أمسك لسانك أيها الإنسان
#خطبة_الجمعة #الشيخ_محمد_أبو_النصر
أمسك لسانك أيُّها الإنسان
التاريخ: 1/ رجب/1437هـ
الموافق: 8/نيسان/2016م
المدة: 29 دقيقة
الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- يتكلم بالكلمة ما يرى بها بأسًا
2- أين نحن من مراقبة ألسنتنا
3- وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ
4- وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ !!!
5- شياطين مواقع التواصل ومجاهدي الفيس بوك
6- تتبُّع عورات الدعاةِ والمصلحين!!
7- وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ
الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
8- ثبات المجاهدين في ريف حلب الجنوبي.
9- قتالنا للدواعش في الشمال، قتال وجودٍ عن الثورةِ السورية قاطبةً.
رابط الخطبة على الفيسبوك
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3
* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، من يهْدِه اللهُ فهو المهتد، ومن يُضلِل فلن تجد له وليًّا مُرشدًا، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمداً عبدُه ورسولُه، وصفيِّه وخليله، أرسله الله بالهدى ودين الحقِّ ليُظهره على الدين كلِّه ولو كرِه المشركون، فصلواتُ ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه الغرِّ المُحجَّلين، ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أمَّا بعدُ عباد الله، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب:70-71)
ويقول عزَّ مِن قائل: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (الإسراء:36)
إخوة الإيمان والعقيدة لقد وصف الله عباده المؤمنين فقال سبحانه:
(وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) (الفرقان :72)
كيف لا يكونوا كذلك وهم المؤمنون الذين آمنوا بكلام ربِّهم، وهم المؤمنون الذين أيقنوا يقينًا جازما بأنَّه: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ)
ما ينطق لسانك أيُّها الإنسان إلّا وهناك رقيبٌ عتيدٌ يسجِّل ما يلفِظُه هذا اللسان وينطِق… هذا العضو، هذا اللِّسان الناطِق، الذي زيَّن الله بقدرته على النُّطق بني آدم، فتميَّزوا بهذه القدرة عن سائر الحيوانات العجماوات، فأكرم الله بني آدم بالعقل وزيَّنهم باللِّسان… هذا اللِّسان أيُّها السادة قد يكون سببا لدخول النار وقد يكون مفتاحًا لأبواب الجنان.
ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: (( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ )).
من يضمن ما بين لحييه (أي لسانَه الذي ينطق به)، وما بين رجليه مِن موضع شهوته، فلا يضعها إلَّا فيما أحلَّ الله له، يضمن له النبي – صلى الله عليه وسلم – الجنَّة.
ولهذا أيُّها الإخوة الكرام، كان لابدَّ للمؤمن الصالح من أن يراقب لسانه وأن يضبِط كلامه، فلا يخوض مع الخائضين فيما يعلمُ ولا يعلم، وفي البخاري أنَّ النبيّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعَالَى مَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ، [يتكلَّم كلمةً بسيطة ينصر بها مظلومًا ينصُرُ بها مُستضعفًا، يأمر فيها بالمعروف ينهى فيها عن المُنكَر، يذُبُّ بها عن دين الله … مَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ] وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلَمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ تَعَالَى لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ). وفي رواية التِّرمذي: “إِنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا [لا يرى فيها حرجًا أو إشكالًا عنده، إن راجعته بها يقول لك بلسان العوام “عادي” … يتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا] يَهْوِي بها سبعين خريفا في النار”.
