في الوقت الذي يدير فيه المجتمع الدولي ظهره عما يجري على الأرض السورية من قتل وتدمير ، ومن تدخل مباشر من قوى دولية ( روسية والصين ) وتدخل إقليمي عملي ( إيران وميليشيات المالكي وحسن نصر الله ) ، وفي الوقت الذي يضيف فيه بشار الأسد إلى قائمة أسلحته المحرمة الدولية سلاحا جديدا ( غاز الكلور ) ويبدو أن هناك توجها دوليا للسكوت عنه ، وإلى جانب إصرار المجتمع الدولي على ترك بشار الأسد يعربد باستخدام ( سلاح الجو ) بكل طاقته التدميرية ، وفي الوقت الذي يعمل فيه بشار الأسد وفق استراتيجية مركزية لإعادة احتلال ما تم تحريره من الأرض السورية في سوار دمشق العاصمة ، وعلى الحدود المتاخمة للبنان كرئة يتنفس المدنيون السوريون منها ، وكذا في المنطقة الوسطى ( حمص ) بطبيعتها السكانية وموقعها الاستراتيجي الذي يعني الكثير لبشار الأسد ؛ مع كل هذه التطورات السلبية بالنسبة للشعب السوري وثورته والانتصارات التي لا يجوز التقليل من شأنها بالنسبة للمحتل الروسي والولي الفقيه ومشروعه وأدواته تخرج علينا الناطقة باسم الخارجية الأمريكية ( جنيفر ساكي ) ترد على ما وقف بشار الأسد يتباهى أمام أساتذة وطلاب كلية العلوم السياسية في دمشق ، بأن منحنى الصراع يسير في صالحه ، فتقول أن هذا الكلام ليس صحيحا وأن الحرب الدائرة على الأرض السورية هي حرب استنزاف )
ومع اعتقادنا أن الحرب التي تدور على الأرض السورية هي حرب استنزاف حقيقية لقوى ( الدولة السورية ) التي يشكل الشعب السورية والثورة السورية الركن الركين فيها ، ومع رؤيتنا لسياسات الإنهاك التي يفرضها المجتمع الدولي على الثورة السورية لتستسلم في النهاية لمشيئته في فرض الحلول الترقيعية التي يريدها ، فإننا نميل إلى أن ما أرادته السيدة ساكي هو أن الحرب في سورية هي ( سجال ) وهو المعنى الذي فرحت به قيادات المعارضة المختلفة وأنست به وسكنت إليه وحاولت أن تلتحفه وتتغطى به أمام الرأي العام الوطني الذي لا يزال يحمّلها المسئولية الكاملة عن تطورات الصراع ونتائجه …
إن الحقيقة التي لا ينبغي لها أن تغيب عن عقل عاقل متدبر أن الحرب في سورية ليست سجالا ، وأن التصريح الذي تقدمت به السيدة ساكي ما هو إلا تصريح تسكيني أو تغريري مخادع تحاول فيه الولايات المتحدة أن تغطي على هزيمتها وخيبتها أمام المجتمع السياسي الأمريكي الذي ما فتئ يعيرها بالهزيمة تلو الهزيمة أمام الدب الروسي من أوكرانيا إلى سورية .
كما أن التصريح التغريري المخادع هو في الوقت نفسه محاولة من البيت الأبيض لمداراة عورة صداقة مدعاة للإقليم العربي وللثورة السورية ولقيم الحرية والديمقراطية التي ترفعها ..
دون أن ننسى الانتصارات القيمة التي يحققها الثوار السوريون بدماء الأطفال والنساء في الشمال السوري في حلب وإدلب وحتى مورك من حماة . ودون أن ننسى الاختراق المحدود والمهم الذي حصل على جبهة الساحل ؛ فإن ما جرى ويجري في دمشق والقلمون وحمص لا يمكن أن يوازن استراتيجيا بما يجري في حلب وإدلب …
تقاس الانتصارات في مثل الحرب التي تدور على أرضنا بقيمتها الاستراتيجية وليس بعدد الأشبار التي يضيفها المقاتل إلى رصيده في هذه الجهة أو تلك . إن سياسة قضم المناطق المحررة واحدة بعد الأخرى بدأ من سوار العاصمة دمشق وانتهاء بمركز سورية في حمص ستمكن بشار الأسد من تحقيق انتصارات كبيرة ، ومن ادعاء أشياء أكبر في معركته السياسة أو الانتخابية القادمة . ولن يضر بشار الأسد أن نعيره أن الذي يخطط له إيراني أو روسي ، وهو مستعد لابتلاع المزيد من الإهانات الروسية والإيرانية في سبيل إعادة إحكام قبضته على عنق الشعب السوري .
إن إخلاد قيادات المعارضة والثورة إلى الناصح الكذاب المخاتل والمخادع فيه من الغرور ومن الغرر ما لا يمكن للأجيال أن تغتفره . وإن كل الذين يجلسون في مواقع القرار صغر أو كبر هم شركاء عمليون في تمرير لعبة من يسمون ( أصدقاء الشعب السوري ) على هذا الشعب …
إن عشرين صاروخا أمريكيا مضادا للدرع لا يمكن أن تغير نتيجة الصراع . كما أن صمت المجتمع الدولي على إضافة بشار الأسد للغازات الكيماوية إلى قائمة أسلحته لا يمكن لقيادة معارضة سياسية أن تسكت عنها وإن سكت مدعو الصداقة عنها ..
إن الإصرار على ترك بشار الأسد يرتكب أفظع الجرائم بالقصف الجوي دون التفكير بأي غطاء أو حماية سلبية أو إيجابية لا يمكن لقيادة معارضة سياسية أن تسكت عنها ثم تزعم أن لها في هذا العالم أصدقاء تسايرهم وتتخذ القرارات حسب إرشاداتهم ..
إن سعي قيادة المعارضة إلى الصين للتباحث حول حل سياسي في الوقت الذي يعلن فيه فيصل المقداد : أن الثوار مجموعة من الإرهابيين وأن لا تفاوض على مكانة الأسد في سورية هو من خداع النفس وخداع الثورة والثوار وخداع هذا الشعب المبتلى بكل أنواع الرجال ..
وإذا صح أن الصينيين فعلا هم الذين يزودون بشار الأسد بالقذائف السامة المدمرة من إنتاج شركة ( نورينكو ) الصينية كما وثقت بعض المصادر فإن زيارة وفد المعارضة إلى الصين ستكون ضربا من الخبال …