بقلم: هيثم الأشقر
لا يمكن أن تقوم ثورة من غير التخطيط والأخذ بالأسباب، وشروط الخروج على الحاكم، وعندما نقول إن الثورة السورية عفوية نكون قد جانبنا الواقع والتفكير العلمي الذي علمنا إياه القرآن الكريم والسنة النبوية، وأكدته حقائق التجربة الإنسانية في الثورة ضد الظلم، ذلك أن الثورة كانت متوقعة تماما من الخبراء، وما يقال عن أن الثورة مفاجئة،هو لأحد أمرين إما لتبرير التقاعس وعدم التحضير ممن أسرعوا لقطف ثمارها قبل أن تنضج فأعاقوها وأصبحوا عالة عليها، وإما لجهل نتيجة عدم اعتماد الدراسة والبحث العلمي الواجب على من تصدر الشأن العام سواء كان فرداً أم جماعة أم حزباً، وبالتالي تعاملوا مع الثورة بغرائزية استفاد منها من فكّر وخطّط في طهران أو تل أبيب أو أصحاب الفوضى الخلاقة، حيث عمل المخططون على احتواء بعض المكونات الثوروية لإحباط الثورة مستغلين العمى الإثني أحيانا والعمى الحزبي أو الطائفي أحيانا أخرى، وعملت الآلة الإعلامية على توأمة الإرهاب مع الإسلام السني الوسطي وكأنهم هم من شرد الفلسطينيين أو سلم العراق وأفغانستان للأميركان، أو أباد البرماويين وطردهم من بلادهم، والذي يهمني هنا السؤال: أين الإعلاميون والسياسيون وأين استعدادهم؟ ولماذا كل مؤسساتهم لا تساوي قناة واحدة للآخر؟ الجواب لأنهم بعيدون عن منهاج النبوة في الإعداد والعدل وتكافؤ الفرص وتكالبهم على الشللية وما يفرق أمر الأمة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا وهو يجد أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) رواه الحاكم في صحيحه، كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين.
إن الكفاءات كثيرة وموجودة، لكن الندرة في الصدق والنية الخالصة لوجهه الكريم جل في علاه.
المسلمون أحق بالتراث الإداري الزاخر والتجربة الإنسانية الثرية في هذا المجال، فالحكمة ضالة المؤمن، لقد وصل السيف للرقاب وأصبح الالتزام بالأمانة ضرورة فورية ولم يعد من ضروب الأخلاق فحسب.
إن أي عمل بدون خطة يُعد عبثاً، وأي خطة تخرج عن الاستراتيجية العامة هي عبث أيضا، الاستراتيجية هي الجامع لجهود الأمة ومكوناتها المختلفة، والعمل الحزبي وسيلة لخدمة الأمة والإنسانية والوطن والإنسان، لكن عندما يخرج عن ثوابت الأمة ومنطق الأشياء وأولي الأمر يصبح خروجا عن الدين وجاهلية.
بعض الأحزاب يعتمد على الأغرار والدهماء ويُبعدون أهل الاختصاص والعلم ليسهل عليهم تزعم حزبهم واختطافه واللعب به بأهوائم، فيقعون فريسة لمن يدبر المكائد للأمة ويجرون أحزابهم المخطوفة وبلادهم للدمار
إنها الخيانة التي أشار إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما تناولتها النظريات الإدارية والسياسية البشرية الناضجة.
يجب ضبط التنافس على الزعامة بمعايير ثابتة واضحة، كما يجب وضع آلية للتقييم والمتابعة كافية لضمان عدم اختطاف هذا المكون أو ذاك من رجل أو شلة، وإلا فإنه الدمار للكيان والأمة، والله ولي التوفيق.
———–
عضو رابطة أدباء الشام
مدير تحرير مجلة المنار سابقا
مستشار إعلامي