يتكلَّم بالكلمة يفرِّق بها بين المسلمين، ويزرع العداوة بين المُجاهدين، يُفرِّق جمعهم ويُخلخِلُ صفَّهم، يهوي بها في النار… يتكلَّم بالكلمة يغتاب بها الموحِّدين ويَطعن في أعراضِ المُسلمين الغافلين، يهوي بها في النار … يتكلَّم بالكلمة في دين الله بغير علم، فينشر الأباطيل والبِدَع والضلالات، يهوي بها في النار … يتكلَّم بالكلمة يبدِّعُ بها المؤمنين ويُكفِّرُ المسلمين ويُفسِّقُ المجاهدين، يهوي بها في النار … يتكلَّم بالكلمة يطعن بها في دين الله ويعترضُ على شرع الله … (إنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة ما يرى بها بأسًا يهوي بها في النَّار سبعين خريفًا) [من رواية ابن حبَّان للحديث بهذا اللفظ]
وفي مقابل ذلك أيُّها السادة نجد الصالحين المصلحين، نجد من التزموا أمر الله سبحانه: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) (الإسراء:53)
نجد من استمع هذا الأمر فلبَّى النداء، وأطاع أمر الله، نجد الصالحين المصلحين، نجد من يتكلَّمون فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، نجدُ من يتكلَّم بالكلمةِ حُرقةً على المسلمين، نجد من يسمع المُرجفين والمنافقين فيغضب لدين الله ويذبُّ عن أعراض إخوانه، نجدُ من يتكلَّم بالكلمة فيُصلِح ولا يُفسد، يجمع المؤمنين ولا يُفرِّق بينهم، يتكلَّم بالكلمة يبتغي بها رضوان الله تعالى، يتكلَّم بالكلمةِ موقِنًا بأنَّه:
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ)
يتكلَّمُ بالكلِمةِ مستحضرًا قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (( إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَومِ يَلْقَاهُ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ الله لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ )). [يتكلَّم بالكلمة، يكذِبُ كِذبةً، ينشُرُ إشاعةً، يفسِد بكلامِه، ما يلقي له بالًا يَكْتُبُ الله لَهُ بِه سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ] والحديث رواه مالك في المُوَطَّأ، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
فأين نحن أيها السادة من مراقبة ألسنتنا؟ أين نحن من ذلك وهو ملاك الأمرِ كلِّه ففي حديث معاذٍ المشهور الذي رواه الترمذيُّ وصححه يقول – صلى الله عليه وسلم -: (( ألا أُخْبِرُكَ بِرَأسِ الأَمْرِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ )) قُلْتُ : بَلَى يَا رسولَ اللهِ ، قَالَ : (( رَأسُ الأمْر الإسْلامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ الجِهادُ )) ثُمَّ قَالَ : (( ألاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ! )) قُلْتُ : بلَى يَا رَسولَ اللهِ ، فَأخَذَ بِلِسانِهِ وقال : (( كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا )) [إن حفظت لسانك حفظت إسلامك وحفظت دينك وحفظت جهادك أيضًا …]
قُلْتُ : يَا رسولَ الله وإنَّا لَمُؤاخَذُونَ بما نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فقالَ – صلى الله عليه وسلم – : (( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا معاذ! وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ )) .
هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم، تلك الألسنة التي لا تهدأ، تلك الألسنة التي تُكثِر الكلام فيما تعلمُ وفيما لا تَعلم، تلك الألسنة التي تغمِز وتلمِزُ بالصالحين، تلك الألسنة التي أمرنا أن لا نُكثِر الكلام بها، وفي الترمذيِّ عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ : قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (( لا تُكْثِرُوا الكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ؛ فَإنَّ كَثْرَةَ الكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى قَسْوَةٌ لِلقَلْبِ! وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللهِ القَلْبُ القَاسِي)).
كَثْرَةَ الكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ قَسْوَةٌ لِلقَلْبِ أيُّها السادة، فكيف بنا والبعض لا يهدأ لسانه عن غِيبة الناس، وعن تتبع عوراتهم، وعن الطعن في أعراضهم؟؟!!
كيف بنا قد كثر الخائضون في الباطل؛ قاعدون متكاسلون مولُّون للأدبار، وما لهم شُغلٌ إلا الطعن في إخوانهم المجاهدين!!، إلّا تتبُّع عورات الدعاةِ والمصلحين!! يخوضون مع الخائضين، ويشهدون الزور مع الكاذبين، يُحرِّشون بين أهل الإسلام ويوقعون الفتن بين أهل الإيمان، وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن جابرٍ – رضي الله عنه – قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقولُ: ((إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ))
صحيح أنَّ الشيطان قد يئس من أن يعبده المُصلُّون المسلمون، ولكنَّه لم ييأس من داهيةٍ أعظم، وأصعب، وأشدَّ ضررًا، لم ييأس من التحريش بين المسلمين!! لم ييأس من زرع العداوة بينهم … فبالتحريش بينهم، تنموا الأحقاد والضغائن، وتزداد العداوات بينهم، وتتفرق كلمتهم، وتضعف شوكتهم، ويتسلَّط عليهم عدوُّهم، ويتشاغلون بأنفسهم فيأكلون أموال بعضهم بعضًا، ويسفكون دماء بعضهم بعضًا، فيفرح أعداؤهم، ويجد المنافقون لسلعتهم رواجًا بينهم… شياطين الإنس والجنِّ أيُّها السادة تحرِّش بين المسلمين، وفي زماننا شياطين مواقع التواصل الاجتماعي، أولئك المرابطون على صفحات الفيسبوك وتويتر ومجموعات الوتس أب أولئك المرابطون على صفحات الإنترنت خلف شاشات الحواسيب والجوَّالات، لا ييأسون ولا يكلُّون من التحريش بين المسلمين، ومن إيقاع الفتن بين المجاهدين، فالنجاة النجاة النجاة أيها الإخوة، النجاة النجاة أيُّها الأحبة…. وعن عقبة بن عامرٍ – رضي الله عنه – قَالَ : قُلْتُ : يَا رسولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: (( أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ )). رواه الترمذي، وقال: (( حديث حسن )).
