1- اصطخب الناس في التعليق على أحداث عدرا الأخيرة، ولم يتردد كثير منهم في اتهام المجاهدين بذبح المدنيين وقتل الأطفال والنساء وسرقة الدور وإحراق المصانع والمنشآت! وقد أحزنني أن كثيراً من الذين سَعَوا في ترويج تلك الاتهامات (وهم من جمهور الثورة) يَسْتقون الأخبارَ من مواقع الشبّيحة وصفحات عبيد النظام ومن إعلامه الرسمي، ومن المصدر المشبوه المسمّى “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، تاركين مواقع الثورة وصفحات التنسيقيات التي ينبغي أن يعتبرها الأحرارُ مصادرَهم الموثوقةَ الأصلية في معرفة الحقائق.
2- يبدو أننا نحتاج إلى إعادة تعريف “المدنيين” لكي نحسن قراءة تلك الأحداث وننجح في تفسيرها. الفرق بين المدني والعسكري ليس البدلة والرتبة ولا الانتماء إلى الجهاز العسكري أو الأمني فحسب، بل إن عمل المرء هو الفيصل بين الحالتين. عندما يتطوع المدني في مليشيات اللجان الشعبية الطائفية وعندما يعمل المدني بالتشبيح فإنه لا يسمّى مدنياً؛ إنه يتحول إلى “عنصر” عسكري معاد للثورة، بل إنه يصبح من المحاربين المفسدين الذين يحاربون الله ويؤذون جماعة المسلمين سراً وجهراً ويتسببون في اغتصاب الحرائر واعتقال وتعذيب وموت الأبرياء. هؤلاء يستحقون حَدّ الحَرابة؛ إنما جزاؤهم أن يُقطَّعوا ويُقتَّلوا شَرّ تقتيل ليكونوا عبرة للمعتبرين.
3- ماذا فعل الثوار في عدرا؟ لقد استهدفوا ضباط وعناصر النظام وتعقّبوا الشبيحة المعروفين بأسمائهم وأعيانهم، فاعتقلوا بعضهم وقتلوا من قاتل ودافع الاعتقال. وإلا فماذا يصنعون بهم؟ يَدْعونهم لشرب القوة والشاي ويوزعون عليهم الأوراد والأزهار؟ تابِعوا صفحات النظام لتتعرفوا على بعض الضحايا “المدنيين” في عدرا: العميد الركن عبد الكريم شاهين قائد اللواء 156، العقيد الركن ذو الفقار مصطفى، العقيد جهاد حامد مخلوف، المقدم محمد علي علي، الشبيح المشهور عمار مصطفى، الشبيح المشهور أسامة مخلوف، الشبيح المشهور نزار حسن (الذي فجّر نفسه مع زوجته وطفلَيه باعتراف صفحة “شهداء الوطن” الموالية للنظام، ثم راح بعض المتفلسفين يَنوحون على أطفاله الذين قتلهم الثوار)!
4- آن لنا بعد ثلاث سنوات من الحرب أن نعرف عدونا وأن نحذر مكره، فإنه عدو ماكر لئيم يحاربنا بسلاح الإعلام كما يحاربنا بالمدفع والصاروخ، فالحذرَ الحذر يا مسلمون؛ لا تنخدعوا بدموع التماسيح التي تبلل صفحات الموالين من عبيد النظام. ولا تكتمل هذه الوصية إلا بالتحذير من ترويج أخبار “المرصد السوري” التي ينشرها المدعو رامي عبد الرحمن، وهو في حقيقته نصيري اسمه أسامة سليمان. لا أحذّر منه لأنه نصيري، فربما كان من صالحيهم (وقليلٌ ما هم)، بل لأنه يشوّه أخبار الثورة بخبث ودهاء وهو يزعم الموضوعية والحياد، فلا تنقلوا عنه أيها الأحرار.
5- ختاماً أقول لكل المتعاطفين مع ضحايا عدرا: إن دماء أهلنا في النبك لم تجفّ بعد؛ عائلات كاملة ذبحهم الغزاة الطائفيون ذبحَ الدجاج والنعاج، فإن كان عندكم فائضٌ من دموع فجودوا بها عليهم لا على ثلّة من الذئاب تدثّرت بدِثار الخراف في عدرا، وإن كان عندكم فائض من إنسانية فتداركوا بها أهلنا نازحي دوما والغوطة في عدرا، ولا تكونوا سكيناً أخرى من السكاكين الكثيرة التي تحزّ رقابهم المثخَنة بالجراح. هذا ما ينبغي أن يكون، ولكنْ واأسفاه؛ يبدو أن بعض من ينتمون إلى ثورتنا تحولوا مؤخراً من “العدالة الانتقالية” إلى “العدالة الانتقائية”! حسبنا الله ونعم الوكيل.