بقلم: ياسر أبو هلالة
المهم أن يبقى قابعا في قصره في دمشق ويواصل إجراء المقابلات التلفزيونية التي تؤكد أنه رئيس سورية، ليس مهما تسليم السلاح الذي زعم أولا أنه غير موجود ثم زعم انه لم يستخدمه، وليس مهما تدمير البلاد ومعالمها وبنيتها التحتية وتشريد الملايين وقتل أكثر من مئة ألف، ذلك وغيره ليس مهما طالما أنه يظهر في المقابلات ووراءه مكتبة خلفية تشي بأنه مفكر ورئيس.
آخر المستجدات “ليس مهما” ما تسرب من نقاشات الأكراد في الإئتلاف الوطني والتي تكشف توجها تقسيميا انفصاليا لكرد سورية. فهم لا يريدون تعريف سورية بالعربية. ولا الاكتفاء بسورية دون وصف، بل إضافة “اتحادية” وبما أنها اتحاد قوميات ومذاهب من الممكن مستقبلا فرطها!
وبحسب كردي عراقي خبير في شؤون الأكراد “خطاب التقسيم والانفصال الموجود حاليا لدى الأكراد السوريين أصبح أقوى بكثير من خطاب الكرد في العراق سابقا وكذلك حتى من نوازع حزب العمال الكردستاني في تركيا”.
الاستقواء الكردي هذا بفضل بشار أولا وأخيرا، فهو من الأيام الأولى للثورة مضى باستراتيجية مدمرة للبلاد من خلال تخويف الأقليات المذهبية والطائفية والقومية .. وطرح نفسه باعتباره حاميا لها. اعترف للأكراد في أول لقاء بالإحصاء الظالم ، وزاد في الجلسة بحسب احد حضورها نسبة الأكراد بأكثر مما يتوقعون، وهو مثل المالكي يواجه خطر العرب السنة! نفس الاستراتيجية اتبعت مع العلويين والمسيحيين والدروز.
ميدانيا حرص النظام على دعم أكثر المجموعات الكردية تطرفا ودموية، وإخلاء المناطق التي يسيطر عليها لصالحها واستخدامها في مناطق سيطرته في سياق “التشبيح”، ومضى بعيدا في خلط الأوراق على حساب سورية الوطن من خلال فتح الأبواب لحزب العمال الكردستاني، والأخطر حسب كردي مطلع “وهناك إشارات من النظام السوري لعدم ممانعتها لدخول بيشمركة من اقليم كردستان العراق للمناطق الكردية في سورية”.
النظام السوري ومثلما خوف العالم الغربي ببعبع التهديد الإسلامي المتشدد المتمثل بجبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية، حاول ايضا تخويف العرب وتركيا بالذات بالتهديد بتقسيم سورية من قبل الاكراد، وتشكيل ما يشبه الدولة الكردية وخطرها على العرب وتركيا.
وبحسب الخبير في الشأن الكردي فإن “النظام السوري حث عملاءه من الاحزاب الكردية السورية بالحديث عن تشكيل إقليم اسوة باقليم كردستان العراق، بل وصل الى أبعد من ذلك في إشارات الى ربط هذا الاقليم الجديد بإقليم كردستان العراق لتشكيل نواة لدولة كردستان العظمى”.
دمرها وقعد على تاليها. هذا حال بشار اليوم، وهو يستفيد مما تبقى من فترة حكمه للتأكيد على أن البلاد من بعده ستكون أسوأ، وقد نجح في ذلك أيما نجاح، وهو لا يكتفي بالدمار بل يفخخ البلاد لينفجر مزيد من الألغام بعده. لكن ما لا يستطيع تدميره هو حقائق التاريخ التي تؤكد ان الكرد ضحايا نظام البعث والأسرة الأسدية، وقبل نظام البعث كان الشيشكلي الكردي رئيساً لسورية، كان السوريون شركاء في وطن للجميع لا مزرعة تستنزفها عصابة!
المأمول ان يعي الكرد والعرب درس التاريخ الحديث، وأن مشكلتهم حصرا مع الاستبداد لا مع بعضهم