أخا الإسلام، أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، انشغل بإصلاح نفسك، وبستر عيوبك، وبتقويم أهل بيتك، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ، بدل أن تتتبَّع زلَّاتِ النَّاسِ وعوراتِهم … بدل أن تتتبَّع عيوب إخوانك الذين بذلوا ما يقدرون عليه، فهلّا أريتنا ما تقدر عليه؟؟ انشغل بنفسك أيُّها الإنسان، انشغل بأخطائك، وتقصيرك..
وعينك إن أبدَت إليك معايِبًا *** فصُنها وقل: يا عين للنَّاس أعين
لسانك لا تذكر به عورة مسلمٍ *** فكلُّك عوراتٌ وللناس ألسن
انشغل بنفسك أيُّها الإنسان، كن ممَّن قال الله عنهم، (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) (الفرقان :72)، إذا مررت بمن يخوضون فيما لا يعلمون فأمر بالمعروف وانهَ عنِ المنكر… فلا أقل من أن تهجُرهم وأن لا تقف معهم … إياك أخا الإسلامِ أن تكثِّر سواد الحاقدين، أولئك الذين سوَّلت لهم أنفسهم أن يقعدوا عن العمل، وأن ينشغلوا بعورات العاملين لدين الله من الدعاة والمجاهدين
احفظ لسانكَ أيُّها الإنسانُ **** لا يلدغنَّكَ إنهُ ثعبانُ
كم في المقابرِ من قتيلِ لسانهِ *** كانت تهابُ لقاءهُ الشجعانُ
اللهم اعصم ألسنتنا من الزلل، وجنبنا الخلل، واكتبنا من الصالحين المُصلحين، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله، خيرُ الوصايا وصيّةُ ربِّ البرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن. أمَّا بعد إخوة الإيمان:
فقد سرَّ قلوبنا وشرح صدورنا في الأسبوع الماضي، والذي سبقه، ما كتبه الله من فتحٍ لإخواننا المجاهدين، ما كتبه الله لهم من تقدُّم في الريف الجنوبي على جبهة الكفَّار الطواغيت، وما كتبه الله لهم من فتحٍ مبين على جبهة الخوارج المارقين.
أيُّها الأحبَّة الكرام، أيها السادة الأفاضل، كثيرٌ منكم يسألنا: ما جدوى القتالِ الآن في الشمال؟؟ لماذا يقاتل إخواننا الآن في جبهات داعش القريبة إلى الحدود التركيَّة في الراعي وما حولها، ولعلَّ البعض يسأل: أليس قتال النظام النصيري المجرم أولى وأجدى؟؟!
أقول لكم صراحةً، إن كان هذا السؤالُ سؤالَ من يريد أن يتعلَّم، فقد وجب علينا أن نُجيب عنه، أمّا إن كان السؤال سؤالَ من يطعن ويغمزُ ويلمِز بإخوانه المجاهدين، فإنَّا نكِلُ أمره إلى الله.
أمَّا جواب سؤال الصادقين، فمفاده بأنَّه لابدَّ للقاصي والداني من أن يعلم بأنَّ قتالنا في الشمال قتال وجودٍ وبقاء
**
***
[الخطبة ملخص مقالة الشيخ محمد أبو النصر: لماذا نقاتل الآن داعش في الشمال]
***
**
*
1. نقاتل في الشمال لإفشال مخطط تقسيم سوريا.
2. نقاتل في الشمال لمنع إقامة دويلة للانفصاليين الأكراد الملحدين PKK.
