لا لجنيف … الفرصة للقتل بالحصار والقصف لا للجولة الثانية بعد لا سبقت للأولى
لقد مضى قريب من عام والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة يؤكد محدداته لحضور مؤتمر جنيف ، ويعلن تمسكه بها ، ويطمئن أبناء شعبنا في سورية أنه لن يتنازل عنها .
وما أن أصبح مؤتمر جنيف بعد طول خلاف وتردد من الدول الداعية إليه أمرا واقعا ، حتى بدا أن بعض الشركاء في الإطار الوطني قد قرروا أن ينسوا أو يتناسوا المحددات التي توافقت قوى الثورة والمعارضة عليها ، والتي طالما رددوها وكرروها ، ليقفزوا فوق التأكيدات التي قطعوها للشعب المبتلى والمصابر ، وليمضوا في سبيل اختاروه لأنفسهم مدعين شرعية لم يحصلوا حقيقة عليها ، وتمثيلا لم يظفروا واقعا به ..
ووفى الصادقون من القوى والشخصيات السورية بعهدهم مع شعبهم وأعلن هؤلاء الصادقون جميعا بوضوح وصرامة : لا لجنيف ما لم يكن في ظل المحددات التي توافقنا قبلُ عليها : تفاوض على مرحلة ما بعد بشار الأسد _ ووقف مسبق لإطلاق النار – وفتح الممرات الآمنة لإيصال الغذاء والدواء للمحاصرين والتخفيف من معاناتهم …
ولما كان أمر الاستجابة للدعوة شديد الالتباس والتعقيد مما قد يخفى حقيقة المفسدة الظاهرة فيه على الكثير من أصحاب الرأي والتقدير فقد قرر الكثيرون التغاضي عما رأوا فيه مغامرة حقيقية ، والسكوتَ على التجربة ظاهرة الإخفاق حرصا منهم على وحدة الصف الوطني أولا ، وإفساحا للتجربة علها تكون أكثر إقناعا من أي حوار جدلي بلغ بين السوريين مداه ..
ومضت عشرة أيام من اللقاءات العقيمة في جنيف المنتجة للموت والدمار فقط على الأرض السورية . فقد رافق جنيف تصعيد مقصود لعملية القتل والتدمير وتشديد للحصار على الأبرياء والضعفاء من المدنيين . وما أن انتهت الجولة الأولى العقيم حتى فوجئ الشركاء الوطنيون بالفريق المفاوض يعلن وعده بالعودة إلى جولة المناكفات العبثية دون أن يعطي لنفسه الفرصة بالرجوع إلى إعادة تقويم أدائه وثمار مغامرته ، ودون أن يفكر للحظة بمن وراءه من شركاء وطنيين قوى وشخصيات داخل الائتلاف وخارجه .
أبناء شعبنا البطل المصابر
إنّ مثل هذه الأمور الخطيرة التي تخص جميع السوريين من مؤيدي الثورة وداعميها والآملين فيها لا يجوز أن يقضى بها إلا بالقرار الجامع ومن خلال الدائرة الأوسع وبالعودة إلى أهل رجال الفكر والرأي وأهل السياسة .
إن ما أقدم عليه الفريق المفاوض في جنيف باستعجال قطع الوعد باستئناف ما سمي عبثا – بالمفاوضات – لينبي عن حالة من الزهو لا ينبغي أن تتملك من يسعى في أمر جامع تشمل تداعياته كل السوريين . ينبي هذا الاستعجال عن استهتار فاضح بمن وراء هؤلاء المفاوضين من قوى وشخصيات وجماهير ينزف دمها تحت حراب المجرمين ، المجرمين الذين قرر هؤلاء المزهوون بأنفسهم أن يقفوا دقيقة صمت على أرواح قتلاهم من مغتصبي حرائرنا وذابحي أطفالنا ((أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )) …
إنّه وعلى ضوء النتائج العملية لجولة المفاوضات لما سمي جنيف اثنين ، وما رافق لقاءات هذا المؤتمر وما يمهد للذي يليه في العاشر من شباط من تصعيد في عمليات القصف بالطيران الحربي والمدفعية الثقيلة على مدينة حلب وعلى بلدات وأحياء دمشق الجنوبية ومن تشديد للحصار على المناطق والمدن المحاصرة ولاسيما على أهلنا في حمص وفي مخيم اليرموك يتبدى للجميع …
أولا – أن المجتمع الدولي الذي يدير نفسه لحرب الإبادة ولجرائم الحرب التي تنفذ على شعبنا ، متشاغلا عنها يجد في مثل هذه اللقاءات العبثية سترا لتخاذله وتخليه عن واجبه السياسي والإنساني بدعوى البحث عن حل سياسي للأزمة التي باتت تؤرق ضمير الشعوب . وإن المستجيبين لهذه اللقاءات ، مهما تكن نواياهم ، يساعدون هؤلاء على تحقيق هذه المآرب الخسيسة باستمراء اللعب على دم أبناء شعبنا الأبطال .
ثانيا – يتمسك أبناء شعبنا مرة رابعة أو خامسة بموقفه الصريح في رفض أي لقاء ما لم يكن في ظل المحددات الأساسية التي تم التوافق عليها بين القوى الوطنية وإعلانها من قبل مرات ومرات …
لا مفاوضات إلا على مرحلة ما بعد الأسد ويجب أن يكون هذا واضحا في عنوان اللقاء وفي بيانات وتعهدات الداعين له ….
وأنه لا لجنيف مع استمرار القصف الجوي والمدفعي … ولا لجنيف مع استمرار الحصار وقبل فتح الممرات الآمنة لوصول الغذاء والدواء للمحاصرين .
ثالثا – ندعو كل القوى السياسية والوطنية وبدون أي مواربة إلى الرفض المطلق للقاء جنيف القادم . ونبرأ إلى الله والناس من كل من في جنيف وما فيه ما لم يقم الداعون إلى هذا المؤتمر بواجبهم السياسي والإنساني بوقف القصف على مدننا وبفك الحصار عن أبناء شعبنا ..
أيها السوريون جميعا …
إن ما يجري على مدنكم وبلداتكم وأحيائكم وأطفالكم ونسائكم . لا يعني هؤلاء القابضون على قرار المجتمع الدولي في مجلس الأمن كما لا يعني وبنفس القدر هؤلاء المتربعون على منصات ( الصورة ) الوطنية ..
أنتم مدعوون إلى ثورة في هذه الثورة تطيح بكل العجزة والقاصرين مهما تكن نياتهم وتوجهاتهم …
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