استبشر الثوار السوريون عندما جاء الخبر أن العربية السعودية قد احتلت مقعدا بين المندوبين غير الدائمين في مجلس الأمن ، وكانوا أكثر أملا و استبشارا عندما وصلهم نبأ اعتذار المملكة العربية السعودية عن قبول الترشيح المومى إليه ، بسبب تخلف مجلس الأمن عن القيام بواجباته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، بالنسبة لما يجري في سورية خلال ثلاثين شهرا.
إن صمت مجلس الأمن العملي عن استمرار بشار الأسد في قتل السوريين بشكل يومي وممنهج وبدم بارد ، وبكل صنوف الأسلحة التي تصل إلى يده ؛ هو اشتراك عملي في الجريمة يُدمغ به كل الذين يشغلون مواقع القرار والمسئولية في المنظمة الدولية . ثم إن قيام السيد الأخضر الإبراهيمي كشخصية عربية ، الذي يصل اليوم إلى المنطقة ، بإشغال الرأي العام بأن هناك من يفعل شيئا من أجل الشعب السوري هو نوع من شهادة الزور العملية التي اعتبرت في ثقافتنا الإسلامية من أكبر الكبائر.
ماذا كان يمكن أن تقدم العربية السعودية على مقعد مجلس الأمن الذي تحكم أداءه آليات قائمة على البغي والعدوان والجور؟! أليس من حقنا أن نوضح ، في هذا السياق ، أن نظام حق النقض ( الفيتو ) الذي كان أداة المجتمع الدولي لخوض الحرب الباردة ؛ قد استخدم أكثر ما استخدم ضد مصالح أمتنا العربية والإسلامية بيد الأمريكي في فلسطين وبيد الروسي في سورية . لقد فقدت الأمة العربية المسلمة هذا القرار عندما أرادته في منع الحروب على شعوبها ودولها ، ليظل دائما سيفا مصلتا على رقبة العدل والحق الدوليين في فلسطين أو في سورية أو في غيرهما ..
سبق السيد أردوغان إلى طرح موضوع ( إصلاح آلية القرار ) في مجلس الأمن ، وهذا يعطي القرار السعودي صداه الإقليمي ، إذ أي معنى يبقى للعدل والسلم الدوليين حين يقرر رئيس مستبد وصل إلى كرسي الحكم في بلاده بانتخابات مريبة مثل بوتين أن يحمي مستبد قاتل مثله ، يقوم بقتل مواطنين أبرياء بطريقة ممنهجة وبدم بارد وتتيح له آلية القرار الدولي المعتمد أن يفرض رأيه على أكثر من تسعين بالمائة من دول العالم …؟!
الخطوة السعودية في أي سياق ؟!
إن الذي تنتظره الشعوب العربية والمسلمة من الخطوة السعودية ألا تكون خطوة احتجاجية في سياق امتناع سلبي وإن كان الاحتجاج على أداء مجلس الأمن يستحق ..
إن حجم المؤامرة الدولية على الأمة المسلمة : مشروعها ومكانتها وأبنائها كما يحدث اليوم في سورية يفرض على قيادات الأمة أن تبادر لحماية البيضة والدفاع عن الحوزة ..
إن ما يعرفه صناع السياسة من قيادات الأمة في العربية السعودية وفي غيرها من الأقطار أكبر من أن يشير إليه محلل في مقال . ندرك ويدرك كل الساسة الصادقين أن المجتمع الدولي اليوم يبني توافقاته ويحل أزماته وخلافاته على حساب هذه الأمة مشروعها وإنسانها .
لا يتسع المقام لشرح أبعاد الصفقة الأمريكية – الروسية – الإيرانية – الإسرائيلية – الأسدية . لم تكن هذه الصفقة على حساب الشعب السوري وحده ، وهذا معلوم لكل المبصرين ، وإنما هي على حساب أمة بكل عظمتها وتاريخها لتحويلها ، شعوبا وأنظمة ، إلى رهينة محاصرة بين فكي كماشة إيرانية – صهيونية ..
لتؤتي الخطوة السعودية في الاعتذار عن قبول مقعد مجلس الأمن أكلها يجب أن تكون خطوة أولى على طريق بناء دولة العزة والمنعة والحفاظ التي يحلم بها أبناء الأمة أجمعين . ودائما سيجد السائرون على طريق الحق أعوانا تسدد وتعين . بل نزعم إن تقدم الكبير لقيادة الموكب الرشيد ربما يغلق على الأمة الكثير من الفتن التي تسبب بها الشعور بالخذلان .
خطوة على الطريق الطويل ولكنها على الطريق الصحيح لها استحقاقات ولكنها تفتح أبواب الأمل لشعوب سبقت إلى الثورة على المهانة وملت من طول الانتظار ..