3. نقاتل في الشمال لأنَّ المخطط الصهيوصليبي يريد أن تصل داعش إلى حدود عفرين لتبدأ بعد ذلك مسرحيَّة الاستلام والتسليم بين الدواعش والأحزاب الكردية الملحدة.
4. نقاتل في الشمال لأنَّ استلام ملاحدة حزب العمال للحدود يعني وأد الثورة السورية بالكامل وقطع آخر طريق إمدادٍ لها.
5. نقاتل في الشمال لأنَّ خطتهم هذه لو نجحت ستحوِّل معظم المناطق المحرَّرة إلى قلمون وإلى مضايا جديدة (فلا طعام ولا شراب ولا دواء ولا علاج ولا مدد …)
6. نقاتل في الشمال لإفشال مشروع قطع أهل السنَّة المستضعفين في العراق والشام عن عمقهم الاستراتيجي في تركيا.
7. نقاتل في الشمال لأنَّ المشروع الصهيوصليبي، يريد أن يعطي الساحل الغربي للنصيرية وشمال العراق للدولة الكردية، وجنوب العراق وساحله ونفطه للروافض فإذا ما قُطع أهل السنَّة بالدويلة الكردية شمال سوريا فلن يبقى لهم إلا صحراء سوريا والعراق معزولةً عن البحر وعن العالم الخارجي وعن المدد التركي بكانتوناتٍ تحاصرها من كلِّ الجهات.
8. نقاتل في الشمال لأنَّ المناطق التي لم يكن ليستلمها الأكراد من الدواعش كانت ستسلَّمُ للنظام لكي يُكمل طوقه وليوسِّع حصاره علينا.
9. نقاتل في الشمال، لنبطل دعاية النظام المجرم الذي صنع الإرهاب على عينيه، ثمَّ تظاهر أمام العالم بأنَّه الوحيد القادر على مكافحة الإرهاب ومنع تمدُّدِ شرِّه في الشام.
10. ولهذا كلِّه وجب أن يعلم القاصي والداني بأنَّ قتالنا شمالًا قتال وجودٍ عن كلِّ الثورة السورية وثوَّارِها.
11. يتهموننا بأنَّنا نقاتل لتحقيق مصالح تركيا‼️نقول: ومتى كانت تركيا عدوةً لنا لكي لا نحقِّق مصالحها؟؟!
12.ألم يأن الأوان لنفهم بأنَّ أهل السنَّة في المنطقة يقاتلون قتال وجود، ومصلحتنا ومصلحة تركيا (بحكومتها الحالية) مصلحةٌ واحدة، فقوتهم قوتنا وضعفهم ضعفنا.
13. عندما يكون عملنا محقِّقًا لمصالح متبادلة فهذه هي الحنكة السياسية واستثمار الممكن، أمَّا الخيانة فهي تدمير مصلحة شعبنا وإفساد جهاده لأجل مصالح دولٍ أخرى أو لأجل أجنداتٍ ومشاريع دخيلة على شعبنا لم يثُر من أجلها.
14. يقولون لنا أنكم تتولون الكفار بقتالكم الدواعش بالتزامن مع القصف التركي وقصف التحالف؟! وهذه مجموعة من الافتراءات والتهم يجب تفنيدها..
15. الخطأ الأول هو الخطأ في توصيف الدواعش، والخطأ في توصيف جهادهم (قطَعَ الله قرنهم).
16. أمَّا الخطأ في تصنيف الدواعش، فهو أنَّ بسطاء العقول مازالوا يصنفونهم تصنيف خوارج عليِّ بن أبي طالب‼️ (الزهاد، العابدون الصادقون، الذين كان لهم دويٌّ كدويِّ النحل بالقرآنِ والذِّكر، الذين لم يظاهروا الكفَّار على المسلمين، ولم يطعنوا بهم، ولم يفسدوا جهادهم، ولم تكن قياداتهم مجهولةً أغلبها توجَّهُ من مخابرات الدول المعادية لمشروع أهل السنَّة، ولم يكن خوارج علي سالموا الشيعة الروافض الحاقدين في دولتهم (إيران) وقاتلوا أهل السنَّة فقط واستعدوا عليهم دول الأرض، وكفَّروا المسلمين بالصغيرة وبما لم يُكفِّر به أحد) فقياس دواعش زماننا على أولئك الخوارج لا يصحُّ عقلًا ولا نقلا، وإذا كان أهل الحديث كفَّروا خوارج ذاك الزمان، فكيف بهم لو رأوا دواعشنا‼
17. أمَّا بالنسبة لتوصيف قتالهم فأقلُّ ما يُقال فيه هو: أنَّنا نقاتل مشروعًا استحلَّ ما حرَّم الله غرَّر القائمون عليه (من المجاهيل والمسردبين) باسم الدين مجموعاتٍ مِن العوام والإمَّعات والجهال، فأفسدوا جهاد الشام وأعملوا القتل بالمسلمين، حتى غدا أهل الإسلام بين سيفين، سيف الدواعش وسيف الكفَّار، ومعلومٌ أنّ حفظ الأنفس من الكلِّيات التي أتت كلُّ الشرائع لحفظها، ودفع الصائل على النفس يكون بما أمكن ويدخل في باب الاضطرار المُلجئ.
