من يأس ومن يألم يصرخ السوريون أفرادا وجماعات : لا لجنيف . ولا لجنيف في هذا السياق تعني لا لمحاولة إجهاض الثورة ، ولا لمحاولة الالتفاف على مطالب الثوار . ولا لمؤامرة إعادة الشعب السوري ذليلا تحت سيطرة بشار الأسد ومشايعيه في الداخل والخارج .
تتمثل كل هذه المحاولات التي يعمل عليها بشار الأسد وأصدقاؤه الظاهرون والمبطنون ( خيط بسداة ) في كل ما يتابعه السوريون من سياسات ومواقف دولية ودعوات مريبة إلى إنهاء المعاناة تحت كل العناوين والمبادرات السياسية والإنسانية في تكريس الإنكار لإنسانية الإنسان في سورية بل الإنكار لآدميته لتكريس تاريخ طويل من الامتهان والإذلال ..
لا شيء حتى اليوم مما يمارسه بشار الأسد في سورية يقلق المجتمع الدولي ، لا شيء يغضب هؤلاء الدبلوماسيين المتأنقين . على المستوى الشخصي صدقت وزير الخارجية الأمريكية ، عندما أعلن عن تعاطفه مع أطفال الغوطة وعندما ذكرنا أنه إنسان وأنه أب ، لم تمض أيام حتى علمت أنه كان سمسارا يراوغ ، وأنه لم يلبث أن اتخذ من جزار الغوطة ( شريكا سياسيا ودبلوماسيا ) .
لا شيء مما يجري في سورية يغضب أحدا من صناع القرار الدولي غضبا منتجا يدفع لمبادرة أو فعل إيجابي ؛ لا الذبح بالسكاكين ، ولا القصف بالمدافع ، ولا اقتحام المدن بالدبابات ، ولا القصف بالطائرات المدمرة وبالقنابل البعيدة المدى ولا حتى بالصواريخ الاستراتيجية البعيدة المدى . وكانت ( فدية ) استخدام الكيماوي ضد أطفال الغوطة توقيع ( عقد شراكة ) لمدة أعوام بين مجرم الحرب والمتأنقين المتحضرين من ممثلي السياسية الدولية الأمريكيين منهم بشكل خاص ..
والكل من صناع القرار في المجتمع الدولي متوافقون متكافلون متضامنون على أمر واحد قائم ومستمر منذ ألف يوم تقريبا أن يتركوا لمجرم الحرب المدى مفتوحا لقتل المزيد من السوريين بكل وسائل القتل المتاحة لبشار الأسد بلا حساب ..
والكل من صناع القرار في المجتمع الدولي متوافقون متكافلون متضامنون على السماح للروس والإيرانيين والعراقيين وجنود حزب الله أن يدخلوا الحرب ضد الشعب السوري بكل ثقلهم ، وأن يشاركوا في قتل وذبح السوريين بكل أدواتهم ، بعضهم يدافع عن ذلك جهارا نهارا ، وبعضهم يغض الطرف عنه أو يندد به بعبارات خجلى لا تغني من الحق شيئا . ومن المتفق عليه أيضا أن لا أحد من المتأنقين المتمدنين يصف مجندي القتل هؤلاء بالمتطرفين أو الإرهابيين ولا حتى أولئك الذين يتسلون بقنص الأجنة في أرحام النساء !!!!!!
إن أي معارض سوري يحاول أن يقفز على هذه الحقائق ، وأن يصور للسوريين أن في صناع القرار الدولي أصدقاء يمكنه الاعتماد عليهم يكذب على نفسه ، ويكذب على شعبه . وحري بنا أن نذكره بقوله تعالى (( أَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ))
وإن كان أمر ما في هذه الثورة يقلق صناع القرار الدولي ، فهو ازدياد عدد المشردين واللاجئين . هذا القلق ليس تعبيرا عن تعاطف مع معاناة هؤلاء الآدميين بل لما يفرضه من استحقاقات مادية وأحيانا سكانية على صناع القرار مما لا يستطيعون تجاهله ويتصورونه تهديدا لاستقرار مجتمعاتهم ورفاه قططهم وكلابهم ..
إن الشعب السوري الذي ثار مطالبا باسترداد كرامته الإنسانية التي انتزعتها زمرة الإجرام منه على مدى عقود يؤكد أنه لا يريد من المجتمع الدولي أكثر من الاعتراف بإنسانيته ، في إطار القيم الكونية والوثائق الدولية لحقوق الإنسان ، وأنه لن يتنازل عن أي حق من حقوقه في هذا المضمار ..
وأننا اليوم وبعد أن تمكن اليأس في نفوس كل السوريين الصادقين والمبصرين من صناع القرار الدولي هؤلاء ؛ أصبح مطلبنا الأساسي اليوم منهم أن يتوقفوا عن المكر بنا وعن التآمر علينا، وعن دعم عدونا ونحذرهم أن حصيلة هذا الشر شر أكبر .