حتى لا يستمر السوريون في جلد أنفسهم ، وفي إلقاء اللائمة بعضهم على بعض ؛ نحتاج إلى إعادة قراءة المشهد الوطني والإقليمي والدولي على ضوء معطيات الواقع بعد تجارب ودروس عمليّة عمرها قريبا من ألف يوم .
قوى وطنية ( نسبة إلى الداخل الوطني فقط ) وإقليمية ودولية تفننت منذ الأيام الأولى للثورة في تقديم المطالب، وإبداء التخوفات ، والمطالبة بالتطمينات ، واشتراط التمثيليات ؛ ثم كان بعد أن أجيبوا إلى كل شيء ألا يتغير شيء ، وأن لا يُقبل من الثورة السورية وثوارها ومعارضتها صرف ولا عدل …
وكما سبقت بثينة شعبان منذ الأسبوع الأول للثورة إلى اتهام المطالبين بالإصلاح في درعا بأنهم ( مندسون ) و( سلفيون ) و( مسلحون ) ؛ عزف آخرون ممن ادعوا أنهم معارضون وطنيون أو مساندون إقليميون أو أصدقاء دوليون المعزوفة نفسها . وتقدموا باعتراضات واشتراطات لم تنته ولن تنتهي ، وباتهامات لا أصل لها عن استيلاء فصيل ما على الهيئات المعارضة ، وباعتراضات على من يحمل العبء على الأرض بالتطرف والأصولية ثم بالإرهاب والعلاقة بتنظيم القاعدة ..
تذكروا – أيها السوريون – أنهم قبل السماع بالنصرة أولا وبتنظيم دولة العراق والشام ثانيا كانوا قد اعترضوا على خروج المظاهرات السلمية من المساجد ، واحتجوا على أسماء الجمع التي تذكر ( الله ) . وتساءلوا بريبة لماذا يوم الجمعة وما هي دلالته الأصولية ؟! ثم توقفوا عند أسماء الكتائب والألوية ولماذا أبو عبيدة ولماذا خالد ؟! ..
مؤيدون وداعمون وأصدقاء اخترعوا في كل مرحلة من مراحل الثورة ذرائعهم الاتهامية للتشكيك في الثورة والثوار حتى أصبحنا في علاقتنا معهم وكأننا تاجر الجاحظ البغدادي أمام صديقه المروزي ، يوم خلع البغدادي عمامته ثم قفطانه ليتعرف عليه صديقه المروزي البخيل الذي أنكره ؛ فما كان من المروزي إلا أن أجابه : لو خرجت من جلدك لم أعرفك ..
أيها السوريون لو خرجتم من جلودكم لن يعرفكم هؤلاء …
هؤلاء الذين يشاركون بشار الأسد ويشاركونكم المقاعد ، يقطفون ثمار امتيازات الأمس ولن يتنازلوا عن أمسهم إلا بضمان أكثر منها في امتيازات غد ينتظرون أن يحقق لهم أكثر منها ..
أيها السوريون لو خرجتم من جلودكم لن يدعمكم هؤلاء …
الذين ما زالوا يرون مشروع ثورتكم حلما مزعجا يروح ويجيء على وسائد نومهم . في الجمهوريات الوراثية العربية ، وفي إصرار لابس البدلة العسكرية أو وارثها وإن لم يقاتل ، وفي إصرار طبقة ( العلق ) بممصاتها الشرهة كما نراها في أكثر من قطر بعضها من أقطار الربيع العربي كلها تخبركم أنهم قد تعلموا الدرس ، وأنهم يتصورون بعد التجربة أن قطع الطريق عليكم أفضل من الردة عنه ….
أيها السوريون لو خرجتم من جلودكم لن يغامروا مرة أخرى بتمرير مشروع ديمقراطيتكم ..
لا يقبل بهذا لا أمريكي ولا روسي لا أوربي ولا إيراني ؛ إنهم لا يعترضون على ثورتكم وإنما يعترضون عليكم أنتم ، يعترضون على إنسانيتكم ، وعلى مشروع تحرركم وديمقراطيتكم وعدلكم ..
توقفوا عن التلاوم فوالله لو خرجتم من جلودكم ما قبلوا منكم ولا رضوا عنكم . وتمسكوا أكثر بمشروع تحرركم وعدلكم وإخائكم ..