18. بناءً على ما سبق فقتالنا للدواعش قتال وجود، قتالٌ لنحول دون استباحة بيضة المسلمين، قتالٌ لمنع استئصال شأفة أهل السنَّة في الشام، قتالنا لهم قتالُ المكره الذي أحلَّ الله له أن يكفر باللسان إن كان قلبه مطمئنًّا بالإيمان (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ)(النحل:106) وقتال المضطر الذي أحلَّ الله له ما حُرِّم على غيره (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173) وضابط ذلك كلُّه شرعًا مصلحة الحفاظ على المسلمين.
19. ومع ما أسلفنا فالمجاهدون إلى الآن لم يتجاوزوا مترخصين برخص الاضطرار، فلا يعدوا ما يحصل من بعضهم مع التحالف مسألة الاستعانة التي تكلَّم فيها كثيرٌ من العلماء، ولكنَّ الخطأ الشنيع الذي يقع فيه بعضهم هو ⚠️ (((تطبيق الأحكام الفقهية الخاصَّة بفترة التمكين، على فترة الاستضعاف والخوف من الاستئصال))).
20. ومن المقرَّر شرعًا أنَّ الصائل على النفس بغض النظر عن دينه ووصفه (الذي يريد قتلك أيها المسلم) عند العجز عن دفعه يُستعان عليه بما أمكن وبمن أمكن.
21. ومع ذلك فليعلم القاصي والداني بأنَّنا، في الشام، دفعنا صولة الدواعش بعد أن بدأونا القتال واسباحوا دماءنا وأموالنا، وقتالنا كان قبل أن يقاتلهم التحالف وغيره، وهل قتال التحالف لهم يبرر أن نتركهم ليقتلونا وليذبحونا⁉️ أي دينٍ وأيٌّ عقلٍ يقول هذا.
22. من غمز بالمجاهدين لأجل قصف التحالف، لعلَّه لم ير تقدُّم الدواعش عند القصف الروسي وعندما يضغط النظام علينا فلم الكيل بمكيالين⁉️
23. من قال بأنَّنا نقاتل تحت راية التحالف الصليبي، نقول له تعال وانظر إلى ساحاتنا وجهادنا فهل سترى للتحالف وجودًا على الأرض أو سيطرةً أو تمكينًا.
24. من يتحدث عن موالاة الكفار يجب أن يعلم أن الولاء المقصود في الشرع يعني الحبَّ والنُّصرة لأجل الدين، فهل نحن نحبُّ دين الصليبين؟؟ وننصرهم لأجل دينهم؟!! أم نستفيد ونناور مما أمكننا الاستفادة منه لاضطرارنا.
25. من يسأل عن جبهات النظام، نقول له الجبهات مفتوحةٌ وتنتظرك ومن معك، ونحن لم نتركها أصلا ولم نقصر عليها فإطار الممكن، ولكن عندنا عدوَّان لا يقلان خطرا عن بعض، فكلاهما يريد استئصالنا، وقد فُتِحَ لنا بابٌ ومددٌ لقتال أحدهما فاستثمرناه، ريثما يُفتح لنا مدد وعونٌ للآخر وعندها لن نوفِّره أيضًا، فما الضير في استثمار الممكن⁉
وللحديث بقية ولكن في هذا كفاية لمن أراد هداية … ومن طمس الله على بصيرته باتباع هواه فلن تنير بصيرته آلاف الصفحات … ربنا لا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنَّك أنت الوهَّاب …
إني داعٍ فأمِّنوا