حلب مطوقة ، حلب محاصرة ، الأسد ومجرموه وعصاباته يستعدون لاجتياح حلب وللانقضاض على قلب المدينة وسط الشهر الفضيل .. كثير من المقاتلين الأبطال من مقاتلي القطاع الشمالي ( حلب وإدلب ) أصبحوا ، بفعل السياسات الخرقاء أو الواهنة اللامبالية لقادة المعارضة لاجئين أو متقاعدين في كلز ( كلز بالزاي تركية وبالسين حلبية ) ، وفي عينتاب وأنطاكية ، فقد ملّ هؤلاء الأبطال من المطالبة والمناشدة للمتكئين على أرائك لم يفقهوا يوما معنى خذلان مقاتل!!
وبينما خزن بعض قيادات المعارضة العليا الأطنان من الأسلحة في مدنهم النائمة ، وفي قراهم الوادعة على أمل أن يحتاجوها في صراعاتهم المستقبلية أو في حروبهم البينية ؛ فإن من تبقى من الثوار للذود عن حلب اليوم ما زالوا يستغيثون ، ليسجلوا استغاثاتهم لعنة على جبين كل من فرّط وضيع بله كل من خان وغدر .
يستغيث الثوار المجاهدون اليوم طلبا لطلقة الرصاص لسلاحهم الفردي !! فحتى هذا عجز قادة المعارضة السياسية الأشاوس عن تأمينه ، بينما هم يتهاوشون اليوم على زيد أو عمرو ويديرون ظهورهم للمشهد الحق ويستقبلون الباطل بكل ما مُكنوا منه من وقت وجهد .
وبالتوازي مع المصير الغامض ( أقول الغامض للتفاؤل ) الذي يحيط بحلب اليوم ؛ فإن الأخبار الواردة من دير الزور تتحدث عن ترحيل ( 150 ) ألف إنسان عن بيوتهم وأحيائهم ، لا نظن أن لواحد من الممسكين بقرارات الثورة وأموالها فيهم أخا أو أختا أو خالا أو عما ..
أربعون شهرا من عمر الثورة مرت ، والقيادات التي أسلمت العقول والقلوب والقرار للموقف الأمريكي اعتبرت كراسي القرار الثوري مقاعد منظرة وانتظار . فكلما سئلوا لِمِ ؟ وكيفَ ؟ اعتبروا عذرهم حاضرا ، وجوابهم مسكتا ، وحجتهم قاطعة ؛ بالفم الملآن يقولونها ويردون عليك : لم نُعط !!! والمانحون لم يوفوا بوعودهم !!! والأصدقاء لم يكونوا أصدقاء مع أننا تمسكنا بصداقتهم ..!!!
وكل من يتابع المشهد السياسي في سورية والمشهد التعبوي يعلم ، إلا أن يكون من الصم البكم العمي الذين لا يعقلون ، أن الأمريكي وحلفاءه حول العالم ينتظرون بشار الأسد أن ينتصر ، وأن يعيد فرض سيطرته بكل قذاراتها ووحشيتها على الشعب السوري ، على الشعب الحر البطل الأبي الذي أعطى فما أكدى ، وضحى فما قصر ، ضحّى بكل شيء ، وضحى منه كل حر شريف ، ضحى الرجل وضحت المرأة ، ضحى الشاب وضحت الصبية ، ضحى الأب وضحت الأم ، ضحى الكبير وضحى الصغير ، ضحى الجنين في بطن أمه ، وضحت الرضيعة وضحى الرضيع ، وضحت الطفلة وضحى الطفل ؛ كل هذه التضحيات تحملها اليوم هذه القيادات الرخوة في الطابور الأمريكي على كتفيها في انتظار بشار الأسد أن يعيد سيطرته ، يعني أي ينتصر ، وجل همّ هؤلاء الذين يتزاحمون اليوم أن يكون لهم ولو كرسي من قش تحت سقف بشار . سقف بشار هو نفسه السقف الذي علا وجوه السوريين في قرية البيضة في بانياس التي تذكرون .
الأمريكي وحلفاؤه حول العالم لا ينتظرون انتصار بشار فقط ، بل ويستبطئونه أيضا . وقيادات المعارضة المحبنطئة تستبطئ ما يستبطئه الأمريكيون ، لأنها ترى فيه الخلاص من مرحلة ، والنزوان إلى مرحلة طال انتظارها من الكثيرين . شهران أخيران كان الوعد الذي حدده كيري الكاذب لبشار القاتل . قال له إن لم تنتصر خلال شهرين سنزود المعارضة بالسلاح الذي يغير الواقع على الأرض . ولم يخطر على بال أحد أن يسأل عن أي أرض يتحدث كيري بعد شهرين ؟
الذاهبون في طابور الانتظار الأمريكي على اختلاف عقائدهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم ، والراضون عن عجزهم وضعفهم ، والذين ما زالوا ينظرون إلى أدائهم على أنه أداء مناسب على الرغم مما حل بثورتنا وثوارنا في غوطة دمشق وفي القلمون وفي حمص وعلى الرغم مما يحل بنا اليوم في دير الزور وفي الرقة ومما يتربص بنا في حلب ، هؤلاء الفرحون بمقاعدهم المغررون بنرجسيتهم يعدُّون للشعب السوري اليوم بيان معاذيرهم ليثبتوا لنا أنهم كانوا ثوارا وأبطالا وقادة وسياسيين وإنما كل الحق على الاستعمار والامبريالية والصهيونية والصفوية …
الصفوية هذه مشجب عجز جديد يعلق عليه ويتعلق به العاجزون .
قاتل الله أصحاب الغواية والجهل والعجز والغرور أنى يؤفكون …