انعكس ذلك في سوريا بقبول ورضى أميركي بالدور الايراني في سوريا وتطور هذا الرضى إلى إرادة مشتركة وتنسيق في ضرب السوريين الثائرين الذين يحملون السلاح… وفي عمليات ايران والنظام في شمال حلب برز هذا التنسيق بشكل واضح أمام العموم وتبلور بشكل مدهش أمام المتابعين على الخرائط فكان هناك بين ايران وميليشياتها من جهة وأمريكا وأدواتها تنسيق ومزامنة وخطوط وخرائط وتقسيمات وأدوار بلغت حدا فاق تدبيرات من يجلسون في غرفة عمليات واحدة.
– اتجهت الميليشيات وقوات النظام بلسان منحن الى نبل والزهراء وفي نفس اللحظة اتجهت قوات البي يي دي بأوامر أمريكية من حدود منطقة عفرين باتجاه الشرق والجنوب الشرقي واستغلت وجود جبهتين مشتعلتين أمام الثوار واحدة ضد تنظيم الدولة والثانية مع النظام والميليشيات فأشعلت لهم الثالثة بخبرات ومعلومات ولوجستيات أمريكية وتمهيد جوي روسي وتقدمت فعلا بسرعة وابتلعت خمسة عشر بلدة وقرية كلها للثوار السوريين.
– وبرزت النية العدائية الأمريكية ضد السورين الثائرين بشكل صارخ في تل رفعت التي كانت تحت سيطرة كاملة لفصائل نابعة للجيش الحر وهي شديدة الاعتدال على الميزان الأميركي ومع ذلك وجهت أميركا البي يي دي إليها ولم تبال بخطوط تركيا الحمراء ولا بالكراهية الشديدة التي ستترسخ ضدها من “المعتدلين غير المتطرفين” …..رغم أن مقاتلي تل رفعت كانوا الأكثر ضراوة في قتال تنظيم الدولة وكانوا على مدى سنتين يرابطون ويصدون على جبهات زاد طولها عن الستين كيلومترا..إضافة إلى وجود مقاتلي تل رفعت في أغلب الجبهات المواجهة للنظام وحصل من وراء ذلك استنزاف بشري وتذخيري هائل.فاستغل مقاتلو البي يي دي كل ذلك واستشاروا أميركا وتوكلوا عليها وعلى القصف الروسي الماسح ودخلوا منتصرين إلى المدينة المنهكة…
– وفي معارك عين دقنة والبيلوني الأخيرة شمال تل رفعت صرخ الدور الأميركي أكثر ضد الثوار السوريين فكانت المعلومات الأميركية الجوية والأرضية مع الاستشارات المستمرة مع إشارات قوية على حصول قصف اميركي جراحي لمخزن ذخائر للثوار أودى بحياة معظم القادة العسكريين الميدانيين المشاركين في عمليات عين دقنة…وكانت هناك دلائل أخرى على أن الغرفة الأمريكية المظلمة في تركيا دفعت بشكل غير مباشر باتجاه تسريع القيام بعمل متعجل يكون فيه تأديب دموي للذين يريدون العمل من غير وصاية أو استجابة لأي إرادة خارجية كالذين قضوا والذين قاتلوا في عين دقنة.
– وفي العمليات المستمرة المريرة ضد تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي تفاصيل كثيرة ظاهرها دعم أميركي لفصائل الثوار لمحاربة “داعش” وحقيقتها أن أميركا تمهد فعلا بقصف جوي قوي ليتقدم الثوار وليدخلوا القرى التي تحتلها داعش وهذا يحصل دائما ولكنهم لا يتمكنون من مسك الأرض…..علم مقاتلو تنظيم الدولة الآلية والطريقة الأمريكية فراحوا ينسحبون مع بدء أي قصف شامل للمنطقة ثم يعودون بعد تقدم الثوار ….يعودون قبل تمكن الثوار من تحصين المواضع …يعودون بمفخخات معدة في وقت سابق وبكمائن مرسومة محسوبة وتكون النتيجة دائما عودتهم واستنزاف هائل للفصائل الثورية.
الثوار لابملكون أدوات مسك الأرض وأمريكا تحرص على عدم امتلاكهم لما هو متوفر و فعال…..عربات مصفحة خفيفة مصانعها في تركية ويمكن ان تغير في المعادلة….أسلحة ومعدات متطورة زودت أميركا بها مقاتلي البي يي دي….قناصات حرارية متطورة ….منظومات تلغيم متطورة تمنع تقدم الدواعش زودت بها أميركا البي يي دي في عين العرب….أجهزة رصد وانذار مبكر متطورة وكاميرات حرارية متخصصة اصبحت في كل موقع هام للبي يي دي…وستر واقية ومعدات حفر خاصة وأشياء أخرى كثيرة تمنعها أميركا وتطلب من الثوار تحقيق النتائج صد “داعش” ويبدو أن المتائج المرجوة عند أميركا أن تستنزف كل الأطراف عدا من باعها بيعة لا رجعة فبها.
-ولن تفاجئنا تصريحات أسعد الزعبي الأخيرة إلا بتأخرها في ذكر دور أميركا في التنسبق المعلوماتي والعملياتي مع روسيا ضد السوريين الثائرين “غير المتطرفين”.
لم ينفها فورد ومازلت أذكرها منذ نهاية 2012 عبارة وجهها له:”أنتم تعتبرون كل من حمل السلاح من الثوار متطرفا ” وأعدتها عليه مرتين غير متتاليتين ولم ينف ذلك ولم يعقب…لعله كان الأقل نفاقا في الإدارة الأمريكية المنافقة….إدارة كانت لكم أيها السوريون الثائرون عدوا فاتخذوها عدوا.