حين نستمع إلى سياسي أو مثقف بعيد عن ساحتنا ، بعدا ماديا أو معنويا ، يتخوف من التطرف والمتطرفين وينظر إلينا ، ندرك أن الرجل واقع أسير الدعاية السوداء التي تديرها آلة إعلامية عالمية ضخمة ضد الإسلام عقيدته وشريعته وشعوبه ومجتمعاته ، أو ربما هو جزءٌ منها !!!
إننا من موقع معرفتنا بديننا وبحضارتنا وبمجتمعنا نؤكد أن الموقف العام لمسلمة الاختيار في سورية كما هو لمسلمة الدار أنهم الأشد رفضا للتطرف والمتطرفين وأكثر تخوفا منهم على عقيدتهم وشريعتهم وعلى مجتمعهم ومستقبل أوطانهم ..
لقد قدم إسلامنا ببعديه الفقهي النظري والتاريخي العملي النماذج المضيئة للمجتمعات والحكومات الأكثر رحابة والأكثر انفتاحا والتي نستعد للتحدي بتاريخها وفق منهج علمي وعملي مقارن على سياقين : تاريخ الأفكار وتاريخ الحضارات .
ولقد ثار شعبنا في سورية ثورته لاستئناف مسيرته الحضارية المضيئة. مسيرته الحضارية التي قامت على مجتمعنا المدني الموحد بكل إرثه التعددي الواقعي ، الذي حافظ على تعدديته التاريخية بأبعادها الدينية والقومية والثقافية قبل صدور مواثيق حقوق الإنسان ، وقبل قيام المنظمات المدافعة عن حقوق المواطنة والأقليات ، وقبل صدور قانون الامتيازات الهياموني من قبل السلطان سليمان القانون في القرن السادس عشر .
وثار شعبنا لاستئناف عيشه التاريخي الحضاري المشترك تأسيسا على كل ما كان في إرثه من تعايش وحب وتعاون ، متطلعا في الوقت نفسه إلى الالتحاق بأرقى ما وصل إليه الفكر الإنساني الحديث من رؤى و صيغ لبناء الدول وتوطيد العلاقة بين أبناء المجتمعات .
ولم تكن الحرية والمساواة والعدل أكثر حضورا في تاريخ حضارة من الحضارات ولا في إرث شعب من الشعوب كما حضرت في قيم شريعتنا وفي إرث حضارتنا.
إن الاعتماد على طروحات فكرية منبّتة ، وعلى تصرفات شاذة تصدر عن مجموعات أو أفراد مأزومين كردود أفعال غير منضبطة على ظلم وظلمات متراكمة في إدانة دين وحضارة ومجتمعات ثم في إدانة ثورة هي الأولى في ألقها وفي نقائها في القرن الحادي والعشرين هو بحد ذاته فعل متطرف على المستوى المنهجي وعلى المستوى الإنساني والسياسي على حد سواء ..
لقد آمن شعبنا في فقهه الحضاري الأرقى أن التطرف حال نفسي وفكري مرضي لا هوية له ..
وأن أمام كل حالة من التطرف ( الديني ) عشرات الحالات من التطرف القائم على الفقر الحضاري والفكري والشعور القاتل أو الذهان المتلبس دائما بالخوف وأن أشنع التطرف وأبشعه وأقساه ذلك الذي يتسلم صاحبه مقاليد سلطة ويختلس في غفلة أمر شعب أو وطن ..
لقد ثار شعبنا في سورية رفضا لتطرف ظالم فاسد مستبد يقتله التصحر الحضاري والمدني وتعشش في عقله غربان اليأس والخوف ..
ثار شعبنا رفضا لتطرف يرعاه بوتين وخمنئي وبشار الأسد في أشخاص المتطرفين الصغار الذين أشار إليهم أشهر الجراحين البريطانيين ديفيد نوت بعد خمسة أسابيع من العمل التطوعي في سورية حسب تقرير الاندبندت :
كانوا يتسلون بقنص المواطنين .
ويراهنون على علبة سجائر على تحديد مكان الإصابة في جسد الضحية من طبيعة مكان الإصابة في الصباح تستطيع أن تخمن مكان الإصابات سائر ذلك اليوم الرأس أو الصدر أو العنق ..
في يوم من الأيام جاءت كل النسوة وإصابتهن في الرحم . لا بد أن هذه المنطقة من أجسادهن كانت هدفا !!! أحيانا تموت النساء مع الأجنة وأحيانا تموت الأجنة وفي إحدى الحالات أظهرت صورة الأشعة أن جنينا تلقى الإصابة في دماغه ..
يكمل الطبيب نوت : لا يمكن أن أصف مدى بشاعة الأمر وهذه هي المرة الأولى التي أشهد فيها مثل هذا الأمر لقد كان القنص متعمدا ولقد كان جحيما فوق الجحيم …
من حقنا ومن حق شعبنا أن يخاف من المتطرفين هؤلاء ، أن يخاف من حلف من القادة والرؤساء المتطرفين يتواطؤون كما بوتين وخمنئي وبشار على منع الرضيع في وطنه من زجاجة حليب حتى يموت من الجوع . من حقنا أن نخاف من حلف الفجار المتطرفين هؤلاء الذين يقصفوننا بالطائرات وبالصواريخ البعيدة المدى وبالغاز عديم اللون والرائحة ..
نرفض التطرف كله وهذا أول التطرف الذي نرفضه ..