بعض السوريين عتبوا فكتبوا على صفحاتهم ينتقدون سوريين آخرين: لماذا انشغلتم بمصر وتركتم سوريا؟ أليس بلدنا الذي كرَثَتْه الكارثة الكبرى أَولى بالاهتمام؟ وآخرون يقولون: لا تتدخلوا في شؤون المصريين حتى لا تجرّوا علينا المتاعب!
ما أغربَ هذا الذي يقولون! وما مصري وما سوري؟ أليس المسلم أخا المسلم مهما اختلفت الألوان والأعراق والألسُن والديار؟ وإذا لم يكن السوريون أَوْلى بالمصريين فمَن أولى بهم؟ لقد عاش أهل سوريا وأهل مصر في دولة واحدة على مر القرون أكثرَ ممّا عاشوا في دولتين، ولئن حدّد المستعمرون الحدود وفتّتوا أرض الإسلام إلى أقطار مستقلة فإنهم لم يستطيعوا كسر الرابطة الإسلامية، فبقي المسلمون أمة واحدة رغم آناف المستعمرين.
نعم، إننا أمة واحدة ذات همّ واحد وألم واحد وشعور واحد وماض واحد ومصير واحد، في سوريا وفي مصر، وفي فلسطين والعراق، وفي بورما وكشمير وأفغانستان والشيشان… أيّما مصاب يصيب المسلمَ في أدنى الأرض يؤلم المسلمين في أقصاها، وما يُجرَح بلدٌ من بلدان المسلمين إلا نزفت بلدان المسلمين جميعاً بالدماء والآلام.
لا تعتبوا -يا أيها الكرام- وتذكروا يوماً كنتم فيه تصرخون وتستغيثون: “أين أنتم يا عرب؟ أين أنتم يا مسلمون؟” فلبّى العرب ولبّى المسلمون النداء، فما استطعنا الصمود والاستمرار إلى اليوم إلا بفضلهم بعد فضل الله، بما وصلَنا من إخواننا المسلمين -أفراداً وهيئات ومنظمات- في تركيا ولبنان والأردن ومصر ودول الخليج وغيرها من أقطار الإسلام، من سند ودعم لا ينكره إلا الجاحدون.
ثم إن المصريين الكرام الأحرار وقفوا معكم وقفة الرجال، ولقد زرت مصر فوجدت السوريين فيها أعزّة، لم ينصب لهم إخوانهم المصريون خياماً ولكنهم استقبلوهم في صدور البيوت، ولم يغلقوا دونهم الحدود بل استقبلوهم بلا شروط ولا تأشيرات، ثم رحبوا بأولادهم في المدارس وبمرضاهم في المستشفيات، فهلاّ بعضٌ من الوفاء وهلاّ شيء من رَدّ الجميل؟
لم يكن أهل سوريا يوماً إلا أهل الشمائل والمَكرمات، ولقد ضربوا للناس الأمثال في الأخوّة والنبل والوفاء، وكذلك سيبقون -إن شاء الله- إلى آخر الزمان.