أصدر المستقيلون من التفكير السياسي تصريحا يدينون فيه التفجير قريبا من السفارة الإيرانية في بيروت . ويتماهون فيه مع هؤلاء المستهينين بالدم السوري ، الجرآء ، عليه لتحصيل شهادة حسن سلوك ربما ترفعهم عند بعيد وتحطهم عند قريب . منذ زمن غير قليل وكثير من السوريين يمسكون عبارة ( لا يمثلني ..) تقديرا لمسئولية موقف وطني يكثر عليه المتناجشون . لقد آن الأوان لإدراك أن المراهنة على الشعور بالمسئولية الوطنية ممن لا يشعر بها قد تجاوز كل حد .
ينكر كل البشر الأسوياء القتل والتفجير ويتقززون منه فطرة وطبعا . وينكر كل البشر العقلاء القتل والتفجير مدخلا ويحذرون من نتائجه وتداعياته مخرجا . وقديما قالت العرب : لا يستقيم الظل والعود أعوج . وإن كان لنا قول في التفجيرات الأخيرة في لبنان فهو تشديد الإدانة والاستنكار للجريمة الكبرى ترتكبها إيران و حزب الله على الأرض السورية .
والتأكيد أنه لا ينبغي لأدعياء العقل أن يتوقعوا من تداعيات الجريمة الكبرى غير هذا الذي رأيناه ، ولعله أول ثمر شجرة الشر. ومن زرع الشجرة ثم أنكر الثمرة فهو إما غبي فدم لا يعي أو منافق مراوغ يردد قولا لا يعتقده .
وإثم الأبرياء يقعون صرعى في تجاذبات دوامة العنف والشر في عنق الفاعل الأول . والمتسبب الأول . في عنق إيران وحسن نصر الله وحزبه، وفي عنق الساكتين عليه من دول مسئوليتها حسب القانون الدولي حماية أمن الشعوب كل الشعوب ، وفي عنق الساكتين على الأرض اللبنانية اضطرار أو اختيارا . يظنون أن من حقهم أن يَقتلوا وتعظم مصيبتهم إن يُقتلوا ..
على أساس هذه القاعدة ننظر إلى الاستنكار الذي تتبادله القوى المحلية والدولية أمام الواقعة على أنه ضرب من النفاق والمراوغة لا معنى ولا حقيقة له. فمن يستنكر ثمرة الشر عليه أن يقطع شجرته ؛ لا أن يرويها بمزيد من الدم ومزيد من الاستفزاز بأحاديث التعصب والكراهية ؛ وإلا فهو كذاب أشر بل قاتل عنصري مريب يبيح القتل إن يقع على السوريين ويستنكره إن وقع على من عداهم ..
تزرع إيران وحزب الله والساكتون عن جرائمهم اختيارا أو اضطرارا شجرة الشر والإثم في صدور أطفال سورية حراب لؤم وكراهية وحقد ، ثم يضجون استنكارا إن تحرق بعض ثيابهم تداعياتها .
وعندما يصيح حسن نصر بمنافسيه على أرض لبنان من يريد أن تثكله أمه فليلقنا على الأرض السورية ، وراء هذا الوادي ؛ فإنه يكشف عن عمق مستنقع الغباء الذي يغرق فيه . تنسى إيران وينسى حسن نصر الله وينسى الصامتون عليه تواطأ أو اضطرارا أنه لن يكون قادرا بعدُ على تحديد زمن المعركة ومكانها وأدواتها . وكما يظن هؤلاء أن من حقهم أن يضربوا عندما يشاؤون وبالمكان الذي يشاؤون وبالطريقة والأداة التي يشاؤون فإن عليهم أن يقبلوا بالمبدأ الذي يقررونه وبالسنة التي يسنونها . وكل من سنة سنة كان أولى بقبولها .
و إقرار هذه الحقيقة لا يمنعنا أن نؤكد أننا ندين قانون القتل والعدوان منهجا وطريقة من أي جهة جاء . وإدانة قانون القتل يعني التفرغ للتصدي له كمبدأ وليس كواقعة عابرة يرتكب الأشرار العشرات من أخواتها كل يوم ..
نريد أن نحترم القانون الدولي . نريد أن نحترمه مظلة للحق والعدل تستظل به الإنسانية أجمع ؛ أما حين ينحسر ظله عن أرضنا وديارنا وعن حياة أطفالنا فهو يفقد حقيقة أنه ( قانون دولي ) ليتحول إلى قانون عنصري كريه ترفضه الفطرة السليمة ويأباه العقل القويم . لا تنسوا قول المسيح عليه السلام : إنك لن تجني من الشوك العنب .