نودع عام السارين
نودع عام سقوط الإنسانية وموت الإنسان
ليس سياسيا موضوع هذا المقال ..
فما يجري على الشعب السوري ، وعلى الأرض السورية وهو يودع عامه الثالث لم يعد من موضوعات السياسة فقط بل كشف وانكشف عن حقائق رعيبة في عالم القيم والأديان والعقائد والمذاهب والفلسفات والأخلاق والمدنيات وفي عالم الإنسانية والإنسان …
نودع عاما جديدا من دورة الأرض حول الشمس ربط الناس بدايتها بميلاد السيد المسيح رسول الحب والسلام ولم ينتم العام الذي مضى إلى السيد المسيح ولو بخيط ومن ظلال ..
فباسم المسيح الروح والكلمة والطهر والبراءة اصطف النبّاء الكذبة على مدى عام وراء القاتل المبير فأيدوه ودعموه وأمدوه بكل ما احتاج من وقود الكراهية ومن شحنات الشحناء …
وباسم الحسين سيد شباب أهل الجنة ، سبط الزهراء وعلي ، من سادتنا أهل العبا ، انخرط مفاعيل الحقد التاريخي المأزوم في معادلة ذبح شعب مستضعف أعزل اجتمعت على إبادته قوى الشر في العالم أجمعين ..
فانفضحت شعارات ثورة المستضعفين ، وظهر أدعياء الحرب على الشيطان الأكبر تلاميذ صغار في مدرسته ، وجنودا مطيعين في كتيبته ، عن رؤيته يصدرون ، ولأمره ينفذون ؛ فإذا كل ما ظنته شعوبنا وحسبته وخالته على مدى عقود محضُ سراب …
وغمس أصحاب شريعة حقوق الإنسان ، رؤوسهم في رمال الخزي والعار إلى أبد الآبدين بتركهم القاتل المبير ينتصر على أجساد أطفال تتناثر تارة تحت القصف ، وأخرى تحت الردم ، وثالثة تسجي بلا شلو ولا دم وقد ملأ غاز الموت منها الصدور . لقد غمس أصحاب شرعة حقوق الإنسان رؤوسهم في الرمال وهم يدارون ويتدارون ليمر عام ثالث على بشر يموتون قتلا وقصفا وخنقا وجوعا وبردا وليكون التفسير الوحيد لكل ما نقول هو عنصرية مقيتة قاتلة لم تتعلم بعد الاعتراف بثقافة أن الناس كلهم لآدم وأن آدم من تراب …
نودع عام الموت الثالث وقد أصبحنا ندرك أن دعاة شعار الحرية إنما عنوا بها حريتهم هم في استعباد الناس ، وفي إذلال الناس ، وفي استغلال الناس ، وفي الحكم على الناس : إنسان يغضبون لظفره إذا أصيب وملايين البشر لا يساوون في ميزان حضارتهم قلامة ظفر ..
نودع عام الموت الثالث يمر على شعبنا والذي حكم عليه دعاة الحرية بالموت والقتل فقط لأنه آمن أن الحرية شيء جميل وأنها حق لكل الشعوب ولكل الناس ..
نودع عام الموت الثالث يمر على شعبنا وقد أدركنا أن كل ما عنوه يوماً بالدعاية الكاذبة للديمقراطية ولصناديق الاقتراع إنما كان صناديق اقتراع حبلى على فرش عهرهم فقط بكل وغد زنيم ديمقراطية تنتج أجراءهم وخدام مصالحهم وتزهق أرواح الأبرياء وتدوس إنسانيتهم ..
نودع عاما ورحى الموت يطحن من شعبنا الرجل والمرأة والشيخ والطفل والصغير والكبير ..
رحى الموت تجتمع عليها أكف أهل الشر في العالم نريد أن نسميهم فتستحي اللغة والثقافة والمدنية من أسمائهم فنكتفي بالعودة إلى عهد السينما الصامتة انظر إليهم هذا رجل يقتل تحت قنطرة عمامة سوداء ، وهذا يفجر مخزون كراهية تاريخية محمومة وقد حمى رأسه الذي تعشعش فيه الخفافيش بقلنسوة حمراء ، وثالث يهرطق بالعداء للامبريالية وهو يذبح بأدواتها الرجال والنساء والأطفال …
نودع عام السارين ..
مر على شعبنا بكل فاجعته وكارثيته ففضحهم وكشفهم وأسقطهم . لقد أعلن نيتشة في أمسهم القريب موت الله . وصدقوه وجروا خلفه وكان في الحقيقة يعلن موت الإنسان موت إنسانيتهم . لقد أماتوا بإعلانهم موت الله مسيحيتهم وقيمهم أماتوا كل جميل في حياتهم . بل أماتوا الإنسانية في الإنسان
ولكن الذي يفجؤهم ويزعحهم ويخيب آمالهم ، ويعود بالحسرة والخيبة عليهم أننا ما زلنا باقين ، ما زلنا نقاوم وما زلنا نعقد العزم على الانتصار.
ندخل عامنا الرابع ونحن أمضى عزيمة ، وأشد تصميما على الانتصار . على أن نفرض أنفسنا على هذا العالم بشرا أسوياء . وأناسا كاملي الإنسانية . وسنسقط كل سياسات التمييز العنصري العرقي والديني والمذهبي . وسننتصر في عامنا الجديد لكلمة الله ولنسبح ربنا الأعلى ولنجعله وحده مصدر الحق ومصدر الخير ومصدر العدل ومصدر السلام ومصدر الحب ومصدر الجمال ..
(( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ..))
(( أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ))
نودع عاما ونستقبل آخر بالإيمان وبالعزم وباليقين ..