في مطلع التسعينات من القرن الماضي وبينما كان فريق ( حيدر عبد الشافي ) الفلسطيني يعابث الإسرائيليين في إطار مدريد ، فوجئ العالم ، بأن اتفاقا قد تم إنضاجه وإبرامه ومن ثم الإعلان عنه بين الإسرائيليين والفلسطينيين . اتفاق ما زال موضع جدل بين الفلسطينيين أنفسهم . وكانت زبدته أنه منح بعض القيادات الفلسطينية كينونة ما في ظل السيطرة الإسرائيلية .
لم يفاجأ الرأي العام السوري اليوم من أخبار تتسرب ، بل تتعمد وسائل الإعلام التابعة للقاتل المبير بشار الأسد تسريبها ، عن أوسلو جديد يتم طبخه ، بعيدا عن أصحاب القرار الوطني على الأرض السورية الحقيقيين من رجال الثورة أو الشكليين من رجال المعارضة والائتلاف في مداراتهم المختلفة ..
في الحديث عن أوسلو السوري لا نستطيع الاعتماد على كثير من التفاصيل التي أوردتها وسائل الإعلام لأن الجهات التي تعمدت تسريب المعلومات كلها تابعة لبشار الأسد . وهي قد حاولت أن توظف اللقاء في إطار الحرب النفسية التي تشنها على الشعب السوري وشعوب المنطقة والعالم ..
في جوهر الموضوع أن مؤتمرا دوريا يعقده ( منتدى أوسلو ) بالتعاون بين الخارجية النيروجية ومعهد ( الحوار الإنساني ) قد عقد دورته في الثامن عشر والتاسع عشر من حزيران الجاري تحت عنوان ( مفاوضات من أجل السلام )
وأن وزارة الدفاع النيرويجية قامت بتوجيه الدعوة إلى بثينة شعبان بوصفها مستشارة بشار الأسد . وأن بثينة شعبان قد لبت الدعوة بعد مشاورات مع العديد من الدول منها روسية وأنها قدمت ورقة شرحت فيها وجهة نظر بشار الأسد في الحل في سورية ..
كما أجرت العديد من اللقاءات الجانبية على هامش المؤتمر منها لقاء مع الرئيس الأمريكي الأسبق ( جيمي كارتر ) الذي ينسب إليه المسربون قوله ( لقد نصحتهم ألا يطالبوا برحيل الأسد واليوم لا أرى حلا في سورية إلا بالاعتماد على الأسد )
وكان من الذين التقتهم شعبان جيفري فيلتمان نائب الأمين العام للأمم المتحدة ، وعلينا أن نتذكر خلفية الشخصية المذكورة نفسها ..
علينا أن نذكر أن اللجوء إلى النيرويج لتكون عرابة هذا اللقاء قام على أساس أن النرويج ليس عضوا في الاتحاد الأوربي وهو بالتالي غير ملزم بقراراته من عقوبات ومقاطعة ..
إننا حين نتابع دولة متحضرة مثل النرويج ترضى بأن تستقبل إرهابية بحجم بثينة شعبان صاحبة رواية ( أطفال قتلوهم في الساحل وحملوهم إلى الغوطة ) عن شهداء الكيماوي الأسدي ندرك أن حديث المجتمع الدولي والغرب عن الحرب على الإرهاب والإرهابيين هو حديث خرافة . وأن المقصود بإعلان هذه الحرب بكل تلافيفها هو إعلان الحرب على إنسان منطقتنا : إرادته وحريته وكرامته …
إنه مهما يكن من أمر فإن ما جرى في أوسلو لا يجوز أن يمر على قوى الثورة السورية عابرا . ولا يجوز أن يتكرر تاريخيا اللعب على طيبة الرجل الطيب حيدر عبد الشافي وحنان عشراوي . لا يجوز أن تتكرر اللعبة على الشعب الفلسطيني في سورية ..
المفاوضون السريون والمزعومون باسم الشعب الفلسطيني أو باسم الشعب السوري موجودون دائما هم دائما تحت الطاولة وتحت الطلب أيضا . وهؤلاء هم الذين سيوقعون الصفقات ..
نتذكر اليوم تصريح أوباما الأخير ( لا فائدة من تسليح المعارضة السورية ) تصريح يجعلك تتساءل : هل سيكون المعارضون السوريون الذين وعدوا الشعب السوري بالسلاح والسلاح النوعي رجالا ويتحملون مسئولية تصريحاتهم التي قلنا لهم من أول يوم إنها تصريحات : تخديرية وتغريرية ..؟!
تصريح أوباما الأخير ( لا فائدة من تسليح المعارضة السورية ) ، إلى جانب ما يجري على الأرض السورية من إطلاق كل الأيدي لتقتل السوريين بكل الأسلحة حتى تكسر إرادتهم ، وإلى جانب ما يجري في العراق ؛ سيضعنا ذات صباح قريب جدا أمام اتفاق أوسلو جديد ، يجد بعض المعارضين المتعطشين للضوء بموجبه مقاعدهم في ظل بشار الأسد وإلى جوار بثينة وشعبان ، اتفاق ينبني عليه تقسيم السوريين كما الفلسطينيين إلى منفتحين ووطنيين وإلى متطرفين وإرهابيين …
أيها السوريون الأماجد الأبطال ..
أوسلو لكم بالمرصاد وهو لن يكون مختلفا عن أخيه الفلسطيني ، هل ينفعنا ان نقول : نشجب ونستنكر ونحتج ؟!
أظن أنه لا فرق إن قلنا وإن لم نقل المهم للذين يمسكون بالقرار ان يفعلوا لا أن يقولوا : أحبطوا المؤامرة الجديدة ومعظم النار من مستصغر الشرر .