من اليابان بالأمس أطلق وزير الخارجية الروسي تحذيره من محاولات تشويه جنيف اثنين . وقال بأن هناك محاولة لتشويه مضمون المبادرة ( الروسية – الأمريكية ) لعقد جنيف اثنين . وأن هناك الكثير من المحاولات التي تهدف إلى إفشال هذه المبادرة وترمي إلى تشويه مضمونها وتوجهها إلى مسار غير واقعي سيؤدي بالوضع إلى المأزق ..
وإطلاق وزير الخارجية الروسي على خارطة جنيف المذكور بأرضه وسقفه وأهدافه ومشاركيه لقب المبادرة ( الروسية – الأمريكية ) فيه نوع من التدليس الذي لا يخفى على أحد . فكل من تابع المشهد الدولي وتجاذباته بين جنيف واحد وجنيف اثنين يدرك تماما أن جنيف اثنين هو شَرَك روسي خالص بكل ما خُط فيه .
ويدرك أيضا أن جنيف اثنين قد نتج عن حالة من اللامبالاة الأمريكية والدولية بالشعب السوري إنسانه وثورته ومصيره . وأن لافروف أو حكومته قد تفنن في الغطرسة في فرض كل كبيرة وصغيرة استنبتت في رحم أقبية المخابرات الأسدية والإيرانية . وأنه كان بحق شر من يمثل شرهم ، وشر من ينفث زفير الكراهية الذي يضج في صدورهم .
مؤتمر جنيف اثنين في حقيقته هو عملية مرتكسة عن جنيف واحد ، وردة عن بنوده أو التفاف عليها وتفريغها من كل إيجابي يمثل مصالح الشعب السوري ، الذي ناصبه الروس العداء من أول يوم من أيام الثورة .
كان إطلاق سراح جميع المعتقلين من أهم بنود جنيف واحد ولكن بين جنيف واحد وجنيف اثنين زاد عدد المعتقلين بعشرات الآلاف بفضل الغطاء الروسي الدولي ولامبالاة الأطراف الأخرى من المسئولين عن الأمن والسلم الدوليين ..
وكان من بنود جنيف واحد سحب الأسلحة الثقيلة من المدن والأحياء ومن باب أولى التوقف عن استعمالها . ويوم سُطر جنيف واحد كان ( صانعو جنيف اثنين ) ، بوساطة وكيلهم سيرجي لافروف ، يستخدمون الدبابات وبعض المدفعية فقط ، وبين ( الجنيفين ) وبفضل الحماية أو الشراكة الروسية في الجريمة ، ولامبالاة الآخرين ؛ أوغل الطرف المدعوم روسيا باستخدام الطائرات القاذفة والقنابل الفراغية والصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى ثم الكيماوي وأخيرا القتل بالتجويع بعد القتل بكل أساليب القتل السابقة .
استطاع سيرجي لافروف الوزير الروسي المفعم بالكراهية للإسلام والمسلمين وللعرب والسوريين ، والذي صرح أكثر من مرة أنه لا يجوز للمسلمين أن يحكموا سورية ، وتمادى أكثر فقال إنه لن يسمح لأهل السنة أن يحكموا سورية ؛ أن يؤسس لمؤتمر يحقق أهدافه ، وينضح من معين كراهيته ، و يحمي حقوق وكيله الحصري ليس في الحكم فقط بل في القتل والتدمير أيضا وإلى الأبد ..
الدعوة إلى جنيف اثنين هي دعوة إلى الاستسلام في مخدع ( روسي محض ) . والمخدع الروسي المحض هو مخدع ( أسدي محض ) . وعلى الذين يراوغون في الإقرار بهذه الحقيقة أن يرتدعوا عن خداع أنفسهم والكذب على شعوبهم .
( اذهبوا إلى موسكو ) قالها السفير الأمريكي معترفا ..
النصيحة الصادقة المعبرة التي تقدم بها السفير الأمريكي السابق في دمشق إلى قادة المعارضة السورية كانت هي الأبلغ في التعبير عن هذه الحقيقة لمن أرادوا أن يعترفوا بواقعهم . والسفير الأمريكي حين ينصح السوريين بالتوجه إلى روسية لعلهم يفوزون هناك ببعض الفتات ؛ فإنه يعترف بوضوح أن الأمريكيين لم يكن لهم في الملف السوري من الأمر شيء ، ولن يكون لهم في هذا الملف من الأمر شيء . و أن على السوريين أن يقطعوا شوكهم مع الروس والإيرانيين أو مع بشار الأسد بأيديهم ، وبعبارة أخرى يعترف فورد ( لقد كان الأمر كله للروس من قبل وكذا سيكون من بعد ) وأن الأمريكيين غير معنيين بضمان بعض الفتات.
إذن ليس تشويها لمؤتمر جنيف أن نقول إنه مبادرة روسية أو روسية إيرانية أسدية . وأن هذا المبادرة بأرضها وسقفها وجدرانها وأطرافها وأهدافها صناعة روسية كلها . أن نقول هذا ونحن نتابع الجهد الروسي المحموم لتشكيل معارضة سورية تجادل في جنيف من وزراء بشار الأسد ومساعديه .
لقد تطلع السوريون طويلا إلى حل سياسي دولي ينهي المعاناة ، ويحقق أهداف الثورة التي دفعوا ثمنها تضحيات مئات الألوف من الشهداء . ولقد تمخضت الكراهية الروسية فولدت لهم جنيف اثنين . جنيف اثنين ليس مؤتمرا دوليا وإن شاركت فيه كل دول العالم ، بل هو مقعد إكراه روسي سيحضره المفرطون ليتنازلوا عن حقوق شعب ودماء شهداء وعذابات المعذبين ..
لا غرو أن يعلن لافروف غيرته على ( ولده الجميل ) فالقرد في عين أمه غزال كما نقول ، ولا غرو أن يعمل لافروف على تجميل وتسويق هذه المؤامرة الرخيصة الخسيسة الغريب العجيب أن يفعل من يظنوا أنفسهم أنهم سوريون ذلك …