مهما قيل بشأن اللقاء بين دبلوماسيين من الإدارة الأمريكية وبين ( قدري جميل ) فهو لقاء بين إدارة أوباما وبن نائب رئيس وزراء مجرم الحرب قاتل ومعتقل ومشرد الملايين من السوريين . وهذا اللقاء السري يكذّب ما يدعيه ممثلو الإدارة الأمريكية من أنهم قد سحبوا الشرعية من المجرم وعصابته ، ويفضح بعض الحقيقة التي تدور في الظلمة للتنسيق بين أطراف المؤامرة للالتفاف على الثورة السورية ، وإجهاض مشروعها وإسقاط ثوارها ..
ولكي لا يلتبس الأمر على قارئ يجب أن نوضح أن اللقاء بين الأمريكيين ونائب رئيس وزراء عصابة الإجرام قد تم قبل أن يعلن بشار الأسد إقالة المذكور من منصبه ، وبتنسيق روسي مباشر حيث يلتحم الجهد الروسي – الأمريكي ، خيطا بسداة ، منذ الأيام الأولى للثورة للالتفاف على هذه الثورة وإحباط مشروعها ، وتمكين العصابة المجرمة من الإحاطة بها لإبقاء أفرادها خدما وظيفيين لكل من يأمر أو لكل من يدفع ، وعلى هذا مرت بهم العقود والأيام ..
ولتنسيق إدارة أوباما مع عصابة الأسد أهدافه البعيدة والقريبة ؛ والتي من أهمها على المستوى البعيد إعادة تأهيل العصابة التي ما زالوا يطلقون عليها ( النظام !!! ) لتستمر في أداء الدور الوظيفي التاريخي الذي أشرنا إليه . بينما الهدف المستوى القريب ، والذي يمثل للبعض وسواسا قهريا ، هو إيجاد بدائل لقوى الثورة السورية الحقيقية على مقاس الروس والأمريكيين والإيرانيين ؛ لشغل المقاعد في جنيف الحلم الروسي – الأمريكي الذي يريدونه لإعادة الشرعية لعصابة من القتلة ومجرمي الحروب ..
إن تلميع دور نائب رئيس الوزراء كمعارض ، وكذا الوقوف الشامخ لوزير ما يسمى ( المصالحة الوطنية ) وتهديده بالأمس للإبراهيمي أنه لن يذهب إلى جنيف ما لم يعطَ الحق في قسيم معارض مستقل قائم بذاته يعني أن تشكيل وفد المعارضة إلى جنيف سيكون بقلب وجناحين ، نائب رئيس الوزراء عن اليمين ، ووزير المصالحة الوطنية عن الشمال ، ثم يكون في القلب من لف لفهم ممن سارعوا إلى تشكيل وفدهم ليكتمل عقد تمثيل المعارضة ، دون أن ننسى بعض المزاحمين من الحواشي .
هذا المشهد المعروض هو لتأمل الشعب السوري أجمع أولا ، ولمتابعة قوى الثورة الحقيقية على الأرض ثانيا . ولقرار أصحاب القرار من ائتلافات ومجالس وجماعات المعارضة ثالثا . لقد كشف الأمريكيون والداعون إلى جنيف بكل جلاء ووضوح وجرأة أبعاد دعوتهم ، ولم يتركوا موضع شبهة يتذرع به متذرع ، ولا ظل اصبع يختبئ وراءه من يريد أن يكذب على نفسه أو يكذب على شعبه .
لقد أدمن بعض قيادات المعارضة السورية الدوران في الفلك الأمريكي ، والاستماع إلى خداع الأمريكيين وأكاذيبهم ، مع علمهم أنهم يخدعونهم ويكذبون عليهم ، حتى أصبح التلذذ بالاستماع إلى الترهات و الأكاذيب تعبيرا عن حالة من ( المازوشية ) تجسد حاجة نفسية مرضية عميقة تدفع أصحابها إلى إشباعها بالركون إلى من يكذب عليهم ، أو من يخدعهم ، أو من يسلخ جلودهم ويقلع أظافرهم ويسمل أعينهم ويريق ما بقي من ماء في وجوههم .
لقد كذب هؤلاء على الشعب السوري حتى ضج من كذبهم وخداعهم الأمريكيون أنفسهم . حتى لم يبق مسئول أمريكي سابق أو دارس أو كاتب صحفي في عينيه بقية من بريق إنسانية إلا كتب وندد وبرئ ودعا إلى البراءة . يضج رفضا واستنكارا الأمريكيون ويستمرئ الكذب ويتلذذ بالخداع بعض السوريين !!
لا يخفى واقع الاضطرار الذي يدفع البعض في اتجاه ما يسميه فن الممكن . ببساطة شديدة نقول إن الفرسان والخيول والأشجار تموت واقفة . وإن لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تموت جبانا . مؤتمر أو مؤامرة جنيف التي يدعوننا إليها هي لإضفاء ( شرعية ) على عصابة لم تستطع الحصول عليها على مدى نصف قرن …