تصريح الرئيس الأمريكي : لا معارضة سورية … هل هي في بديل للمعارضة أو بديل لأمريكا
لم نكن في أي مرحلة من مراحل هذه الثورة من المنتظرين لدور أمريكي إيجابي في نصرة الشعب السوري أو الثورة السورية . ولم نكن كذلك في التيار العريض من أبناء الشعب السوري في تدفقه الوطني الحر من المراهنين على أمريكا أو على أي دعم أمريكي لمشروع ثورتنا المطالبة للشعب السوري بالحرية والكرامة وحقوق الإنسان ..
وهذه الحقيقة لا تتنافى مع حقيقة أن ثلة من المقامرين السياسيين الذين تواثبوا إلى مواقع قيادة المعارضة ، وبعضا من قيادات المعارضة التقليدية قد خُدعوا بدور أمريكي ، وهوّموا طويلا في دوامة المراهنة على هذا الدور …
لم نؤمن يوما بصدقية ( المشروع الأمريكي ) في أحاديث كذاب عن حرية وديمقراطية وحقوق إنسان في عالمنا العربي الذي دخل في عداد التركة الأمريكية منذ أفلت شمس الاستعمار القديم ..
سياسيا أو ثقافيا لا يمكن أن ننسى أن القوانين العنصرية ( المشرعة للتمييز العنصري ) لم تسقط في أمريكا إلا في ستينات القرن الماضي ، أي منذ نصف قرن تقريبا . وهذا يعني أن الكثير من دهاقين صناع السياسة الأمريكية قد تربوا على حقيقة أن إنسانا يولد أكرم من إنسان ، وأن إنسانا يكون أولى بالحماية والرعاية والحرية والكرامة بحكم مولده ، عرقه وجنسه ومولده وأبويه ، من إنسان آخر . إنه من سوء حظنا أن نعترف أن عالمنا العربي بشكل عام وهويتنا الدينية والمذهبية والوطنية كلها لا تفرزنا على خانة الرضا الأمريكي العنصرية بخلفياتها كما إنها لم تعطنا هذه الأفضلية على قواعد الفرز النازي ..
كنا وما زلنا نؤمن أنه حين يحدثك الغربي عموما والأمريكي خصوصا عن حق الإنسان في الحياة فهو يقصد حياته هو ، وحين يحدثك عن حق الإنسان في الكرامة فهو يقصد كرامته هو ، وحين يحدثك عن حق الإنسان في الحرية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية فهو يقصد حريته هو ،وحين يحدثك عن حق الشعوب في الديمقراطية وفي صنع حاضرها ومستقبلها فهو يقصد حقه هو . حقوقه هو في حفظ كل ذلك لنفسه وفي صنعه للآخرين حسبما يراه هو ويعتقده هو ويحبه هو ..
تحتل أفغانستان لأن بعض الرجال فيها لا يحبون أكل الماكدونالدز ولا شرب الكولا ولا لبس الجينز ولأن بعض النساء فيها يرفضن ….
الهيمنة بكل أبعادها هي جوهر المشروع الأمريكي وباختصار شديد أوجزه صاحب كتاب مستقبل الثقافة في مصر منذ نحو قرن
يجب حسب مفهوم هؤلاء( أن نحب ما يحب الغربيون وأن نكره ما يكرهون ) وإذا كان هذا هو جوهر المشروع الأمريكي فأي نقاط تقاطع بينه وبين مشروعنا القومي أو الوطني أو الثوري نحن الذين آمنا منذ خمسة عشر قرنا بوحدة الإنسانية والكرامة المطلقة للإنسان . لا عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود ولا غالب ولا مغلوب ..
سورية ( الأسد ) كانت منذ عقود تعيش في قلب الحلم الأمريكي ، كما يريدها أن تعيش الأمريكيون ، فالسيارة الأمريكية ، والوجبة الأمريكية ، وعلبة السجائر الأمريكية ،واللباس الأمريكي ، والموسيقا الأمريكية ، والأغنية الأمريكية ، والفيلم الأمريكي ، ظلت هي الخيارات المفضلة في الحياة الرسمية العامة و لدى النخبة الحاكمة بمن فيها المقيم في قصر الرئاسة في دمشق ؛ فعن أي نصرة لثورة مضادة لمشروع الاستهلاك العالمي يتحدث هؤلاء المراهنون والمتخاذلون …
ذرائع الرئيس الأمريكي ، الذي هو جزء من ثقافة قومه المؤسسة على العنصرية المتطلعة إلى الهيمنة والنفوذ ، بالحديث عن انتفاء المعارضة السورية ( المعتدلة ) التي تستحق المساعدة والتي يمكن أن يعوّل عليها في إسقاط بشار الأسد ؛ ساقطة أو متساقطة بأسبقية النضال السوري السلمي الذي دام عشرة أشهر لم يكن فيه عصا ولا حجر غير الدم البريء يسفكه عملاء أوباما وبوتين وخمنئي الطائفيون العنصريون الهمج والمتأمركون حتى في همجيتهم . شعب سورية اليوم يباد كما أبيد الهنود الحمر على يد المستوطنين الأمريكيين من قبل…
خرج علينا خارج بالأمس يبني على تصريح الرئيس الأمريكي الدال والمعبر والخطير ( لا يوجد معارضة سورية معتدلة يمكن التعويل عليها ..) خرج علينا هذا الخارج الكبير يقول إن تصريح أوباما ينبني عليه استحقاق خطير …
وأصغينا فإذا بالرجل يقول : أيها السوريون اخرجوا من جلودكم ، وتنازلوا عن مشروعكم واجعلوا إرضاء أوباما نصب أعينكم وتشكلوا من جديد حسب المقاييس والمعايير الأمريكية ، وكأنه يقول لأوباما ( لك العتبى حتى ترضى ..)
تجدون من الصعب أن تجدوا بديلا عنهم ( أوباما وفريقه ) لذا سيكون أول امرنا أن نجد بديلا عنكم . لا كنتم ولا كان من رضي بكم …
لقد علمتنا الأيام أنه من أصعب الصعوبات تحرير العبيد