لم يفاجأ بشار الأسد ووزير خارجيته السوريين وهم يتابعون عملية الاستسلام السريع الذي قدمه وزير خارجيته وليد المعلم من موسكو ، استجابة للعرض الغبي الذي تقدم به السيد جون كيري ، وهو لا يلقي له بالا لما يقول . ربما فاجأت هذه الاستجابة أمثال السيد كيري الذي عقب على عرضه لحظة عرضه بأنه لا يتوقع من بشار الأسد أن يقبله .
أليس في هذا التعقيب شهادة من السيد كيري على نفسه ، وعلى سياسة بلاده ، وهو يظهر ترديا في التعامل مع الوضع السوري منذ استلامه منصبه ..
سبق لوليد المعلم أن قال إن على الذين يريدون أن يتعاملوا معنا – في إشارة إلى فريق المراقبين الدوليين – أن يتعلموا السباحة جيدا . وهو يعني أن من حقهم أن يستعملوا كل أساليب الالتواء والمخاتلة والخداع وعلى من يتعامل معهم أن يعرف كيف يتعامل مع مثل هذه الحالات . علق السوريون يومها على قول المعلم بل إن على الذي يريد أن يتعامل مع أشخاص بلا مصداقية ولا جدية مثل هؤلاء أن يكونوا قادرين على السباحة جيدا في المازوت ( السولار ) وليس فقط في الماء ..
بهذه الأساليب انتصر وليد المعلم على الدابي ، وعلى الجنرال مود النرويجي ، وعلى كل البعثات الدولية ، كما انتصرت هذه الأحابيل الشيطانية على بان كيمون وعلى الأخضر الإبراهيمي وحولتهما من مدافعين عن الأطفال في سورية إلى مدافعين عن عمليات إبادة الأطفال وقتلهم بالغاز عديم اللون والرائحة
اليوم وبعد العرض السخي واللامسئول من السيد كيري يجد بشار الأسد أن فرصة أخرى للعبث بالمجتمع الدولي ، وللعدوان اللامحدود على أرواح السوريين الذين يقتلهم بكل وسيلة استخدمت كأداة للقتل عبر العصور ، قد أتيحت له ، ومن حقه أن يُهرع لها ..
باب جديد للمناورة يفتحه كيري وربما باسم المجتمع الدولي تعني بالنسبة لبشار الأسد زمنا أطول لإبادة السوريين . وهكذا ينظر السويون إلى المبادرة الغبية . هي مناورة أكثر منها مبادرة ..
وبشار الأسد حين يستجيب اليوم لهذه المبادرة إنما يدفع ثمن هذه المناورة الثمينة في فرصته للبقاء والقتل فإنما يدفع هذا الثمن من حساب الدولة السورية ومن حساب السيادة السورية . على الشعب السوري أن يذكر هذا . وأن يذكر أنه لو كان الثمن من أي سلطة شخصية إضافية لبشار الأسد لوجدناه أكثر ترددا وأطول تفكيرا ..
ثم لا شيء في بنود الصفقة الغبية يعرض وقف مارثون القتل والموت في سورية ، وفاتورة القتل اليومية في سورية هي هي ، ومن لم يقتل بالغاز عديم اللون والرائحة في سورية ، سيقتل بقصف الطائرات ، ومن لم يقتل بقصف الطائرات ، سيقتل بقصف المدفعية ، ومن لم يقتل بقصف المدفعية سيقتل برصاص قناص ، ومن لم يقتل برصاص قناص سيقتل تحت التعذيب بأشكال التعذيب المتطور والبدائي .
ثم من الذي سيضمن ، والمجتمع الدولي يتعامل مع شخص وصفه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك : بأنه كذاب وقاتل ، أن ما سيتم تسليمه أو تدميره من هذا السلاح هو كل شيء . ألن تستطيع هذه العصابات أن تدخر قليلا من هذا المستودع وقليلا من ذاك ، ثم يستخدم هذا القليل بإبادة بها من يقدر عليه بشار الأسد من السوريين ، ليجد الفرصة الأسمى لاتهام الشعب السوري بالفعلة بنفس الطريقة التي نتابعها اليوم ، وذريعته هذه المرة أوضح أنه لا يملك أصلا هذا السلاح .
لم تكن في أي لحظة مشروع التدخل الخارجي أو الضربة الدولية من أولويات الشعب السوري ، دائما ظللنا ننادي أن يتحمل المجتمع مسئولياته إزاء حماية المدنيين . وفي هذه اللحظات ونحن نتابع نجاح بشار الأسد في جر السياسة الدولية إلى ملتويات مناوراته وألاعيبه ، وإشغاله عن فاتورة القتل اليومية المئوية ؛ يبقى من واجبنا أن نذكر أن من حق الشعب السوري على المجتمع الدولي أن يقوم هذا المجتمع بواجبه في حماية المدنيين ..
وأن يعين اللاجئين منهم على العودة للاستقرار بأمان في ديارهم . وأن يمنع تغول أسلحة سلطة متوحشة عليهم .
وأن يتحمل مسئولياته تجاه الغزو الروسي والإيراني ومشتقاته لبلادهم .
وأن يساعد الثورة السورية على تحقيق مشروعها الوطني الديمقراطي ، بما يحقق تطلعات السوريين في دولة للعدل والحرية ..
أما الانجرار وراء مناورات بوتين وبشار فإن من حقنا أن نعلن عن قلقنا البالغ من بيع مزيد من الوقت ومنح المزيد من الفرص لقتل السوريين . نؤكد إنها مناورة فقط لقتل المزيد من السوريين وتدمير بلادهم ، ومصادرة آمالهم ..